قال الدكتور عاصم حجازي، الخبير التربوي، تعليقًا على تصريحات وزير التربية والتعليم بشأن تعديلات نظام الثانوية العامة، إن النوايا في تطوير المنظومة التعليمية "حسنة ولا خلاف عليها"، مشيرًا إلى أن الوزارة تسعى حسب إمكانياتها ورؤيتها إلى الإصلاح، لكن الإجراءات المقترحة تحتاج إلى مراجعة شاملة ودقيقة.
وأوضح د. حجازي أن من أبرز ما جاء في التصريحات هو أن الوضع الحالي لشهادة الثانوية العامة يمثل عبئًا على الطلاب وأولياء الأمور، معلقًا: "يجب ألا نغفل أن التعليم على مر العصور كان وسيظل نشاطًا إنسانيًا يتطلب مجهودًا من الطالب وأسرته، وإذا كان المقصود تخفيف أعباء الدروس الخصوصية، فإن الحل لا يكون بتقليص المحتوى العلمي أو تسطيحه، فالعصر الحديث يتطلب تعميق المعرفة وليس تقليصها".
وشدد على أن مواجهة الدروس الخصوصية يجب أن تتم من خلال استعادة دور المدرسة وتفعيل أدوات الرقابة والدعم، لا عبر إضعاف البناء المعرفي للطلاب الذي "سيصبح أكثر هشاشة في ظل النظام الجديد".
وفيما يخص مسألة تعدد فرص التقييم لتخفيف التوتر عن الطلاب، قال د. حجازي إن الفكرة جيدة في مجملها، لكن طريقة طرحها للتطبيق "غير مقبولة". وأضاف: "تعدد الفرص يمكن أن يتحقق عبر امتحانين فصليين أو ثلاثة موزعة على العام الدراسي، بشرط ألا يتحمل الطالب أعباء مادية. أما ربط فرصة التحسين بمقابل مالي، فهو يقضي على مبدأ تكافؤ الفرص، ويجب أن يُتاح فقط لمن لديهم أعذار قهرية".
وأكد أن أحد أهداف النظام التعليمي هو إعداد الطالب لتحمل الضغوط والتعامل مع الفرصة الواحدة، مستشهدًا بمثال الطبيب الذي قد لا تتاح له إلا فرصة واحدة لإنقاذ حياة مريض، متسائلًا: "إذا لم يتعلم الطالب إدارة الضغوط في المدرسة، فمتى سيتعلمها؟".
وفيما يتعلق بتصريحات الوزير حول أن "صالح الطالب والمعلم" هو الهدف الأول للوزارة، علق د. حجازي قائلًا: "التعليم ليس كأي مؤسسة أخرى، بل هو عماد تقدم الأمم، ولا يجب اختزال أهدافه في تحقيق مصلحة طرف بعينه. فصالح الطالب أو المعلم قد يُفهم بشكل ذاتي ومختلف من كل طرف، بينما الهدف الأسمى يجب أن يكون خدمة العملية التعليمية والعلم نفسه، وعلى الجميع – الطالب والمعلم وولي الأمر – أن يتحمل مسؤولياته في هذا السياق".
وختم الخبير التربوي تصريحه بالتأكيد على أن نجاح النظام التعليمي لا يتحقق إلا بتكامل الأدوار، وتوازن الحقوق مع الواجبات، دون اختزال أو تحميل طرف واحد المسؤولية الكاملة.