يواصل الاقتصاد المصري جذب اهتمام المستثمرين الأجانب، مدعوما بإصلاحات اقتصادية طموحة ومؤشرات إيجابية تعكس استقرارا ماليا ونموا مستداما، فرغم التحديات الإقليمية والعالمية، أظهرت مصر قدرة لافتة على تعزيز بيئة استثمارية جاذبة، مما جعلها واحدة من أبرز الوجهات الاستثمارية في المنطقة.
وفي هذا التقرير من بانكير، نستعرض الأسباب الرئيسية وراء هذه الثقة المتزايدة في الاقتصاد المصري لاسيما في العام الجاري، والتحديات التي تواجه الاقتصاد المصري مستقبلا.
أسباب ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري 2025
اتخذت مصر العديد من الإجراءات الإصلاحية لتحقيق تنمية اقتصادية، لعل من أبرزها تحرير سعر الصرف، وإبرام صفقة رأس الحكمة، وهو ما ساهم في زيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي ليتجاوز 48 مليار دولار، وزيادة ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري، وفيما يلي نستعرض تفصيليا اسباب انتعاش الاقتصاد داخل مصر وعودة الثقة للاستثمار بها.

1. الإصلاحات الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال
منذ عام 2016، نفذت مصر برنامج إصلاح اقتصادي شامل بدعم من صندوق النقد الدولي، شمل تحرير سعر الصرف، خفض الدعم على الوقود، وإصلاحات مالية لتقليص عجز الموازنة، وهذه الإصلاحات ساهمت في تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي وزيادة القدرة التنافسية للصادرات، وأدت هذه السياسات - بحسب تقرير صادر عن الهيئة العامة للاستعلامات - إلى تحقيق فوائض أولية وتعزيز الثقة في السوق المصرية.
كما عملت الحكومة على تبسيط الإجراءات الإدارية من خلال إصدار "الرخصة الذهبية" للمشروعات الاستثمارية الكبرى، مما يقلل البيروقراطية ويسرع تنفيذ المشروعات، وحتى الآن، تم منح أكثر من 25 رخصة ذهبية في قطاعات مثل الصناعات الدوائية والغذائية والتكنولوجيا، مما عزز من جاذبية مصر للاستثمارات الأجنبية، خاصة من دول الخليج.
2. ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر
سجل الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر نموا ملحوظا خلال العام المالي 2024/2025، حيث بلغ حوالي 12.5 مليار دولار، مدعوما بصفقات استراتيجية كبرى مثل مشروع "رأس الحكمة"، هذا المشروع، الذي يتضمن استثمارات إماراتية بقيمة تتجاوز 35 مليار دولار، ويعد نموذجا للشراكات الإقليمية الناجحة التي تعزز الثقة في الاقتصاد المصري.
ووفقًا لتصنيف الأمم المتحدة للتجارة والتنمية لعام 2025، احتلت مصر المرتبة التاسعة عالميا والأولى عربيا وإفريقيا في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال عام 2024، مقارنة بالمرتبة 32 في 2023، وهذا يعكس التقدم والنجاح في بناء بيئة استثمارية شفافة وقابلة للتنبؤ.

3. تحسين التصنيف الائتماني
رفعت وكالة "فيتش" التصنيف الائتماني لمصر إلى "B" مع توقعات إيجابية، مشيرة إلى انخفاض المخاطر المالية وتحسن تدفقات الاستثمار الأجنبي، وهذا التحسن عزز قدرة مصر على الوصول إلى الأسواق المالية العالمية بتكلفة أقل، مما يعكس ثقة المستثمرين في استقرار الاقتصاد.
كما توقعت "فيتش" ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي إلى 53.3 مليار دولار بحلول نهاية العام المالي 2025، مدعومة بزيادة تحويلات المصريين بالخارج التي بلغت 2.9 مليار دولار في يناير 2025.
4. استقرار النظام المالي والمصرفي
أظهر تقرير الاستقرار المالي الصادر عن البنك المركزي المصري في أكتوبر 2024 قدرة النظام المالي على أداء دوره في الوساطة المالية، مع تجاوز القطاع المصرفي لجميع النسب الرقابية ومتطلبات لجنة بازل.
وهذا الاستقرار عزز ثقة المستثمرين في القطاع المصرفي، الذي يمثل أصوله 116.9% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنهاية 2023، كما ساهم تطوير البنية التحتية للدفع الرقمي في تعزيز الشفافية وتسهيل المعاملات المالية، مما جعل مصر وجهة موثوقة للاستثمارات في القطاعات التكنولوجية والمالية.
5. تنوع القطاعات الاستثمارية
تركز الاستراتيجية الاستثمارية الوطنية لمصر على قطاعات حيوية مثل الطاقة الخضراء، والصناعات الرقمية، والبنية التحتية، والسياحة، ومشروعات مثل تطوير الساحل الشمالي والبحر الأحمر، إلى جانب اكتشافات جديدة للغاز والزيت في الصحراء الغربية وخليج السويس، كل ذلك عزز من جاذبية مصر كمحور استثماري إقليمي.
وأكد تقرير صادر عن وزارة الاستثمار أن هذه القطاعات ستكون المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي خلال الفترة من 2025 إلى 2030، مع توقعات بتحقيق نمو اقتصادي يصل إلى 4.4% في العام المالي الجاري 2024/2025.

6. دعم المؤسسات الدولية
حظيت مصر بدعم قوي من مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مما عزز الثقة في قدرتها على إدارة التحديات الاقتصادية، وتوقع صندوق النقد الدولي تراجع الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 82.6% في 2024/2025، مع تحقيق فائض أولي بنسبة 3.5%، كما توقع البنك الدولي نموا اقتصاديا بنسبة 4.2%، مما يعكس مرونة الاقتصاد المصري.
تحديات تواجه نمو الاقتصاد المصري
رغم هذه الإنجازات، تواجه مصر تحديات مثل تراجع إيرادات قناة السويس بسبب التوترات في البحر الأحمر، حيث انخفضت من 9.4 مليار دولار في 2022/2023 إلى 7.2 مليار دولار في 2023/2024.
ولكن في النهاية تستمد ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري من الإصلاحات الاقتصادية الشاملة، وتحسين بيئة الأعمال، وارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي، واستقرار النظام المالي، بالاضافة إلى أن صفقات كبرى مثل "رأس الحكمة"، إلى جانب دعم المؤسسات الدولية وتنوع القطاعات الاستثمارية، عززت مكانة مصر كوجهة استثمارية واعدة.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.