أخبار عاجلة
رئيس الصين يصل إلى ماليزيا في إطار جولة آسيوية -

بالناس المسرة| أسبوع الآلام لدى الأقباط تقاليد متوارثة عبر الأجيال

بالناس المسرة| أسبوع الآلام لدى الأقباط تقاليد متوارثة عبر الأجيال
بالناس المسرة| أسبوع الآلام لدى الأقباط تقاليد متوارثة عبر الأجيال
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يعيش الأقباط الأرثوذكس حاليًا أقدس وأكثر الأيام روحانيًة، حيث يتناغمون مع أحداث أسبوع الآلام وليالي "البصخة المقدسة" في خشوع وصلاة وتراتيل حزينة حدادًا على آلام المسيح، بدأ الأسبوع بأحد الشعانين "السعف" وينتهي باحتفالات عيد القيامة.

ويُحيي الأقباط خلال هذه الأيام ذكرى الأحداث الأخيرة في حياة السيد المسيح على الأرض، بدءًا من دخوله إلى أورشليم في "أحد الشعانين" وحتى قيامته في "عيد القيامة"، وتركز الكنيسة في هذا الأسبوع  قراءاتها على أحداث الآلام متتبعين المسيح فيه خطوة بخطوة في الأناجيل الأربعة ونبوات العهد القديم، لذا تضع الكنيسة في كل ساعة من ساعات أسبوع الآلام فصولًا معينة من نبوات العهد القديم ومن المزامير والأناجيل والطروحات والعظات والطلبات المناسبة وتسبحة البصخة.

فيُقام خلال هذا الأسبوع بشكل عام في الكنائس المصرية صلوات وطقوس خاصة، بجانب اتباع تقاليد وروحانيات متوارثة على مدار قرون عديدة، يرجع جذور بعضها إلى فكر المصري القديم وهذا ما ستحاول أن ترصده "البوابة" خلال السطور التالية.

 أحد الشعانين

أحد "الشعانين" او "السعف" هو بداية أسبوع الآلام والأحد الذي يسبق أحد العيد “القيامة”، ووهو يُعتبر من أعرق الإحتفالات في الكنيسة القبطية؛ كونه يُحيي ذكرى دخول السيد المسيح أورشليم كملك ومخلص للبشرية قبل بدء آلامه وصلبه وفق البشارات الأربعة بالإنجيل المقدس.

وكلمة "شَعانين" مأخوذة من الكلمة العبرية "هوشعنا" وتعني "خلّصنا". ويُعرف باسم أحد النخيل، لأن الشعب وقتها استقبله بسعف النخيل وأغصان الزيتون، وفي مثل هذا اليوم منذ ألفى عام تقريبًا دخل السيد المسيح أورشليم "القدس" راكبًا جحشًا، وكان الناس يفرشون ملابسهم في الطريق، ويحملون سعف النخيل وأغصان الشجر، وهم يهتفون "أوصنا لابن داود! مبارك الآتي باسم الرب! أوصنا في الأعالي" (9:21 متى).

ويحاول الأقباط خلال هذا اليوم إحياء تلك الوقعة وتجسيدها مره أخرى حيث يقوم الكاهن والشعب قبل القداس الإلهي بزفّة أيقونة المسيح وهو داخل الكنيسة، ويحمل الشعب وقتها سعف النخيل والشموع وهم يرتلون نفس الآية التي رددها شعب أورشليم قديمًا وكأنهم يُجسدون دخول المسيح لأورشليم من جديد. 

واستفاض الباحث في التراث الشعبي أشرف أيوب، حول تلك الملامح والتقاليد  في تصريحات خاصة لـ"البوابة"، قائلًا: يبدأ الاستعداد بشراء السعف فى اليوم السابق وهو السبت، ويمارس الأقباط هذا الاحتفال ليتذكرون من خلالها أحداث دخول السيد المسيح لأورشليم، وكان قديمًا يسمح للعبيد بالراحة من أعمالهم في هذا الأسبوع، وكان المؤمنين الأوائل يبلغون درجة قصوى من التقشف، حيث كانوا يصومون من لليلة الجمعة العظيمة حتى صباح عيد الفصح، بينما هناك الكثير من الأقباط يمتنعون عن أكل مأكولات حلوى المذاق.

وتابع، وهناك بعض القرى قديمًا كانوا يرمزون لأيام الأسبوع بأسماء خاصة مثل:
- إثنين الإشارة: وذلك إشارة إلى أن اليهود قد أشاروا إلى السيد المسيح بأيديهم لكي يُصلب.
- التلات بل النبات: في هذا اليوم يتم استنبات بعض الحبوب مثل الفول الذى يؤكل (نابت) فى الجمعة العظيمة.
- الأربعاء.... (أربع أيوب)... وهكذا.

