الرسوم الجمركية تهدد الأدوية.. والأجهزة الطبية في حرب اقتصادية ثلاثية

قال الدكتور محمد توفيق، الباحث والخبير في سوق الدواء والرعاية الصحية، إن العالم يشهد حاليًا توتراً تجارياً متصاعداً بين الصين والاتحاد الأوروبي، مدفوعًا بمخاوف أوروبية من اتساع النفوذ الصيني في قطاع الأجهزة الطبية، وهو ما وصفه الاتحاد بأنه تهديد استراتيجي متزايد.

وأوضح د. توفيق في مقابلة مع "العربية بيزنيس" أن صادرات الصين من الأجهزة الطبية إلى أوروبا قد تضاعفت بين عامي 2015 و2023، مما دفع الاتحاد الأوروبي لفرض قيود على الواردات الصينية في هذا القطاع، شملت العقود التي تتجاوز قيمتها 5 ملايين يورو (5.7 مليون دولار).

وأضاف: "الاتحاد الأوروبي يرى أن المنافسة مع الصين غير عادلة، لأن الحكومة الصينية تقدم دعمًا واسعًا لشركاتها المحلية، مما يجعل من الصعب على الشركات الأوروبية منافستها بشكل مباشر."

وفي رد محسوب، أصدرت الصين بيانين رسميين؛ أحدهما من وزارة المالية يفرض قيودًا على مشتريات الأجهزة الطبية الأوروبية التي تتجاوز قيمتها 45 مليون يوان (6.3 مليون دولار)، والآخر من وزارة التجارة يدعو الشركات الأوروبية للاستثمار داخل الصين مقابل إعفاءات من الرسوم، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على العلاقات مع أوروبا وعدم خسارة شريك استراتيجي.

ملف أمريكي ضاغط

وأشار د. توفيق إلى أن التركيز العالمي حالياً لا يقتصر على العلاقة بين بروكسل وبكين، بل يمتد أيضًا إلى المفاوضات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، خاصة مع اقتراب المهلة النهائية التي حددتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 9 يوليو.

وقال: "هناك شعور إيجابي بأن الطرفين سيتوصلان إلى اتفاق قريب. الجانب الأميركي أكد وجود مفاوضات متقدمة، والاتحاد الأوروبي لا يزال يرى أن نسبة الرسوم المتفق عليها لن تتجاوز 10%، ولن تصل إلى 50% كما يُشاع."

وأوضح توفيق أن الرسوم الجمركية الأميركية التي كانت مفروضة على المنتجات الأوروبية بلغت 20%، لكنها حالياً عند 10% بعد تجميد جزئي، مشيراً إلى أنه في حال عدم التوصل لاتفاق، قد ترتفع مجددًا إلى 50%، وتشمل جميع المنتجات بما في ذلك الأجهزة الطبية.

الأدوية في مرمى النيران

ورداً على سؤال حول ما إذا كان قطاع الأدوية الأوروبي سيتأثر، أكد د. توفيق أن الرئيس ترامب لمح إلى قرب فرض رسوم على قطاع الفارما، واصفًا الأمر بأنه "وشيك جدًا" حين قال: "Very soon"، ما يشير إلى أن فرض رسوم على الأدوية الأوروبية أمر محتمل بقوة.

وحذر د. توفيق من أن مثل هذه الإجراءات ستؤثر سلبًا على سلاسل الإمداد العالمية، وقد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الأدوية وصعوبة وصولها للمرضى، مضيفًا: "نتمنى ألا نصل إلى هذا السيناريو، لأن التأثير سيكون شديدًا على كل من المرضى والشركات على حد سواء."