belbalady.net القاهرة، مصر (CNN)-- أعلنت الحكومة المصرية، الأربعاء، عن سبب قرار صندوق النقد الدولي دمج المراجعتين الخامسة والسادسة من القرض المقدم للبلاد، وذلك لتأخر تنفيذ برنامج بيع الشركات المملوكة للدولة، وأرجعت سبب هذا التأخير بتخوفها من الظروف الجيوسياسية بالمنطقة ستؤثر على القيمة العادلة لبيع الأصول الحكومية.
وعلق خبراء على موقف صندوق بقولهم إن الحكومة نفذت العديد من بنود الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع الصندوق باستثناء بيع الشركات الحكومية، بسبب التوترات التي شهدتها المنطقة.
واتفقت مصر على الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار في ديسمبر/ كانون الأول 2022، ورفع قيمته في مارس/ آذار 2024 إلى 8 مليارات دولار مقابل تطبيق إصلاحات اقتصادية واسعة شملت تطبيق نظام سعر صرف مرن، وتنفيذ سياسة نقدية لخفض معدلات التضخم، وإلغاء دعم برامج الإقراض، وخفض نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي وتقليص الاستثمارات الحكومية.
قد يهمك أيضاً
وبالفعل نفذت الحكومة معظم بنود الاتفاق مع صندوق النقد باستثناء بيع أصول مملوكة للدولة، إذ أعلنت نهاية العام الماضي، عزمها بيع 10 شركات لمستثمر استراتيجي أو بالبورصة خلال 2025، منها 4 شركات تابعة للجيش- وفق بيانات رسمية- إلا أنه لم يتم إجراء أي بيع خلال الفترة الماضية.
وزار وفد من صندوق النقد الدولي، مصر خلال مايو/ أيار لإجراء المراجعة الخامسة من برنامج الإصلاح الاقتصادي قبل الموافقة على صرف شريحة من القرض بقيمة 1.2 مليار دولار، وخلال هذه الزيارة، أكدت الحكومة، تنفيذ 21 صفقة ضمن برنامج الطروحات الحكومية مقابل 6 مليارات دولار، على المدار السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، وعزمها استكمال البرنامج، وفق بيان رسمي.
وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب فخري الفقي، إن الحكومة أصدرت وثيقة سياسة ملكية الدولة في 2022 والتي تستهدف زيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي عبر تخارج كلي أو جزئي للدولة من بعض الأنشطة الاقتصادية، وبيع 50 شركة وأصل مملوك للدولة إلى مستثمرين خاصة أجانب، لزيادة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد، وزيادة تدفقات النقد الأجنبي.
وأضاف أن المخاطر الجيوساسية التي شهدتها المنطقة، أثرت على تقييم هذه الأصول، في ظل المخاطر والتوترات الجيوسياسية، مما دفع الحكومة إلى تأجيل بيع هذه الأصول، انتظارًا للحصول على عروض بقيمة عادلة عقب استقرار الأوضاع.
وأكد الفقي، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، أن الحكومة المصرية عازمة على زيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، بدليل الإجراءات والحوافز التي اتخذتها مؤخرًا لتحسين مناخ الأعمال وتسهيل الإجراءات والتراخيص اللازمة لسرعة بدء الأنشطة الإنتاجية، وكذلك تقليص الاستثمارات العامة بالموازنة، مع إلغاء الإعفاءات والمزايا التفضيلية للشركات الحكومية لخلق بيئة ومنافسة عادلة في السوق المصري.
وفي منتصف 2023، أقر البرلمان قانون بإلغاء الإعفاءات المقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية، بهدف كفالة فرص عادلة لمختلف الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية في المعاملات المالية المنظمة لها، وفق بيان رسمي.
ويرى فخري الفقي أن الحكومة قد تطرح بيع حصص من الشركات المملوكة للدولة عبر البورصة خلال النصف الثاني من العام الحالي، لتجنب بيع الأصول بأقل من قيمتها العادلة، وكذلك تجنبًا للمحاسبة والمحاكمات عقب الخروج من السلطة، وفي الوقت نفسه تحقيق مستهدفات الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، مشيرًا إلى أن الحكومة نجحت في تحقيق العديد من مستهدفات هذا الاتفاق وعلى رأسها تطبيق مرونة في سعر الصرف، وزيادة حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي، وخفض معدلات التضخم.