وتركز قراءات الكنيسة خلال هذا اليوم على ملكوت المسيح، وتبدأ بشعور الفرح، وتنتهي ببدء الآلام؛ فعقب نهاية أحد السعف تبدأ مراسم الحداد والحزن على جدران الكنيسة منتظرين قيامة المسيح في أحد القيامة الذي يليه؛ فتغطيَ المنجليتين -حاملات الكتب المقدسة- القبطية والعربية بالستور السوداء. يغلق باب الهيكل وتدلى عليه الستائر السوداء، وتغطي أعمدة الكنيسة أيضا بالستائر السوداء، ويوضع في وسط الكنيسة أيقونة المسيح بإكليل الشوك أو مصلوب ويوضع أمامها 3 شمعات أشاره إلي قراءات البصخة الثلاث (النبوات "العهد القديم"، المزامير، البشارات الأربعة "العهد الجديد). 

وتصلي الكنيسة عقب قداس أحد الشعانين صلاة الجناز العام لجميع الموتى في هذا الأسبوع فقط ولذلك يجب حضور الشعب كله لهذه الصلاة، وإذا توفي أحد فإنه يعد تمت الصلاة عليه، لكن لا يوجد مانع بدخول المتوفي إلى الكنيسة ليحضر صلاة ساعة من البصخة ثم ينصرفون به.

 الاثنين المقدس

وفي هذا اليوم يتذكر الأقباط واقعة دخول السيد المسيح الهيكل وتطهّره للمرة الثانية، حيث طرد الباعة والصيارفة قائلًا: بيتي بيت الصلاة يُدعى، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص" (متى 21:13).

الثلاثاء المقدس

ويعرف هذا اليوم بالتحذيرات والتعليم المكثف من السيد المسيح، حيث جاوب المسيح على أسئلة الفريسيين والصدوقيين وكانت تضمن: (جزية للقيصر، القيامة من الأموات، وتكلم عن علامات نهاية العالم ومجيئه الثاني).

وتقيم الكنيسة القبطية صلوات البصخة على مدار هذين اليومين متأملين في رسائلهما، ولا يُستخدم البخور خلال هذه الأيام إشارة إلى الحزن، وفي إشارة توضيحية لمكانة البخور في الكنيسة يقول الأستاذ بيشوي فخري في مقاله "البخور في العبادة الأرثوذكسية" أن البخور في العهد القديم كان يرمز إلى حضور الله، واستمر هذا الرمز في العهد الجديد من خلال استخدام البخور في الكنيسة".

استكمالًا للحديث عن الفلكلور القبطي، يتحدث أشرف أيوب عن هذين اليومين قائلًا: لا توجد احتفالات شعبية فى هذين اليومين بل يكثر وجود الأقباط فى الكنيسة حيث يقضون أوقاتا طويلة فى الصلاة والخشوع، كبقية أيام أسبوع الآلام، يتميز الثلاثاء، فقط باستنبات الأقباط بعض الحبوب من الفول والترمس، حيث يتم غمر هذه الحبوب عدة أيام إلى أن تنبت ليؤكل الفول (نابت)، يوم الجمعة العظيمة، بينما الترمس يوم شم النسيم.

وعادة استنبات الفول لدى الأقباط ليست عبثًا، بل ترجع في جذورها إلى عمق فكر المصري القديم، حيث ارتبطت رمزية "الفول النابت" بالنمو والبعث والحياة بعد الموت لدى المصريين القدماء، حيث كان المصريون القدماء يستخدمون بذور الفول أو القمح في طقوس دينية مخصصة للإله أوزيريس، إله الموت والقيامة؛ فكان المصريون القدماء يصنعون تماثيل من طين فيها بذور قمح أو فول، ويتركوها تنبت وكان هذا الطقس رمزًا للبعث والعودة للحياة، ومع دخول المسيحية إلى مصر، حافظ المصريين على تقاليدهم ورمزيتهم بإعادة صياغتها وتوظيفها في الدين الجديد لهم؛ ليرمز للسيد المسيح بدلًا من أوزيريس.

