أثار هدم المعلمة الكولونيالية “كاسا بيسكا” (Caza Pesca)، المتواجدة في قلب مدينة الناظور، استياء عارما لدى فاعلين جمعويين وعموم ساكنة المدينة التي اعتبرت عملية الهدم “جريمة في حق تاريخ المنطقة”.
وعبر عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عن حسرتهم الشديدة لقيام جرافات بهدم البناية التاريخية، التي ظلت صامدة في وجه الزمن منذ الحقبة الاستعمارية الإسبانية.
“كاسا بيسكا” أو نادي الصّيد بالترجمة العربية، هي بناية كولونيالية شُيدت في وسط مدينة الناظور منذ أربعينات القرن الماضي، ضمن بنايات أخرى عمدت السلطات الاستعمارية الإسبانية إلى بنائها كمرافق عمومية ثقافية وفنية وترفيهية.
وظلت “كاسا بيسكا” تستقبل أنشطة ثقافية وعروضا سينمائية ومسرحية إلى أن أغلقت أبوابها بعد انتهاء الفترة الاستعمارية، وبقيت عرضة للإهمال والنسيان إلى أن طالها قرار الهدم.
في تدوينة له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وجه حكيم شملال، مستشار جماعي منسق حركة “متطوعون من أجل الناظور”، رسالة إلى عامل الإقليم عنونها بـ”احتجاج على هدم المعلمة التاريخية كاسا بيسكا وتحذير من محو الذاكرة المعمارية بالإقليم”.
وقال شملال: “بأسى بالغ، تابعنا عملية هدم المعلمة التاريخية كاسا بيسكا الواقعة في قلب مدينة الناظور، وهي معلمة ارتبطت بذاكرة الأجيال، وشكلت رمزا من رموز المشهد الثقافي المحلي، حيث شهدت على حركية اجتماعية وفكرية، وكانت بمثابة فضاء غير رسمي للتفاعل الثقافي والمدني في مراحل عدة من تاريخ المدينة”.
وأضاف منسق حركة “متطوعون من أجل الناظور” أن ما “حدث لا يمكن اعتباره إجراء إداريا بسيطا أو شأنا بلديا صرفا، بل هو اعتداء مباشر على ذاكرة المدينة وتاريخها، ويمس بصورة خطيرة بمسؤوليتكم الإدارية والأخلاقية بصفتكم المشرف الأول على حماية المصلحة العامة بالإقليم”.
وتابع المتحدث في رسالته إلى عامل الإقليم قائلا: “لقد كان بإمكانكم، بصفتكم منسقا للسلطة الترابية، التدخل لوقف هذه العملية، أو على الأقل تعليقها ريثما يتم تقييم القيمة التاريخية للمبنى وفق القانون رقم 22.80 المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات والتحف الفنية والعاديات، خاصة مادته الثانية التي تمنع هدم أي مبنى ذي قيمة معمارية أو تاريخية، ولو لم يكن مرتبا رسميا”.
وطالب شملال وزارة الداخلية والمفتشية العامة للإدارة الترابية بـ”فتح تحقيق عاجل ومحايد لتحديد المسؤوليات ومحاسبة كل من ساهم في هذا الإهمال أو التواطؤ، وإصدار قرار عاجل بتجميد أي عملية هدم أو تفويت تخص الثكنة العسكرية في أزغنغان إلى حين فتح مشاورات جادة مع الفاعلين المحليين والمجتمع المدني”، داعيا في الختام إلى إطلاق ورش تشاركي لإحصاء وتقييد المعالم التاريخية المتبقية بالإقليم ضمن سجل التراث الوطني، وفق مقاربة تنموية تحترم الهوية والذاكرة.