أكد يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أن “التشغيل موضوع شائك وليس بالسّهل”، مسجلا أنه “ما زلنا لم نصل بعد لتطلّعاتنا في هذا المجال، لكن الأرقام الأخيرة للمندوبية السامية للتخطيط تبقى مشجّعة”، بتوصيفه.
جاء ذلك ضمن رد لوزير التشغيل على تعقيبات بعض النواب والنائبات الذين أثاروا “إشكاليات مستعصية” حين تفاعلهم مع جوابه عن سؤال الفريق الحركي حول “إنعاش التشغيل والتقليص من آفة البطالة”، مساء الاثنين، في جلسة عمومية للأسئلة الشفهية الأسبوعية بالغرفة الأولى للبرلمان.
وقال السكوري: “يجدر بنا التذكير بأنه، ولأوّل مرة، الأرقام التي أعلنتها المندوبية تفيد بخلق صافي مجموع 288 ألف منصب شغل، وجاءت شاملة لمعظم القطاعات والأنشطة الاقتصادية”، مثيرا انتباه النواب إلى أنها “مناصب شغل مؤدى عنها وليست في ‘النّوار’ أو القطاع غير المهيكل”، قبل أن يردّ بنبرة قوية بأن “من يدفع باتجاه القول إن هذه السنة لم يكن فيها خلق مناصب شغل، فهو ‘غالط’ (مخطئ)”.
وتابع المسؤول الحكومي شارحا ومخاطبا النواب: “نعم أتفق معكم بأن سؤال المناصب هل هي كافية أم لا (…) مازال مطروحا بقوة. غير أننا حاليا بصدد استرجاع مناصب مفقودة وتضررت في سياقات توالي سنوات الجفاف وإشكاليات هيكلية طرحت، حيث تم في السنوات الماضية فقدان مناصب شغل مهمة”.
كما أقرّ وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، خلال تفاعله مع نقاط أثارها النواب، بأن “إشكالية العدالة المجالية مازالت مطروحة ومستمرة في مجملها (…) وهو ما حاولنا معالجته في تصوّرنا وكذا خلال العمل على تنزيل خارطة الطريق لتنفيذ السياسة الحكومية في مجال التشغيل”.
مدونة الشغل
شدد السكوري، مجيبا عن ثلاثة أسئلة آنية وحّدتها “مستجدات إصلاح مدونة الشغل في سياق التحولات الجديدة”، على “أهمية مراجعة مدونة الشغل المعمول بها منذ أكثر من عشرين عاما لمعالجة مشكلة البطالة وتفعيل برامج التشغيل والاستثمار”.
ولفت وزير الإدماج الاقتصادي والتشغيل الانتباه إلى أن “النمو الاقتصادي الحالي واعد، مع توقعات بزيادة في السنوات القادمة بفضل مشاريع كبرى مهيكلة مثل كأس العالم 2030″، ما يقتضي، بحسبه، “سياسة تكوين طموحة تشمل وتستدمج التكوين المهني والتدرّج المهني ومدن المهن والكفاءات”.
وذكر المسؤول الحكومي ذاته في جوابه أيضا “محورية الحوار الاجتماعي لتجنب المشاكل الاقتصادية وضمان سلم اجتماعي منصف، مع التركيز على تفعيل مخرجاته إلى جانب الشركاء الاجتماعيين والنقابات الأكثر تمثيلية”.
وفي هذا الإطار، أكد السكوري “ضرورة تعديل بعض مواد مدونة الشغل لحماية فئات مهنية مثل حراس الأمن الخاص”، مستحضرا أيضا أهمية أن يشمل “تحديث القوانين الشّغلية لتشمل العاملين في الشبكات والمنصات والتوصيل”، و”حماية حقوق العاملين وضمان أجور عادلة لهم”، بتعبيره.
كما عرّج الوزير في جواب مطول على “أهمية تطوير العمل الجزئي والعمل عن بعد، وتكييف القوانين المعنية لتناسب وتواكب هذه التغييرات”.
وبعدما اعتبر أن ثمّة “ضرورة لنقاش وطني حول تحديثات وتطوير مدونة الشغل بمشاركة النواب والشركاء الاجتماعيين”، نادى المسؤول الحكومي بـ”تحرير المجتمع من قيود الاقتصاد القديم لدعم الجيل الجديد، خصوصا من فئات الشباب حاملي المشاريع”.
“التدرج والتشغيل”
فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب طرح موضوع “توسيع وتطوير نظام التدرج المهني لدعم التشغيل” ضمن “سؤال آني” على الوزير السكوري، الذي كشف “عزم الحكومة توسيع التكوين بالتدرج المهني لينتقل من 31 ألف مستفيد سنويا إلى نحو 100 ألف بنهاية سنة 2025 الجارية”.
وزاد مفيدا بأن “الحكومة رصدت مبلغ 500 مليون درهم لهذا البرنامج”، داعيا “رؤساء الجهات إلى تكملته عبر تقديم وتعبئة منح خاصة”.
وفي تقدير وزير التشغيل، فإن هذا النظام “من الحلول العملية لمواجهة إشكالية البطالة، خصوصا لدى الشرائح التي لا تتوفر على شهادات”، ما دفع الحكومة للرفع من قيمة الدعم عن كل مستفيد “من 4 آلاف إلى 5 آلاف درهم، فضلا عن “اعتزامها تقليص المدة الزمنية للتكوينات مراعاة للظروف الاجتماعية للعمال المستفيدين من البرنامج”.
مجيبا عن سؤال “الفئة العاملة التي لا تتوفر على أية شهادة”، طرحه “نواب الأحرار”، استحضر السكوري معطى “انخفاض نسبي ملموس فيها؛ إذ مرت من 68 في المائة سنة 2013 إلى 43 في المائة حاليا، رغم كونها مازالت “تشكل نسبة مهمة من الحجم الإجمالي لسوق الشغل” بالمغرب.
وقال إن “الحل الأنسب لهذه لفئة هو التكوين المهني المستمر، الذي عرف تعثرات خلال ثلاثة عقود، والذي أدرجته الحكومة في دورة أبريل 2024 من الحوار الاجتماعي، وأعدّت تصورا لإصلاحه، سينطلق قبل الدورة المقبلة من الحوار الاجتماعي في شتنبر المقبل”، مشددا على “أهمية توسيع التكوين لفائدة الأشخاص الذين لا يتوفرون على دبلومات ويسعون إلى ولوج سوق الشغل”.