وهذا ما أشار إليه الباحث أشرف أيوب بقوله: إن عادة استنبات البذور هى عادة مصرية قديمة فقد عثر الأثريون ضمن المعدات الجنائزية على ما يسمى "الأوزيريات النابتة" وهى عبارة عن إطارات من الخشب على شكل أوزوريس محنطًا، وبداخلها كيس من القماش الخشن كان يملأ هذا الكيس بخليط من الشعير والرمل يسقى بانتظام لمدة عدة أيام فكان ينبت الشعير وينمو كثيفا وقويا وعندما يصل طوله حوالى اثنى عشر أو خمسة عشر سنتيمترا كان يجفف ثم تلف الأعواد بما فيها في قطعة من القماش، وكأن يأملون بهذا العمل حث المتوفي على العودة للحياة، إذ إن أوزوريس قد نما بهذه الطريقة وقت بعثه من بين الأموات.

وفي مقال بعنوان "النباتات والأشجار المرتبطة بالإله أوزير" للدكتور أحمد البربري، أستاذ تاريخ وحضارة مصر والشرق الأدنى القديم المساعد بكلية الآداب – جامعة عين شم ُذكر أن الإله أوزيريس كان يُعتبر تجسيدًا لقوى البعث والخصوبة والموت ونبع الحياة معًا، وارتبط بالزراعة والنباتات مثل القمح والشعير والبردي والكتان. كما يُشير المقال إلى أن أوزيريس كان يمثل القوة الدافعة لقدوم الفيضان وما ينتج عنه من نمو النباتات وازدهار الحياة على الأرض من جديد، وهو بذلك واهب الحياة لكافة المخلوقات.

أربعاء أيوب

يتذكر الأقباط في هذا اليوم يوم اجتماع السلطات الدينية اليهودية معًا لكي يدبرون قتل المسيح، حيث تآمر معهم يهوذا لكي يسلمهم المسيح مقابل 30 من الفضة، ويذكر إنجيل متى الوقعة كالأتي: "حينئذ ذهب واحد من الاثني عشر، الذي يُقال له يهوذا الإسخريوطي، إلى رؤساء الكهنة، وقال: ماذا تُريدون أن تعطوني، وأنا أُسلمه إليكم؟ فجعلوا له ثلاثين من الفضة." (متى 26: 14-15).

وتقرأ الكنيسة في هذا اليوم سفر أيوب، الأناجيل الأربعة مركزةً على قصة خيانة يهوذا؛ فإذا كان هذا اليوم يُشير واقعة خيانة المسيح من قبل يهوذا فما علاقة أيوب بالأمر؟

في هذا اليوم، تقرأ الكنيسة سفر أيوب لما يحمله من تشابه مع المسيح في تجاربه وآلامه، تتشابه الآلام المعنوية لأيوب النبي مع آلام المسيح، فقد جُرح أيوب من أصحابه الثلاثة كما جُرح يسوع من أحبائه، فمن تلاميذه من خانه، وثاني أنكره، والأغلبية هربت عند القبض عليه. وانتهت حياة أيوب النبي بالشفاء، كما انتهت آلام المسيح بالقيامة المجيدة، وتُذكر هذه النهاية المباركة في الكتب القبطية.

ومن الناحية الفلكلورية يكمل الباحث أشرف أيوب: يتم فى هذا اليوم الإعداد لزفة يهوذا واختيار الشخص الذي سوف يقوم بدور يهوذا، وإعداد الأدوات اللازمة لدراما يهوذا من ملابسه، وقطع الجرار المحطمة والصفائح الفارغة، دمية الجريد، وأيضا إعداد الجرة التى يرسمون عليها وجه يهوذا.

وأضاف، وهناك عادة شعبية تتم فى هذا اليوم وهى طهى الفريك وأكله، والفريك هو القمح قبل نضجه تماما ويكون لونه أخضر وفي بعض القرى يتم طهى الفريك مع الطماطم (التقلية) ليؤكل في هذا اليوم.

 خميس العهد

ويحيي الأقباط في هذا اليوم ذكرى العشاء الأخير للسيد المسيح مع تلاميذه، وفي هذا اليوم غسل السيد المسيح أرجل تلاميه وأسس سر الإفخارستيا وهو سر من الأسرار المقدسة السبعة بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية وسر مقدس كذلك لدى الكنيسة الكاثوليكية، كما تنبأ السيد المسيح في تلك الليلة بإنكار بطرس له وخيانة يهوذا قَائلاَ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ وَاحِدًا مِنْكُمْ سَيُسَلِّمُنِي!» (يو 13: 21).