وارتفع صافي الاحتياطيات الدولية ليصل إلى 48.7 مليار دولار في نهاية يونيو/ حزيران، للشهر الـ34 على التوالي، ليصل إلى مستوى تاريخي غير مسبوق، بحسب بيانات البنك المركزي، كما ارتفع صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك التجارية ليسجل 4.8 مليار دولار - وهو أعلى مستوى منذ فبراير/ شباط2021 - بزيادة شهرية بقيمة 3.2 مليار دولار، وفق بيانات البنك المركزي.
وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان إن بيع الأصول الحكومية من خلال البورصة "سيوفر عائد مجزي للحكومة بديل عن البيع لمستثمر استراتيجي في ظل الظروف التي تشهدها المنطقة من عدم استقرار، كما سيحقق فرص للمواطنين الراغبين في استثمار مدخراتهم بعد انخفاض عوائد الشهادات البنكية".
وفي تصريحات صحفية، أكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أن الحكومة "حققت تقدمًا في برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي"، معددًا أبرز المؤشرات وهي تحقيق فائض أولي مرتفع بالموازنة العامة، وزيادة حجم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، وتطبيق مرونة في سعر الصرف، وترشيد الإنفاق العام بوضع سقف للاستثمارات العامة لا يتجاوز تريليون جنيه، مع زيادة مساهمة القطاع الخاص في حجم الاقتصاد.
وقال الخبير الاقتصادي وعضو لجنة الاقتصاد الكلي الاستشارية لمجلس الوزراء، مدحت نافع، لـCNN بالعربية، إن "تأجيل تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية جاء بسبب مقاومة من بعض الجهات الحكومية خاصة بوزارة قطاع الأعمال من تخارج الدولة من النشاط الاقتصادي، والضغوط التي تواجه الاقتصاد المصري نتيجة التوترات الجيوساسية بالمنطقة مما يؤثر على بيع الأصول وفق القيمة العادلة لها، وذلك بسبب المخاطر التي تتعرض لها المنطقة، وجفاف السيولة"، على حد وصفه.
وأضاف أن "تحقيق أعلى عائد من أصول الدولة مرتبط بتحقيق استقرار في المنطقة، وتسهيل إجراءات الطرح".
وفي آخر حصر لعدد الشركات المملوكة للدولة حتى 30 سبتمبر/ أيلول 2024، بلغت 709 شركات، منها 163 شركة تتجاوز نسبة مساهمة الدولة فيها 75%، وحققت 373 شركة مملوكة للدولة أرباحًا، فيما حققت 138 شركة خسائر، بينما لم تستكمل 198 شركة قوائمها المالية، وتتركز الشركات المملوكة للدولة في 18 نشاطًا رئيسيًا تأتي في المقدمة الصناعات التحويلية بواقع 200 شركة، وفق تقرير رسمي لمجلس الوزراء.
غير أن نافع أبدى تفاؤله في مضي الحكومة قدمًا في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية بعد إقرار قانون تنظيم ملكية الدولة للشركات، والذي يتضمن إنشاء وحدة مركزية بمجلس الوزراء تتولى حصر كافة الشركات المملوكة أو التي تساهم فيها الدولة وإعداد قاعدة بيانات لها، وتحديد آليات التخارج الأنسب من الشركات، مما يجهز شركات حكومية للطرح خلال الفترة المقبلة.
وكان البرلمان أقر، في يونيو، قانون تنظيم ملكية الدولة للشركات، تضمن 14 مادة تحدد الشركات المخاطبة بالقانون وهي المملوكة لوحدات الجهاز الإداري للدولة من وزارات ومصالح وأجهزة ووحدات الإدارة المحلية، والأجهزة التي لها موازنات خاصة، وإنشاء وحدة حصر ومتابعة الشركات المملوكة للدولة، برئاسة رئيس تنفيذي متفرغ، على أن تتولى تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة وفق توقيتات ومستهدفات محددة، وتشجيع المشاركة مع القطاع الخاص.
وأشار مدحت نافع إلى أن الحكومة نجحت في تنفيذ العديد من بنود مسارات الإصلاح الاقتصادي، بشهادة صندوق النقد الدولي ذاته، والذي قدر الظروف التي تواجه الاقتصاد المصري قبل حتى اندلاع الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران، مما يتوجب عليه أن يتفهم أسباب تأخر الدولة عن المضي قدمًا في تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة.