كشفت تحقيقات نيابة شمال الجيزة عن واحدة من أخطر قضايا الفساد المالي داخل الجمعيات الأهلية المرتبطة بالجهات الحكومية، حيث جرى إحالة أمين عام جمعية خدمات العاملين بجهاز تنمية المشروعات والسابقين وأسرهم إلى محكمة الجنايات، بعد ثبوت تورطها في اختلاس وتزوير مستندات رسمية بمبالغ تتجاوز 6 ملايين و700 ألف جنيه.
بداية القضية: شيكات بلا مستندات
وفقًا لأمر الإحالة الصادر عن المستشار تامر صفي الدين، المحامي العام الأول لنيابات شمال الجيزة، فقد استغلت المتهمة موقعها كأمين عام الجمعية، وقامت بصرف ملايين الجنيهات من الحسابات البنكية للجمعية بموجب شيكات معتمدة من مجلس الإدارة، على أن يتم توجيه تلك الأموال لشراء سلع معمرة وهواتف محمولة، وصرف منح اجتماعية، وتنظيم رحلات ترفيهية ودينية لأعضاء الجمعية.
لكن المتهمة لم تلتزم بالضوابط، إذ استولت على تلك الأموال لنفسها، دون تقديم ما يُثبت صرفها في أوجهها الشرعية، بل عمدت إلى تزييف مذكرات وإيصالات صرف بأسماء موظفات لا يعملن بالجمعية.
التزوير: مرتبات وهمية وتوقيعات مزورة
المتهمَة لم تكتف بالاستيلاء على الأموال، بل قامت بتزوير مذكرات صرف شهرية، وإدراج أسماء وهمية لاثنتين من الموظفات غير الموجودات فعليًا بالجمعية، كما قامت بتزوير توقيعاتهن على إيصالات استلام نقدية، وذلك بهدف إخفاء الواقعة، وتبرير الصرف أمام مجلس إدارة الجمعية.
وقد أثبتت تحقيقات النيابة، والتقارير الفنية الصادرة من الإدارة العامة لأبحاث التزوير، أن المتهمة هي التي حررت بخط يدها كافة البيانات الواردة في تلك الإيصالات المزورة.
تقرير التفتيش المالي: أربع مخالفات خطيرة
فحصٌ مالي أجرته لجنة من إدارة الزيتون للتضامن الاجتماعي امتد لخمس سنوات، كشف وجود عجز مالي يتجاوز 7 ملايين جنيه داخل حسابات الجمعية. وجاءت المخالفات على النحو التالي:
1. عجز بنكي قدره 4.2 مليون جنيه بين ما تم صرفه من شيكات وما تم تحصيله فعليًا من أقساط الأعضاء.
2. صرف شيكات بمبلغ 1.221 مليون جنيه دون أي مستندات مؤيدة.
3. منح وإعانات اجتماعية مزيفة بلغت أكثر من مليون جنيه، صرفت لأعضاء لا يستحقونها أو لم يستلموها.
4. مرتبات شهرية مزورة باسم موظفتين غير موجودتين، بقيمة 228 ألف جنيه، مع توقيعات مزيفة على إيصالات الاستلام.
أقوال الشهود: مسؤولية كاملة على المتهمة
شهد مفتشون ماليون وخبراء من إدارة الكسب غير المشروع أن المتهمة كانت تحتكر كافة التعاملات المالية والإدارية داخل الجمعية، وتقوم بنفسها بصرف الشيكات، وتحصل المقدمات والأقساط من الأعضاء، وتُجري عمليات التسوية دون رقابة.
كما ثبت من التحقيقات أن المتهمة كانت توقع إفادات رسمية تتحمل فيها كامل المسؤولية عن أعمال الجمعية، مما يعزز من مسؤوليتها المباشرة عن كل المخالفات المالية والإدارية التي وقعت.
تحريات الأموال العامة: اختلاس ممنهج
تحريات العقيد طارق حسن السيد، وكيل الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، أكدت أن المتهمة استولت على أموال الجمعية عبر تزييف مستندات مرتبات، وتزوير توقيعات، وإخفاء مستندات أصلية كان من المفترض تقديمها لمجلس الإدارة عند إصدار الشيكات.
كما أثبتت التحريات أن صرف المرتبات الوهمية تم على مدار أشهر طويلة، دون أن يتم اكتشاف الأمر، وهو ما يطرح تساؤلات خطيرة حول الرقابة والمتابعة داخل الجمعية.
إقرار جزئي.. وتبريرات واهية
في أقوالها أمام النيابة، أقرت المتهمة بجزء من الوقائع، وأكدت أنها كانت تتولى صرف الشيكات والتعامل مع الأعضاء مباشرة، كما أقرت بوجود مرتبات تُصرف باسم موظفتين لا تعملان بالجمعية، لكنها بررت ذلك بـ "ظروف خاصة" لبعض الأعضاء، دون تقديم مبرر قانوني أو لائحة داخلية تسمح بهذا السلوك.
المبلغ المختلس: 6،711،977 جنيهًا
خلصت النيابة العامة، بناءً على تقارير لجنة الخبراء، إلى أن إجمالي المبلغ الذي تم اختلاسه يبلغ 6 ملايين و711 ألفًا و977 جنيهًا، مطالبة برد المبلغ كاملًا.
وقد أمرت النيابة بإحالة المتهمة إلى محكمة الجنايات، بتهم تشمل الاختلاس، التزوير في محررات رسمية، والإضرار العمدي بأموال ومصالح جهة عملها.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"