يشهد العالم حالة من الاضطرابات المالية المتزايدة، وتبدو العملات الورقية وكأنها تسير بخطى واثقة نحو فقدان مكانتها التقليدية كمخزن آمن للقيمة، فمع تضخم يتسلل بهدوء إلى تفاصيل الحياة اليومية، وسياسات نقدية تفتح الباب أمام طباعة غير محدودة للنقود دون غطاء حقيقي، يتكشف تدريجيا أن الورقة النقدية لم تعد تمثّل قوة شرائية مستقرة، بل عبئا قابلا للتآكل.
الأنظمة المالية لم تعد تمنح الشعوب ما يكفي من الثقة لضمان استقرار مدخراتهم، والبنوك المركزية باتت عاجزة عن كبح جماح التوسع المالي الذي يضعف العملة ويفقدها قيمتها تدريجيا، وفي هذا السياق، تبرز الحاجة إلى البحث عن أصول بديلة، تمتلك خصائص الندرة والحماية، وتخرج عن دائرة تحكم الحكومات.
مستقبل العملات الورقية في خطر
في هذا السياق، أكد الملياردير المكسيكي ريكاردو ساليناس، الذي أطلق تحذيرات صريحة بشأن ما وصفه بانهيار وشيك للنظام المالي القائم على العملات الورقية، داعيًا إلى إعادة النظر في طريقة تعاملهم مع ثرواتهم، والاتجاه نحو الذهب والبيتكوين كملاذين أكثر أمانا.
أكد ساليناس، خلال ظهوره في بودكاست "What is Money" مع الخبير روبرت بريدلوف، أن العقارات، رغم أهميتها المعيشية، لا تمثل أصولا نادرة على المدى الطويل، ويمكن دائما بناء المزيد منها، بينما البيتكوين يظل أصلا محدودا وغير قابل للإنتاج الإضافي، وهو ما يجعله أكثر قدرة على حفظ القيمة.
المستقبل في “البيتكوين”
وأوضح أن البيتكوين يتفوق بخصائصه الانكماشية وسهولة نقله، مما يجعله أداة مثالية لمواجهة التدهور المستمر في العملات الورقية، معتبرًا أن هذا الأصل الرقمي بات ضرورة في عالم لم يعد يمكن التنبؤ بثباته المالي.
في واحدة من أكثر مواقفه جرأة، وجه ساليناس نصيحة مباشرة قال فيها: "إذا كنت تظن أن منزلك هو استثمارك الحقيقي، فبعه واشتري بيتكوين"، مضيفا أن العقارات لم تعد تحمي المدخرات كما كان يعتقد، بل إن تسييلها وتحويلها إلى بيتكوين يُعد خطوة وقائية ضد فقدان الثروة.
بل وذهب إلى أبعد من ذلك، حين شجع الناس على الحصول على قروض طويلة الأجل بضمان ممتلكاتهم العقارية، من أجل استثمار السيولة الناتجة في البيتكوين.
انتقادات لاذعة للنظام النقدي العالمي
هاجم ساليناس النظام القائم على العملات الورقية، معتبرا أنها أداة في يد الحكومات "لسرقة المواطنين عبر التضخم"، متهمًا البنوك المركزية بترويج وهم الاستقرار، بينما تدار السياسات المالية بمنطق التوسع غير المحدود على حساب القيمة الحقيقية للنقود.
استند ساليناس في تحذيراته إلى ما عاشه شخصيا خلال أزمة التضخم المفرط في المكسيك في ثمانينيات القرن الماضي، عندما انهار سعر صرف البيزو من 20 إلى 3000 مقابل الدولار خلال ست سنوات فقط، واعتبر أن ما يجري اليوم في عدد من الاقتصادات الكبرى يشبه تلك المرحلة، ولكن في ثوب أكثر تنظيمًا وهدوءا، دون أن يقل خطرا أو أثرا.
الذهب والبيتكوين.. مستقبل الاستثمار عالميا
بحسب رؤيته، لا توجد أصول قادرة على الصمود أمام التآكل النقدي سوى الذهب والبيتكوين، واصفًا إياهما بأنهما "الملاذ الحقيقي للمدخرين"، كما رفض بشكل قاطع العملات الرقمية الصادرة عن الحكومات، قائلًا إنها تهدف إلى "فرض سيطرة مركزية شاملة على الثروات الفردية تحت غطاء التطور التكنولوجي".
وفي كتابه الجديد “تنوير البيتكوين”، وسع ساليناس رؤيته، معتبرا أن البيتكوين ليس مجرد أصل مالي، بل أداة أخلاقية تقف في وجه الاستبداد الاقتصادي، وسلاحا فكريا يدعم ما وصفه بـ"الوعي النقدي".
وختم قائلا: “كلما أدركنا قوة البيتكوين مبكرًا، ازدادت فائدته.. إنها بداية حقبة جديدة في المال، ومن يستيقظ أولًا سيكون أكثر حظًا في المستقبل”.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
