قال الدكتور أحمد نبوي ، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، إن من أعظم صور البركة التي رأيناها في حياة الصحابة، ما حدث مع سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنه، حيث دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "اللهم علّمه الحكمة"، موضحًا أن الحكمة هي "وضع الشيء في موضعه"، وقد ظهرت آثار هذا الدعاء في حياة ابن عباس، علمًا وفهمًا وتوفيقًا.
وأضاف خلال حلقة برنامج "منبر الجمعة"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس، أن سيدنا عبد الله بن عباس كان ذكيًّا نابغًا منذ صغره، وقد نشأ في بيت النبوة، فأبوه هو العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن مع ذلك فإن بركة دعاء النبي له كانت سببًا في أن يصبح إمامًا يُرجَع إليه، وعالمًا كبيرًا يُوثق بعلمه، ويُسمع لقوله، ويُحتكم إلى فقهه، خاصة في الفتن الكبرى التي مرت بالأمة في زمن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وأكد أن هذا المشهد يعطينا دروسًا عظيمة، أولها أن ندعو لأبنائنا ومن نلمس فيهم علامات النبوغ والتفوق، وأن نأخذ بأيديهم ونقدم لهم كل ما نستطيع من دعم ومساندة، سواء على المستوى الفردي، أو الأسري، أو المؤسسي، لأن هذه الرعاية تصنع قادة مؤثرين في مستقبل الأمة.
وأشار إلى أن ابن عباس لم يكتفِ بالعلم والتنظير، بل تحمّل المسؤولية عندما رأى فئة من الناس بدأت تنحرف وتتطرف في فهمها للدين، وتتشدد في غير موضع التشدد، وتلبّس على العامة أمور دينهم، فسارع إلى المبادرة، وذهب إليهم بنفسه، وحاورهم، وناظرهم، وردّ عليهم بالحجة والبرهان، فكان موقفه نموذجًا يُحتذى في منهجية الدعوة والإصلاح.
وشدد على أن هذا واجب العلماء والدعاة والمثقفين في كل زمان، لا سيما في وقتنا الحالي، حيث يتعرض بعض الشباب لأفكار مضللة من هنا وهناك، مؤكداً: "يجب أن نمد أيدينا إلى هؤلاء الشباب، فمهما انحرفوا فكريًا، هم أبناؤنا، ونحن منهم، وعلينا أن نتحاور معهم ونفهمهم ونجيبهم، بلا سقف للأسئلة، ولا حواجز أمام المعرفة".
وأكد على أن منهج الحوار، والانفتاح، والرجوع للعلم الصحيح، هو الطريق الأمثل لمواجهة التيارات المنحرفة، تمامًا كما فعل سيدنا عبد الله بن عباس، الذي قدّم نموذجًا خالدًا في الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وردّ الشباب المتأثرين بالفكر المتشدد إلى جادة الصواب.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.