في زمن كانت فيه الأحلام الكيميائية تدور حول تحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب، يبدو أن العلم الحديث قد اقترب من تحقيق هذا الحلم الأسطوري، ولقد أصبحت صناعة الذهب في المختبرات حقيقة علمية، ليست مجرد خيال كيميائي، حيث يفتح هذا الإنجاز أبوابًا جديدة للابتكار في مجالات التكنولوجيا، والطب، وحتى الاقتصاد.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض أحدث الاكتشافات العلمية التي جعلت من تصنيع الذهب في المختبرات إنجازًا يغير قواعد اللعبة.
من الأسطورة إلى العلم
وعلى مر العصور، حلم الكيميائيون بتحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب باستخدام "حجر الفلاسفة" أو "الإكسير"، وجابر بن حيان، أحد رواد الكيمياء في العصر الإسلامي، كان من أوائل من وضعوا أسس هذا العلم، لكن محاولاته ظلت محصورة في إطار التجارب التقليدية.
واليوم وبفضل التطورات التكنولوجية، أصبح العلماء قادرين على تجاوز هذه الأساطير، مستخدمين تقنيات متطورة مثل الجسيمات النانوية والتفاعلات الكيميائية الدقيقة لإنتاج الذهب في بيئات معملية.
ذهب في خمس دقائق!
وأعلن فريق بحثي أمريكي عن إنجاز كيميائي مذهل نشر في دورية Nature Chemistry، حيث تمكن الباحثون من إنتاج شكل نادر من الذهب باستخدام مادة هاليد البيروفسكايت، وذلك في عملية استغرقت خمس دقائق فقط عند درجة حرارة الغرفة.
وقال الباحث ليندكويست: "انتهى بنا الأمر بمسحوق أخضر داكن، ثقيل بشكل مدهش بسبب محتواه من الذهب".
وهذه العملية، التي تستخدم مكونات بسيطة مثل فيتامين C، تمثل خطوة ثورية في تصنيع الذهب، حيث تقلل من التعقيد والتكلفة مقارنة بالطرق التقليدية.
الجسيمات النانوية مفتاح الذهب الحديث
ولم يتوقف التقدم عند إنتاج الذهب التقليدي، بل امتد إلى تصنيع الجسيمات النانوية الذهبية، التي تعد لبنة أساسية في التطبيقات التكنولوجية والطبية.
وفي دراسة حديثة، قدمت بروتوكولات لتخليق جسيمات ذهب نانوية بقطر 12 نانومتر باستخدام مذيبات عضوية.
وهذه الجسيمات، التي تنتج عبر تفاعلات كيميائية دقيقة، تستخدم في مجالات مثل الطب (لعلاج السرطان عبر العلاج الضوئي) والإلكترونيات (لتحسين الموصلية).
والطريقة السونوكيميائية، التي تعتمد على الموجات فوق الصوتية، أتاحت إنتاجًا فعالًا ومستدامًا لهذه الجسيمات، مما يعزز إمكانية الإنتاج الصناعي.
استخدامات الذهب أبعد من المجوهرات
والذهب لم يعد مجرد رمز للثروة، بل أصبح عنصرًا حيويًا في الصناعات المتقدمة، ففي الطاقة المتجددة، يستخدم الذهب لتحسين كفاءة الألواح الشمسية بفضل موصليته العالية ومقاومته للتآكل.
وفي الطب، تستخدم الجسيمات النانوية الذهبية في تصنيع أقطاب كهربائية لخلايا الوقود الهيدروجينية، حيث جمعت دراسة بين الكركمين وجسيمات الذهب لإنتاج خلايا وقود أنظف، وهذه التطبيقات تظهر أن الذهب ليس مجرد معدن ثمين، بل مكون أساسي في الابتكارات التي تشكل مستقبلنا.
التحديات والتكاليف
ورغم هذه الإنجازات، تبقى صناعة الذهب في المختبرات غير مجدية اقتصاديًا في الوقت الحالي، والعمليات المعملية مكلفة وتتطلب معدات متقدمة، مما يجعل استخراج الذهب من المناجم أو إعادة تدوير النفايات الإلكترونية خيارًا أكثر جدوى.
ومع ذلك، فإن هذه التطورات تفتح المجال لتحسين العمليات مستقبلًا، خاصة مع تزايد الطلب على الذهب في الصناعات التكنولوجية.
ومع استمرار الأبحاث، يبدو أننا على أعتاب ثورة علمية تجعل الذهب متاحًا بطرق لم تكن ممكنة من قبل، ومن تحسين كفاءة الطاقة المتجددة إلى تطوير علاجات طبية مبتكرة، يعيد الذهب تعريف دوره في عالم اليوم.
وربما في المستقبل القريب، تصبح المختبرات مصدرًا رئيسيًا لهذا المعدن الثمين، محققةً حلم الكيميائيين بطريقة علمية بحتة.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
