بعدد من المؤسسات العلمية والأكاديمية بالعاصمة الرباط يناقش علماء اجتماع من أزيد من مائة دولة مستجدات العالم سوسيولوجيّا، في إطار “المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا”، الذي استقبل افتتاحه مسرح محمد الخامس، وتنظّم فعالياته بكلية علوم التربية وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، والمدرسة المحمدية للمهندسين، والمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي.
وفي سابقة؛ تنظم هذه الدورة بدولة في القارة السمراء ومنطقة “الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، بشراكة بين “الجمعية الدولية للسوسيولوجيا”، و”جامعة محمد الخامس بالرباط”، و”الهيئة المغربية للسوسيولوجيا”، حول موضوع: “معرفة العدالة في الأنثروبوسين” وهو مفهوم علمي جديد يتزايد النقاش حوله، يرى أن النشاط الإنساني المتسارع له أثر غير قابل للتراجع عنه في الأرض، ما أحدث عصرا جيولوجيا جديدا يسمّى: “الأنثروبوسين”.
وحول المشاركة المغربية في التنظيم قال عبد الفتاح الزين، المنسق الوطني للهيئة المغربية للسوسيولوجيا، إن “المغرب بلد الحوار”، لكن “هناك فيه من لا يفهم دور السوسيولوجيا، ومن لا يؤمن بمكانتها التي تحتلها اليوم بالبلاد، من قيمة واعتراف بالمحفل الأكاديمي، ما يجعلنا نستقبل منتدى من هذا الحجم، بمشاركة واسعة لم تتحقّق في تاريخ الجمعية الدولية للسوسيولوجيا”، وزاد: “هذا المنتدى العالمي أيضا ينظم لأول مرة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط”.
وتابع الزين في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “نشتغل ونعرف كيف نجعل من المدرسة المغربية للسوسيولوجيا مرجعا؛ فعلم الاجتماع لم يدخل المغرب صدفة، ولا يمكن كتابة تاريخ السوسيولوجيا المغربية بلغة واحدة. وقد استطاع علم الاجتماع التطور رغم ما عاشه من سنوات عجاف، وعلينا أن نعلم أن تطوره الأخير وليد مسار ديمقراطي لا رجعة فيه”.
وواصل المتحدث ذاته: “نشتغل بهدوء وتؤدة ونحاول مساعدة بلدنا بالإمكانيات التي لدينا، في احترام لدورنا الأكاديمي، علما أننا لسنا مع ما تسمى ‘معرفة السلطة’، أي المعرفة التي في خدمة السلطة، بل مع ‘سلطة المعرفة’؛ وبالتالي ندافع عن حصانة الباحث، وحرية التعبير والرأي، وحرية التفكير، وحرية البحث في الموضوعات”.
وحول موضوع المنتدى العالمي علّق عالم الاجتماع ذاته قائلا: “عبر مناقشة معرفة العدالة في الأنثروبوسين نحاول أن نعرف عن أي إنسان نتحدث؟ وعن أية عدالة في هذا النظام العالمي الذي كثرت فيه التوترات والصراعات، فيما المعارضون كثر ولا برامج لهم؟”.
ثم أردف الزين: “الأنثروبوسين لأول مرة يناقش على الصعيد العالمي بهذا الكم من المشاركين والمقاربات، وبلادنا قد راكمت تجارب لها علاقة بالموضوع، مثل تنظيم قمّة المناخ العالمية، والمنتدى العالمي للهجرة والتنمية، ومؤتمر الميثاق العالمي للهجرة النظامية والمنتظمة والآمنة”.
وأكّد المتحدث، في تصريحه لهسبريس، أن البلدان تتقدّم بمفكريها، مسلّطا الضوء على “أهمية السوسيولوجيا، خاصة في الهندسة المجتمعية”.
ومن بين ما يحمله هذا المنتدى الدولي من فائدة لعلم الاجتماع بالمغرب، وفق منسق الهيئة المغربية للسوسيولوجيا، أنه “لمدة خمسة أيام يلتقي الطلبة الشباب، مؤطَّرين بالأساتذة، بأساتذة كبار قرؤوا عنهم ولم يروهم”، وواصل: “نريد بهذا المنتدى فتح ما نسميه السوق العلمية؛ أي أن يلتقي رؤساء جامعتنا وشعبنا وعمداء كلياتنا ومدرو مؤسساتنا بباحثين، ويوقعوا معهم اتفاقيات ويجلبونهم كموارد بشرية. كما أن الباب مفتوح لمغاربة العالم، الذين نحتاجهم لا ليرجعوا، بل ليفتحوا لنا آفاق تطوّر طلبتنا وتكوينهم. ونفتح الباب أيضا للأجانب من غير المغاربة المهتمين بالمغرب مباشرة أو من خلال اهتمامهم بمحيطه المتوسطي والأطلسي”.
تجدر الإشارة إلى أن افتتاح المنتدى الدولي لعلم الاجتماع عرف تعبير رئيس “الجمعية الدولية للسوسيولوجيا” المنظِّمة له، في قلب تصفيقات علماءِ اجتماع من عشرات الدول، عن تضامن الموعد العلمي “مع زملائنا في فلسطين (…) في ظل الإبادة الجماعية الجارية ضدّهم في غزة الآن، والوضع المزري أكثر فأكثر في الضفة الغربية”.