نظم المكتب الجهوي للنقابة المستقلة للممرضين بفاس- مكناس يوما دراسيا في موضوع “علوم التمريض بين واجب العناية والتحديات القانونية والسوسيولوجية والتكنولوجية”، بحضور أطر وخبراء وأساتذة محاضرين في القانون وعلم الاجتماع وعلوم التمريض والمعلوميات.
اللقاء شكل فرصة لطرح نقاشات رصينة من صلب الممارسة التمريضية من خلال ثلاث زوايا أساسية أولاها البعد القانوني، الذي أبرز الحاجة إلى إطار تشريعي واضح يضمن للممرضين حقوقهم ويوفر الحماية القانونية أثناء مزاولة مهامهم.
كما ناقش المتدخلون مستجدات قانون الوظيفة الصحية، خاصة الشق المتعلق بالمتابعات القانونية وواقع ممارسة الممرضين وتقنيي الصحة جراء الفراغ التشريعي والقصور القانوني وغياب المراسيم المنظمة للمهنة وغياب مصنف الأعمال والمهن والهيئة الوطنية للمهنة، حيث تقاسم الحاضرون تجارب وإشكاليات، وخلصوا إلى ضرورة توضيح المهام، وتقوية الترسانة القانونية لحماية للمواطن قبل الممارس.
كما شدد الملتئمون في هذا الموعد على ضرورة إصدار ميثاق واضح وشامل للصحة، مع العمل على الترافع بكل السبل القانونية من أجل الانفتاح على قطاع القضاء والعدالة وكل الفاعلين السياسيين من أجل التسريع بإصدار مراسيم تضمن كل الحقوق الدستورية.
أما المحور الثاني فهم البعد السوسيولوجي، حيث تناول تطور العلاقة بين الممرض والمريض في ظل التحولات الاجتماعية، وأهمية النضال المهني في تعزيز مكانة العلوم التمريضية داخل المنظومة الصحية. وقد عرف مداخلات من زوايا مختلفة توزعت بين “الوعي والضمير المهني”، و”إنسانية العلاج”، و”دور التمريض كرافعة للاستقرار الاجتماعي والأمن الصحي وقوة لإنجاح الحماية الاجتماعية”.
وبخصوص البعد التكنولوجي، ركزت المداخلات على ضرورة مواكبة التقدم الرقمي والذكاء الاصطناعي لتحديث أساليب العمل، والرفع من جودة الخدمات التمريضية عبر التكوين وإدماج مقررات معرفية حديثة، وإعادة النظر في البرنامج البيداغوجي والتربوي قصد مسايرة التطور العلمي، والاستثمار في التكوين و البحث العلمي، وفتح آفاق جديدة في ماسترات العلاجات المتقدمة في كل التخصصات، وإضافة تخصص المعلوميات والتقنيات الحديثة في التمريض، مع مراجعة وتحيين مناهج التكوين لتتماشى مع التحولات الرقمية والوبائية.
وخلص اللقاء إلى أهمية تعزيز الإطار المهني والتكويني للممرضين وتقنيي الصحة لمواكبة التغيرات المتسارعة التي يعرفها قطاع الصحة، مع التأكيد على دور هذه المبادرات في الدفع نحو الاعتراف الكامل بمكانة التمريض داخل المنظومة الصحية الوطنية كقوة فاعلة مستقلة تعمل بتناسق داخل منظومة قوية متكاملة.
وأوصى الخبراء بضرورة الاستثمار في التمريض عبر إصلاح برامج ومناهج التعليم التمريضي، وإدماج الممرضين في صنع القرار الصحي، واعتماد سياسات تشجع على التوظيف والتطوير المهني، علاوة على وضع استراتيجيات وطنية لحماية المهنة والعاملين بها.
كما دعوا إلى تخصيص ميزانيات كافية للاستثمار في البنيات التحتية والموارد البشرية التمريضية، وخلق هيئة وطنية للممرضين وقائمة أعمال ومهام واضحة تحمي صحة المواطن وترفع منسوب الثقة والجودة في المستشفيات المغربية.