تحل اليوم الأحد 29 يونيو، ذكرى وفاة المنتج الكبير جمال الليثي، أحد أبرز الأسماء التي لعبت دورًا محوريًا في تشكيل ملامح السينما المصرية خلال فترة ازدهارها من أواخر الخمسينيات وحتى نهاية السبعينيات. لم يكن الليثي مجرد منتج تقليدي، بل كان صاحب رؤية سينمائية سباقة، قادت إلى صناعة أفلام محفورة في ذاكرة الجمهور، ونجومٍ لمعوا بفضل قراراته الذكية وقراءاته الدقيقة للمواهب.
استثمار ذكي في موهبة سعاد حسني
من بين أكثر القصص التي تروى عن بصمات جمال الليثي في عالم الفن، تلك التي تتعلق بالفنانة الراحلة سعاد حسني، حيث ساهم الليثي في ترسيخ نجوميتها بعد نجاحها اللافت في فيلم إشاعة حب.
يُروي الإعلامي عمرو الليثي في كتابه “حكايات الليثي” كواليس استثمار هذا النجاح، قائلًا: “رأينا كيف لمع نجم الفنانة سعاد حسنى والنجاح الباهر الذى حققه فيلم إشاعة حب، كانت على الجانب الآخر الجميلة نادية لطفى تلمع هى الأخرى بسرعة.. كان المخرج الكبير عاطف سالم قد قدمها فى فيلم “السبع بنات” وبدأت تكسب لنفسها مكانًا على القمة.. وفكر وقتها الأستاذ جمال الليثى أن يُنتج عملًا يضم النجمتين الصاعدتين الجميلتين معًا وهكذا وُلدت فكرة فيلم “للرجال فقط”.

“للرجال فقط”.. عندما اجتمعت نادية وسعاد
اختار الليثي أن يجمع بين سعاد حسني ونادية لطفي في فيلم للرجال فقط، بفكرة مبتكرة وجرأة إنتاجية، حيث يقدّمان دورَي مهندستين تتنكران في زيّ رجال للعمل في الصحراء ضمن مهمة تنقيب عن البترول.
ويعلّق عمرو الليثي في كتابه: “وكان أنجح ما فى تنفيذها التنافس بين الجميلتين اللتين تآلفتا فى العمل معًا وأصبحتا منذ تلك الأيام صديقتين مُتلاصقتين مُتحابتين، وكان الأستاذ جمال الليثى يذهب إلى البلاتوه أثناء التصوير ويأخذ معه علبتين من الشوكولاتة الفاخرة يقدم لكل واحدة علبة وهو يُمازحها قائلًا: “أنا جايب شوكولاتة لناكر ونكير”، وتُسارع سعاد حسنى قائلة فى شقاوة: “أنا بقى ناكر لأن اسمى حيكون الأول على أفيش الفيلم”.
شوارع مزدحمة وأزياء رجالية
لم تكن الأجواء المحيطة بالفيلم أقل إثارة من أحداثه، فبحسب ما يرويه الليثي: “الصحف نشرت خبرًا قالت فيه إن جمال الليثى سيذهب مع سعاد حسنى ونادية لطفى إلى محل سويلم الترزى لكى يُفصل البدلتين اللتين سوف تظهران بهما فى فيلم “للرجال فقط”، ولم يكادوا يقتربون من المكان حتى وجدوا الشارع مسدودًا تمامًا بالناس الذين جاءوا كى يتفرجوا على نادية وسعاد"،
ويضيف موقفًا طريفًا: “فى أحد أيام التصوير التى تجمع بين النجمتين وهما ترتديان البدلتين الرجاليتين، وفى أثناء الراحة اصطحبهما الأستاذ جمال الليثى فى “عزومة سمك” عند «خريستو» فى أول شارع الهرم، وسبقتاه لدخول المطعم وهو يركن السيارة، وكان منظرهما غريبًا فى ثياب الرجال، وعندما جاء صاحب المطعم اليونانى الخواجة خريستو وبدأ يسمع صوتهما تراجع حاجباه فى دهشة كبيرة لكنه تأدب ولم يُعلق بشيء”.
قصة الفيلم
للرجال فقط يحكي عن إلهام وسلوى، مهندستين في الكيمياء، تعيّنهما شركة بترول في القاهرة، لكنهما تطمحان للعمل في الصحراء حيث لا يُسمح سوى للرجال بالمشاركة في مهام التنقيب. تتنكران كرجال وتنجحان في الالتحاق بالمهمة، ليبدأن مغامرة مليئة بالمواقف الكوميدية والتحديات المهنية، في إطار اجتماعي إنساني يسلّط الضوء على قضايا التمييز والعمل في بيئات مغلقة على الرجال.
رحل جمال الليثي، لكن إرثه في السينما باقٍ، وأعماله التي ساهمت في صعود جيل كامل من النجوم لا تزال تُشاهد وتُدرس، وتُروى حكاياتها حتى اليوم.