ويصلى طقس خميس العهد في الهيكل لتكون تلك المرة الأولى التى تصلي فيها الكنيسة في الهيكل بعد أحد الشعانين بعد ذلك تصلى صلاة الساعة السادسة والثالثة والتاسعة وصلاة اللقان التى تصلى ثلاث مرات فقط في السنة في عيد الغطاس وخميس العهد وعيد الرسل وبعد ذلك يقوم الكاهن بغسل ارجل الرجال «يرشم أرجلهم بالمياه» وبالنسبة للسيدات ترشم بالمياه في الجبهة وبعد اللقان يصلى القداس، ويستغرق طقس خميس العهد من السابعة صباحًا وحتى الثالثة عصرا.

ويعتاد الأقباط في هذا اليوم أن العدس، وفي هذا الصدد يقول القس بولس عدلي كاهن كنيسة الشهيد فيلوباتير أبي سيفين والقديسة دميانة القبطية الأرثوذكسية ببورسعيد: أننا نأكل العدس يوم خميس العهد لأنه هو الوجبة النباتية اللي كلها بروتين ووالتاريخ يحكي أن أقباط مصر كانوا بيهادوا “فته العدس” لجيرانهم المسلمين، ومعها سمك وبيض لأنهم غير صائمين حتى عُرف أسم خميس العهد بين جموع المصريين باسم خميس العدس".

الجمعة العظيمة

وفي هذا اليوم يتذكر الأقباط خروج السيد المسيح مع تلاميذه إلى جبل الزيتون، حيث جاء يهوذا ومع الجند ليسلم المسيح مقابل 20 من الفضة، فلما رأه قبله ليشير ليعرفه الجند كما هو متفق بينهم، ثم أخذ الجند السيد المسيح إلى رؤساء الكهنة لمحاكمته بتهمة التجديف.

وحول عادات الأقباط في هذا اليوم يكمل الباحث أشرف أيوب حديثه قائلًا: بعد نهاية الصلاة وأثناء خروج الناس من الكنيسة يرتشف البعض قطرات من الخل من زجاجات معهم ويعطون الآخرين مثال ما فعل السيد المسيح، ويعتاد الأقباط فى هذا اليوم تناول النابت فهو يمثل الوجبة الرئيسية، بعد الصيام الانقطاعى من الليلة السابقة الذى يصل إلى تسع عشرة ساعة بالإضافة إلى بعض المأكولات الأخرى مثل الزلابية وورق العنب والطعمية والسلطة الخضراء.

سبت النور

يُقام قداس إلهي صباح السبت في معظم الكنائس الشرقية والغربية، ثم يتم استقبال النور الذي يخرج بمعجزة إلهية حسب الاعتقاد المسيحي من كنيسة القيامة في القدس، ويتم الاحتفال بسبت النور في القدس والأراضي المقدسة بشكل مميز حيث تُقام مسيرة دينية للاحتفال به خاصةً عند الطوائف الشرقية.
ويُعد هذا اليوم لليلة العيد  لدى الأقباط بل العيد نفسه "عيد القيامة" وفى هذه الليلة تتزين الكنيسة بل يتزين الأقباط نفسهم احتفالًا بقيامة المسيح، فترفع الستائر السوداء وتعلق الستائر البيضاء وأعلام القيامة.

وفي هذا السياق يكمل أشرف أيوب حديثه قائلًا: وتعد دراما القيامة من خلال (تمثيلية القيامة) أهم حدث فى هذه الليلة حيث تمثل أحداث قيامة المسيح من الأموات وتبدأ التمثيلية فتطفأ الأنوار فى الكنيسة إشارة ورمزًا إلى موت المسيح ويطرق باب الهيكل ويتلو الشماس: "افتحوا أيها الملوك أبوابكم وارتفعى أيتها الأبواب الدهرية - ليدخل ملك اﻟﻤﺠد".

ويرد الكاهن: "من هو ملك اﻟﻤﺠد"، ويرد الشماس: "الرب العزيز القوى الغالب فى الحروب"، ويتكرر الحوار السابق ثلاث مرات وفى الأخيرة يضيف الشماس، هو ملك اﻟﻤﺠد.

ويختتم الباحث أشرف أيوب قائلًا: عندئذ تضاء الأنوار إشارة إلى قيامة المسيح وتنطلق زغاريد النساء وتنشد تسابيح القيامة ويطوف الكهنة والشمامسة حاملين أيقونة القيامة "زفة القيامة"، ويُعد هذا المشهد تجسيدًا لأحداث القيامة ليستيعد به المصلون أصل هذه الاحتفالية ليشاركوا في بهجتها.

 

725.png


 

880.jpg
الباحث أشرف ايوب

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الرئيس المصري: منفتحون للدخول فى شراكة مع مستثمرين قطريين فى صناعة السيارات
التالى إيقاف نجم الزمالك وإحالته للتحقيق بعد الفوز على حرس الحدود