أخبار عاجلة

بنطلحة يكشف "سمسرة" الدبلوماسية الجزائرية مقابل استمالة موقف أمريكا

بنطلحة يكشف "سمسرة" الدبلوماسية الجزائرية مقابل استمالة موقف أمريكا
بنطلحة يكشف "سمسرة" الدبلوماسية الجزائرية مقابل استمالة موقف أمريكا

يرى الدكتور محمد بنطلحة الدكالي، مدير المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء، أن النظام الجزائري يعيش حالة من الهوس السياسي في سعيه المحموم لاستمالة الموقف الأمريكي من قضية الصحراء المغربية، وذلك من خلال تحركات دبلوماسية تنبني على منطق المقايضة والسمسرة، لافتا إلى أن تصريح السفير صبري بوقادوم بأن “السماء هي الحد”، يجسد هذا التوجه القائم على استعداد الجزائر لتقديم ثرواتها المعدنية والنفطية كشكل من أشكال التودد للبيت الأبيض، ولو على حساب السيادة الوطنية والقرار المستقل، في محاولة يائسة لشراء دعم واشنطن وتغيير موقفها من النزاع الإقليمي.

وحذر الدكالي في مقال بعنوان “بوقادوم في سمسرة علنية: السماء هي الحد”، من أن هذا النهج الانتهازي، الذي يقايض الثروات الشعبية مقابل مكاسب ظرفية، يعكس إفلاسا استراتيجيا للنظام العسكري، الذي لم يعد يأبه بأولويات الداخل الجزائري المثقل بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية، مسجلا أنه “بدل الانكباب على التنمية والإصلاح، ينخرط هذا النظام في صفقات غير محسوبة، غير مدرك أن صناعة القرار الأمريكي لا تنبني على الوعود المجانية، بل على معايير استقرار سياسي واقتصادي حقيقي”.

نص المقال:

من الروايات التي تثير الانتباه في الأدب العالمي، هناك رواية من تأليف “جون جريشام” بعنوان “السمسار” (The Broker)، تتناول موضوع السمسرة والفساد والسلطة. الشخصية الرئيسية في الرواية “جويل باكمان” سمسار موهوب رغم أنه رمز للفساد، لديه القدرة على التفاوض رغم أنه رمز للوصولية والجشع، من سماته الانتهازية والخداع والفساد.

السمسار الرئيسي في الرواية “جويل باكمان” وجه للعديد من السماسرة على مسرح الواقع، هناك من يبيع الأعراض والأحلام وصكوك الغفران، وهناك من يريد أن يبيع وطنا بأكمله.

تذكرت هذه الرواية الشيقة وأنا أقرأ تصريحا للسيد صبري بوقادوم، سفير النظام العسكري الجزائري، لصحيفة “ديفانس سكوب” الأمريكية، محاولا التودد والتقرب من الولايات المتحدة الأمريكية، بقوله: “الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يؤمن بالصفقات. لذا، سنحاول إظهار فوائد التعاون مع الجزائر”، مضيفا أن “الجزائر مستعدة للتحدث مع الولايات المتحدة بشأن مواردها المعدنية الوفيرة والحيوية التي تحظى بطلب عالمي”، مفصحا عن آفاق هذه العلاقة بعبارته الشهيرة: “السماء هي الحد”.

إنه هوس بالطموح يسكن دواخل النظام العسكري الجزائري من أجل التقرب والتودد إلى الولايات المتحدة الأمريكية. هكذا، وبعد تنصيب ترامب رئيسا، سارعت الجزائر إلى توقيع اتفاقيتين عسكرية واستثمارية، بل إن بلاد القوة الضاربة مستعدة لمقايضة كل البلاد طولا وعرضا كي تنال رضا البيت الأبيض.

لقد تزامن حديث السفير الجزائري وحضور وفد من شركة شيفرون البترولية العملاقة للجزائر لمواصلة مفاوضات استغلال مواقع نفطية في صحراء الجزائر، علما أن الشركة الأمريكية ذاتها كانت قد وقعت قبل أيام اتفاقية مع السلطات الجزائرية لاستكشاف مناطق نفطية على طول الساحل الجزائري المطل على البحر المتوسط.

السيد بوقادوم، سفير دولة الممانعة وحصن الثوار وأرض الشهداء الأبرار، لا ينفك يدعو وسائل الإعلام الأمريكية إلى أن بلاده تزخر بإمكانات اقتصادية هائلة؛ لقد صرح بأن بلاده هي أكبر دولة في إفريقيا والعالم العربي وحوض البحر الأبيض المتوسط، وأنها تمتلك الجبال والبحار والصحاري، حيث الموارد الطبيعية الغنية والسوق الواعدة؛ الكل في الجزائر قابل للبيع في سوق بورصة السياسة، طالما أن الهدف هو استمالة الموقف الأمريكي في قضية الصحراء المغربية. إنهم يقايضون ثروات الشعب الجزائري الشقيق المغلوب على أمره، في مشهد علني مفضوح.

لقد وجه النظام العسكري الجزائري بوصلته نحو واشنطن آملا الحصول على مظلة دبلوماسية ودعم أمريكي، متناسيا أن صناعة القرار في دولة المؤسسات تخضع لاعتبارات جيو-سياسية، أولى شروطها أن الاستثمار الآمن يتطلب بيئة حاضنة للاستثمار والاستقرار والديمقراطية والتنمية، وليس وضعا هشا ينذر بالكثير من الرجات والهزات والانقسامات، ويعيش على وقع الاحتجاجات. لذا، لا يمكن لأحد أن يبني مستقبلا مع المجهول والمفاجآت.

في بورصة السياسة، بلد القوة الضاربة لا يهمه انسداد الأفق جراء ارتفاع البطالة وغلاء المعيشة وهدر الثروات. إنها تقامر رغم إفلاس أطروحتها وفشل مخططاتها؛ لقد باتت تعرض ريعا اقتصاديا وطاقيا لاستمالة المواقف.

لقد أعلنت مؤخرا عن تخصيص مليار دولار “رشوة” من أجل دعم المشاريع التنموية داخل إفريقيا.

في كلمة ألقاها باسم رئيس الجمهورية أمام القمة الإفريقية بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، قال رئيس الحكومة الجزائري، أيمن بن عبد الرحمان، إن بلاده قررت تخصيص مليار دولار لفائدة الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل “التضامن والتنمية لتمويل مشاريع في القارة الإفريقية”!

بورصة السياسة مليئة بالمشترين والمغامرين؛ أصوات السماسرة تتعالى من بعيد: وطن للبيع، هل من مزيد. لا شيء يعكر الجو سوى حناجر مبحوحة هدها الوقوف طويلا في الطوابير، أحاول البحث عن المعنى، عن السمسار الذي يرتدي ألف قناع في سوق النخاسة والمقايضة، لا شيء يعلو المكان سوى تغريدة طفل جزائري أسمعه يردد أبياتا من القصيدة الملحمية “النشيد العام” (canto general) للشاعر التشيلي بابلو نيرودا:

هنا أرى، من بين الجذور،

كيف يولد شعبٌ ببطء،

كيف ينفض عن نفسه الغبار…

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق التشكيل الرسمي لمباراة تشيلسي وبالميراس في ربع نهائي كأس العالم للأندية
التالى الاتحاد يطلب ضم موهبة الأهلي ضمن صفقة مروان عطية