أكد القمص بولس جورج، كاهن كنيسة القديس مارمرقس الرسول بمصر الجديدة، على أهمية التحلي بفضيلة الرضا، مشددًا على ضرورة تجنب مقارنة النفس بالآخرين.
جاء ذلك خلال حديثه في برنامج الراعي الصالح، الذي يُعرض على قناة مي سات القبطية الأرثوذكسية، حيث أوضح بفكرة بسيطة قائلاً: “لا تنظر في صحن أخيك”، في إشارة إلى أهمية الابتعاد عن الحسد والنظر إلى ما يملكه الآخرون.

عظة القمص بولس جورج
وضح القمص بولس جورج فكرته مستشهدًا بتجربة تحدث بين الإخوة أثناء تناول الطعام، حيث غالبًا ما يركزون على أطباق بعضهم البعض، خاصة عند توزيع الأطعمة كاللحم والدجاج من قبل الأم، متجاهلين العناصر التي تتوفر بكثرة كالخضروات و الأرز.
وأشار القمص بولس جورج أن هذا السلوك يظهر بشكل رمزي مدى رغبة البعض أحيانًا في مقارنة أنفسهم بما يملكه الآخرون بدلاً من الشعور بالرضا.
كثيرًا ما ننشغل بمراقبة الآخرين
أشار القمص بولس جورج إلى أننا كثيرًا ما ننشغل بمراقبة الآخرين وما يملكونه، حيث أوضح أنه لو ركز كل شخص على شؤون غيره دون أن يكترث لما عليه إنجازه، لكانت النتيجة خصامًا مستمرًا وحسدًا يدمرنا. وأضاف أن أحدًا لم يبلغ مرحلة الإتقان الكامل بعد، ومع ذلك نميل إلى التدخل في أمور الآخرين ومحاولة تقييمها، بينما لم نكمل بعد ما وُكل إلينا.

وأكد أن الانشغال بالمظاهر والممتلكات والأعمال ورواتب الآخرين أمر يخلق الغيرة في النفوس ويدمر العلاقات. لذلك نصح بأن ينظر كل فرد إلى ما أعطاه الله له، لافتًا إلى أن الله يمنح ما يناسبنا تمامًا، ويعلم أن إعطاءنا أكثر مما نحتاج قد يكون سببًا في هلاكنا.
وتابع: مرة أحد الأشخاص قال لي: “زوجتي لا تفهم حكمة الله في حياتي. وأضاف هذا الرجل: “الله جعلني دائمًا أعيش على الحافة، في يوم 29 يكون آخر قرش في البيت، وفي يوم 30 أستلم الراتب الجديد، وهكذا استمرت حياتنا. عندما تتزوج بناتي، تظهر أمور مثل استقطاع المعاش أو تحسين الوظائف. تتزوج البنت، وبعد الزواج نعود مجددًا إلى الصفر يا أبونا. هذا هو نمط حياتنا دائمًا، نسير على مبدأ *خبزنا كفافنا*.

وتحدث كاهن كنيسة القديس مار مرقس الرسول بمصر الجديدة قائلًا: “يقول لي الشخص: *زوجتي لا تدرك الأمر، تعلم لو حصلت على المال بكثرة أول ما سأفعله هو شراء زجاجة خمر، لذا الله، لأنه يعرف ضعفي، يعطيني على قدر حاجتي فقط.*”
في كثير من الأحيان، نجد أنفسنا نحسد الآخرين على ما لديهم من مال أو ممتلكات، دون أن نعرف ما يمرون به من معاناة أو مشاكل. ربما لو اطلعنا على ما يواجهونه من صعوبات، لفضلنا حياتنا كما هي، ولو كانت بسيطة. فقد نختار أن نحيا دون تلك المعاناة، حتى لو كان ذلك يعني العيش بأبسط الإمكانيات.
يجب أن نتعلم الامتنان على ما لدينا
علينا أن ندرك أننا كثيرًا ما ننظر إلى الآخرين من الخارج فقط دون معرفة حقيقتهم الكاملة. ولهذا السبب، يجب أن نتعلم الامتنان على ما لدينا ونكف عن مقارنة أنفسنا بالآخرين. رب العالمين قسم الأرزاق بعناية وحكمة كبيرة، وهو يعرف احتياجات كل منا في كل مرحلة من مراحل حياته. فالطفل يأخذ ما يناسبه من طعام واحتياجات لتجنب الضرر، بينما الإنسان الناضج يحصل على ما يكفي لدعم نموه وقوته.
الأهم أن نثق بأن الله يعلم ما هو خير لنا، وأن نتوقف عن الانشغال بالآخرين أو اتهام الله بعدم العدل. غالبًا، مشكلتنا ليست في نقص ما لدينا، بل في النظر إلى ما يملكه الآخرون بدلًا من تقدير نعمنا الخاصة.