belbalady.net دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- ربما ترغب بقضاء وقتك في ممارسة هواياتك المفضلة أو لقاء الأصدقاء، لكن لا شيء يبدو مُمتعًا أو مُشوّقًا كما كان في السابق، إذ تجد نفسك تُضيّع ساعة أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي.
قد تكون المشكلة مرتبطة بمستويات "الدوبامين" في دماغك.
تحدثت الدكتورة آنا ليمبكي، أستاذة الطب النفسي وعلوم السلوك في كلية الطب بجامعة ستانفورد، ومؤلفة كتاب "Dopamine Nation: Finding Balance in the Age of Indulgence"، مع شبكة CNN عن ماهية "الدوبامين"، ووظيفته، وكيف يمكن تنظيم مستوياته بشكل صحّي.
قد يهمك أيضاً
CNN: ما هو "الدوبامين" بالضبط؟
الدكتورة آنا ليمبكي: "الدوبامين" عبارة عن مادة كيميائية يُنتجها الدماغ، ويُصنّف تحديدًا كناقل عصبي. تعمل النواقل العصبية على تنظيم الدوائر الكهربائية في الدماغ بدقة عالية.
ببساطة، يُعدّ دماغنا عبارة عن شبكة معقدة من الدوائر الكهربائية، تتكون من خلايا عصبية تشبه الأسلاك، حيث تنقل الإشارات الكهربائية التي تمكّن من معالجة المعلومات، ما يمثل الدور الرئيسي لدماغنا.
تتعدّد وظائف "الدوبامين"، لكنّه يُعرف منذ حوالي 75 عامًا كعنصر أساسي في مشاعر المتعة، والمكافأة، والتحفيز.
رغم أنه ليس الناقل العصبي الوحيد المسؤول عن هذه العمليات، إلّا أنه أصبح أشبه بعملة مشتركة يعتمد عليها علماء الأعصاب لتحديد مدى تأثير بعض المواد والسلوكيات.
قد يهمك أيضاً
CNN: كيف يؤثر "الدوبامين" على صحتّنا النفسية؟
الدكتورة آنا ليمبكي: يلعب "الدوبامين" دورًا محوريًا في الظواهر النفسية المرتبطة بالإدمان.
الإدمان هو مرض ناجم عن خلل في تنظيم مسار مكافأة محدد داخل الدماغ، حيث يعتمد بشكل رئيسي على مادة "الدوبامين".
عند ممارسة سلوك بتأثير تعزيزي، يُفرز "الدوبامين" في مسار المكافأة، حيث يرسل إشارة إلى الدماغ مفادها أن هذا السلوك يستحق التكرار لأنه ضروري للبقاء.
مع وفرة هذه المواد والسلوكيات الجديدة في حياتنا اليومية، تُفرز كميات كبيرة من "الدوبامين" دفعة واحدة، ما يُرهق مسار المكافأة في الدماغ.
نتيجة لذلك، يحاول الدماغ التكيّف عن طريق تقليل إنتاج "الدوبامين" أو نشاطه.
مع مرور الوقت، قد ندخل في النهاية بحالة نقص مزمن في "الدوبامين"، حيث يتغير مستوى سعادتنا أو قدرة دماغنا على الشعور بالفرح.
يُصبح الأفراد بحاجة إلى المزيد من مصادر المتعة، وبأشكال أقوى، ليس بهدف الشعور بالسعادة، بل فقط للتوقف عن الشعور بالسوء.
عند التوقف عن استخدام هذه المواد أو التوقف عن ممارسة تلك السلوكيات، تظهر أعراض الانسحاب الشائعة لدى المدمنين، مثل القلق، وصعوبة النوم، والشعور بالحزن أو الاكتئاب، والرغبة الشديدة في العودة إلى المادة أو السلوك المُدمن.
قد يهمك أيضاً
CNN: هل يقتصر تأثيره على الأشخاص الذين يعانون من إدمان المخدرات أو الكحول؟
الدكتورة آنا ليمبكي: نحن جميعًا اليوم نعيش على طيف الاستهلاك المفرط القهري، الذي يتجه نحو الإدمان، وهو ما يعيد ضبط مستوى سعادتنا.
سنصبح بحاجة إلى المزيد من هذه المُحفّزات حتى نشعر بالمتعة، وعندما نتوقف عن استخدامها، تنتابنا مشاعر الاكتئاب وصعوبة في النوم.
CNN: ما هي الأشياء التي قد تؤدي إلى نقص في "الدوبامين"؟
الدكتورة آنا ليمبكي: هناك العديد من الأنشطة التي تُحفّز إفراز "الدوبامين" في مسار المكافأة داخل الدماغ، وبعضها أنشطة مفيدة وضرورية، مثل التعلّم، أو قضاء الوقت مع الأصدقاء.
المشكلة ليست في إفراز "الدوبامين" بحدّ ذاته، بل في تطويرنا مواد وتقنيات جديدة تُحفّز هذا المسار بشكل مبالغ فيه، مثل وسائل التواصل الاجتماعي، والأطعمة المُسبّبة للإدمان.
