مع كل دورة جديدة من مهرجان “موازين إيقاعات العالم”، تتجدد الأضواء وتُرفع المنصات وتُستحضر أسماء مشهورة من داخل المغرب وخارجه، لكن يظل الفن الأمازيغي غائبًا أو مُغيّبًا عن الحدث الفني كما يقول كثيرون؛ إذ بدأ العديد من الفنانين من رواد هذا اللون التراثي يرفعون صوتهم في السنوات الأخيرة مستنكرين هذا التهميش ومتسائلين عن موقع الأغنية الأمازيغية في خريطة المهرجان وعن معايير الإنصاف والتمثيلية الثقافية في المنصات الفنية الكبرى.
لا يطال الحضور المحتشم في مهرجان “موازين” الأغنية الأمازيغية فقط، بل الحسانية أيضًا، حيث وجه الفنان محمد عاطف، نيابة عن عدد من الفنانين من أبناء الأقاليم الصحراوية المغربية، رسالة إلى إدارة هذا المهرجان، تساءل فيها عن عوامل غياب تمثيل الثقافة الحسانية بالشكل اللائق داخل هذه التظاهرة الفنية، وعن أسباب احتكار أسماء بعينها تمثيل هذه الثقافة المغربية الأصيلة في هذا النوع من الأحداث الفنية.
في هذا الصدد، قال جواد شديد، رئيس النقابة المغربية للمهن الفنية، إن “الفرص التي تعطى للفن الأمازيغي ومعه الحساني، سواء في الدورة الحالية لمهرجان موازين أو الدورات السابقة، قليلة جدًا إن لم نقل شبه منعدمة، وهذا أمر غير مفهوم ويدفعنا للتساؤل عن طبيعة الأسباب التي تؤدي إلى تهميش وإقصاء الأغنية الأمازيغية من المهرجانات، رغم وجود أسماء فنية لامعة أعطت الكثير للفن الأمازيغي”.
وأضاف شديد، في تصريح لهسبريس، أن “إقصاء الفنانين الأمازيغ يطال، للأسف الشديد، أيضًا المهرجانات المحلية، بما في ذلك تلك التي تُنظم في المناطق الناطقة بالأمازيغية، فيما يتم استدعاء أسماء من خارج هذه المناطق. وهناك أيضًا تمييز يطال الفنانين الأمازيغ على مستوى التعويضات المالية التي تُمنح لهم من أجل المشاركة في بعض المهرجانات، على قلتها؛ إذ تُعطى لهم مبالغ زهيدة مقارنة بغيرهم”.
وذكر الفاعل النقابي ذاته أن “هناك إقصاءً مقصودًا يطال الفن الأمازيغي ورواده المحرومين من أبسط الحقوق، بما في ذلك المشاركة في الجولات الفنية، والإقصاء من البطاقة المهنية. وقد سبق أن نبهنا الوزارة الوصية على القطاع إلى مختلف هذه الإشكالات، طالبين منها إعطاء قيمة وفرصة للفنان الأمازيغي والتدخل من أجل إنصافه”.
من جانبه، أوضح علي فايق، فنان وملحن أمازيغي، أن “هناك إشكالًا حقيقيًا على مستوى برمجة بعض المهرجانات التي تُقصي الفنانين الأمازيغ والمنحدرين من الجنوب المغربي عمومًا، حيث أصبحت البرمجة واستدعاء الفنانين للمشاركة في المهرجانات تخضع لمنطق ‘البروز’ أو عدد المتابعات والمشاهدات التي يحصدها هذا الفنان أو ذاك على مواقع التواصل الاجتماعي، وليس على منطق الكفاءة وجودة المنتوج الفني، وهذا توجه أصبح واضحا”.
وأشار المتحدث ذاته، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “الفنانين يتحملون جزءًا من المسؤولية عن التهميش والإقصاء الذي يطالهم في المهرجانات الوطنية والدولية، على غرار مهرجان موازين، بسبب عدم اجتهادهم في رفع مستوى وجودة الفن الذي يقدمونه للجمهور، ذلك أن لدينا مشكلًا حقيقيًا في الصناعة الثقافية الوطنية، وفي مسألة تكييف المنتوج الفني مع مستجدات الساحة الفنية العالمية”.
وشدّد فايق على أن “الفنان الأمازيغي تعوّد على الإقصاء والتهميش، بما في ذلك من المهرجانات المحلية. كما أن هناك فنانين يُستدعون إلى بعض المهرجانات ويُعطون صورة سلبية جدًا عن تطور ودينامية الفن الأمازيغي، رغم وجود رواد وطاقات فنية يتم تهميشها في هذه المهرجانات، التي يُفترض أن تساهم في تعزيز حضور الفنان المحلي وإدماجه في المشهد الثقافي الوطني”.