هناك دلائل جديدة تظهر أن هذه الوسائط تُفعّل مسارات المكافأة ذاتها في الدماغ التي تنشطها المخدرات والكحول، وتؤدي إلى أنواع الاضطرابات ذاتها التي نراها في حالات الإدمان.
يحدث الأمر ذاته مع السكر، حيث تُفرز الأطعمة المعالجة بشكل مفرط "الدوبامين" في الدماغ، وتؤدي إلى سلوكيات شبيهة بتلك التي نراها عند مُدمني المخدرات أو الكحول.
CNN: كيف يمكننا معرفة ما إذا كانت مادة أو سلوك ما سبب المشكلة؟
الدكتورة آنا ليمبكي: هناك العديد من العوامل المُسبّبة للإدمان، أحدها يتمثل بالقوة والفعالية، أي كمية "الدوبامين" التي تُفرز في مسار المكافأة، وسرعة هذا الإفراز.
هناك عوامل أخرى بسيطة لكنها مؤثرة، مثل سهولة الوصول إلى المادة أو السلوك.
كلّما سهُل الوصول إلى المادة، زادت احتمالية استخدامها المُتكرّر، وبالتالي زادت مخاطر الإدمان.
هناك عامل آخر يُسهم في الإدمان، أي كمية وتكرار التعرض للمُحفّزات. فكلّما تلّقى الدماغ دفعات متكررة من "الدوبامين"، زادت احتمالية حدوث تغييرات وتكيفات تؤدي في النهاية إلى حالة الإدمان.
أما معايير تشخيص الإدمان، فهي متشابهة تقريبًا في مختلف التعريفات، وتشمل الاستخدام الخارج عن السيطرة، والاستخدام القهري، والرغبة الشديدة، والاستمرار في الاستخدام رغم العواقب السلبية.
قد يهمك أيضاً
CNN: كيف يمكننا معالجة نقص "الدوبامين"؟
الدكتورة آنا ليمبكي: أوصي بتجربة الامتناع لمدة 30 يومًا عن السلوك أو المادة المُسبّبة للإدمان، وليس عن جميع مصادر المتعة.
لماذا 4 أسابيع؟
تساعد هذه المدة الدماغ على إعادة ضبط مسار المكافأة. وغالبًا ما يشعر الشخص بتعب أو انزعاج في البداية، لكنه بعد 10 إلى 14 يومًا يبدأ بالتحسّن تدريجيًا.
بعد انتهاء فترة الامتناع، إذا رغب الشخص في العودة إلى استخدام السلوك أو المادة، فيجب أن يضع خطة واضحة تتضمن: تحديد ما سيستخدمه، وعدد مرات الاستخدام، والكمية، والظروف التي سيتم فيها الاستخدام، وآلية متابعة حالته، بالإضافة إلى التعرّف إلى العلامات التحذيرية التي قد تدلّ على عودته للإدمان.
بالنسبة للطعام، فلا يمكن الامتناع عنه، ولكن يمكن التوقف عن استهلاك السكر والأطعمة المُصنّعة بشكل مُفرط.
قد يهمك أيضاً
CNN: كيف يمكننا الاستمتاع بالأشياء المبهجة دون أن نصل إلى حالة نقص في "الدوبامين"؟
الدكتورة آنا ليمبكي: المسألة ليست في الابتعاد عن المتعة تمامًا، بل في إعادة توازن مستويات "الدوبامين" حتى تمنحنا المتع البسيطة شعورًا حقيقيًا بالمكافأة.
وهذا التوازن لن يتحقّق ما دمنا ننغمس باستمرار في مصادر المتعة السهلة، والسريعة، وذات التأثير القوي.
أتحدث كثيرًا عن مفهوم ’الربط الذاتي‘، أي تقييد النفس ومنعها من الوصول السهل والمستمر إلى هذه المتع الرخيصة والقوية، حتى لا نقع في دائرة الإدمان من جديد.
ولكن ذلك يتطلب إرادة قوية، لأننا نعيش في عالم يُشجّعنا باستمرار على الاستهلاك، ويقنعنا بأن الاستهلاك هو طريق السعادة.
وقد يتطلّب الربط الذاتي وضع بعض الحواجز أحيانًا.
على سبيل المثال، إذا كانت المشكلة تتعلّق بالطعام، فمن الأفضل تجنب تخزين الأطعمة المعالجة أو السكرية في المنزل.
أما إذا كانت المشكلة مع المخدرات أو الكحول، فعدم توفرهما في المنزل يُسهم في التقليل من فرص التعاطي بشكل كبير.
في حالة الوسائط الرقمية، يمكن التحكم في أوقات الاستخدام كاستراتيجية للربط الذاتي.
نظرًا إلى أننا نميل إلى تقليد سلوك من حولنا، فإن وجودنا مع أشخاص يستخدمون المواد أو يمارسون السلوكيات بشكل معتدل وصحّي يساعدنا على الالتزام بالطرق التي نرغب بها لأنفسنا.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"