"غزة: الخيانة والصمت" .. أطريدانو يعري نفاق الغرب وصمت العرب

"غزة: الخيانة والصمت" .. أطريدانو يعري نفاق الغرب وصمت العرب
"غزة: الخيانة والصمت" .. أطريدانو يعري نفاق الغرب وصمت العرب

“فليشهد التاريخ أن هذا الخريف لم يكن شهرا لسقوط أوراق الشجر؛ بل لسقوط الأرواح والأخلاق والضمائر والإنسانية والأقنعة أيضا”، بهذه الكلمات يستهلّ عبد المغيث بنمسعود اطريدانو، أستاذ العلوم السياسية والجيو-سياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، كتابه الجديد الصادر بعنوان “غزة: الخيانة الكبرى والصمت المُدوّي من طوفان الأقصى إلى سقوط دمشق”.

يضمّ هذا المؤلَّف كتابات الرئيس السابق لشعبة القانون العام بجامعة الرباط بين 8 أكتوبر 2023 و13 فبراير 2025، صدر في أزيد من 300 صفحة، باللغتين العربية والفرنسية، ونقله إلى العربية نور الدين سعودي، ومن بين ما يقدّمه “حجج مبنية على القانون الدولي” في قلب مواضيع حول “الإبادة الجماعية التي تحدث أمام أعيننا، والنفاق والتواطؤ الشامل”، و”الاغتيالات: ممارسة العصابات”، و”وحشية الغرب”، و”المحكمة الجنائية الدولية، فرنسا، وإسرائيل: الخزي والمهزلة”، و”مكيالا ‘الغرب’ المسؤول سياسيا واقتصاديا وإعلاميا”، و”التضامن الشعبيّ الإفريقي والغربيّ والعربيّ”، و”التطبيع العربي”، و”المثقفون والفنانون الذين قالوا ‘لا'”، و”سيادة الأحزاب المتطرّفة في إسرائيل”، وحرب اليوم “بين حركة مقاومة وكيان محتلّ”.

وفي بدايات الكتاب الجديد، ينطلق الأكاديمي بـ”محاولة تحرير اللغة من النزعة الاستعمارية”، الذي من نماذجه “تزييف التاريخ؛ فنقصد بالآخر، الشعوب و/أو مواطني العالم الثالث، العالم العربي – الإسلامي… معذبي الأرض الذين لا ينبغي أن يكون لهم دور في القرارات… هذا هو موقف أوروبا التي تعتبر ذاتها مركز العالم، موقف هذا الغرب الجغرافي تجاه هذا الآخر؛ وليس ذلك غريبا، بل إنه تقليد راسخ”.

وحول الاتهام بـ”الإرهاب”، كتب اطريدانو: “الآخر هو (الإرهابي): (حماس) و(الجهاد الإسلامي) ومقاتلوهم. هذا ليس جديدا في كلام الغربيين؛ فقد تم اعتبار جميع المقاومين من أجل الحرية خلال عملية الانعتاق من الاستعمار مجرمي حق عام، لتشويه سمعتهم في أعين شعوبهم والرأي العام الدولي، وأيضا لكي لا تطبق عليهم اتفاقية جنيف الرابعة بشأن القانون الإنساني (1949)”.

وتابع: “دون الخوض في الدلالات، من المُجدي إضافة هذا التدقيق: يُعتبر الأسرى العسكريون (حتى ولو كان بينهم مدنيون) في أيدي المقاومة رهائن وليس أسرى حرب. وهذا لدعم الفكرة القائلة بأن المقاتلين الفلسطينيين ليسوا سوى ‘إرهابيين’ أو مجرد ‘مجرمين’! مع العلم أن السكان الإسرائيليين جميعهم مجنّدون؛ يكفي أن يكون عمر المواطن 18 عاما، بما في ذلك النساء”.

وينبّه أستاذ العلوم السياسية إلى “موضوع يبدو أنه لم يلفت انتباه الدول والمراقبين، يتعلق بعدم لجوء الدول الأعضاء في مجلس الأمن، ولا سيما الدول غير الدائمة منها، إلى قرار أتشيسون الذي استخدم خلال الحرب الكورية، لتجاوز استعمال حق الفيتو الذي تمارسه الدول دائمة العضوية داخل مجلس الأمن للأمم المتحدة”.

و”على الرغم من الطبيعة غير المسبوقة للعدوان الإسرائيلي على غزة، واللامبالاة المذمومة من جانب العالمين الغربي والعربي – أو حتى انخراطهما الكامل إلى جانب إسرائيل – وباقي البشرية”، فهذا لا يحول دون “استخلاص بعض الدروس المؤقتة التي ستكون في صالح الشعب الفلسطيني”؛ فـ”7 أكتوبر، بآثاره المزعزعة، أدى إلى تجميد عملية التطبيع وإعادة خضوع منطقة الشرق الأوسط لنفوذ الأمريكيين بتنفيذ إسرائيلي، وجب محوه من الذاكرة. وللقيام بذلك، تم شن العدوان الإسرائيلي بوسائل لا حصر لها”.

وقدّر الكاتب أن “عواقب وتأثيرات أحداث 7 أكتوبر والرد الإسرائيلي عليها عميقة للغاية. هدف المقاومة هو إعادة القضية الفلسطينية إلى الأجندة الدولية، بينما الهدف النهائي للإسرائيليين هو تصفيتها بشكل لا رجعة فيه”؛ ومن أجل ذلك “تم حشد وسائل هائلة لتحقيق هذه الأهداف، الغرب قدّم كل ما في وسعه لدعم إسرائيل، والعالم العربي (باستثناء اليمن) تخلى تماما عن القضية الفلسطينية. وبقية العالم “تجاهل” القضية بشكل كامل”.

ومن بين ما يورده الكتاب كون “هدف العدوان الإسرائيلي هو تصفية القضية الفلسطينية، فتم حشد كل شيء لتحقيق ذلك؛ دعم عسكري ومالي واقتصادي واستخباراتي غير مسبوق من الولايات المتحدة والدول الغربية، وصمتٍ مُدو من المجتمع الدولي لتغطية الفظائع، وانحياز إعلامي تام من الدول الغربية للمواقف الإسرائيلية، وممارسة ازدواجية المعايير مقارنة بمواقفهم في أوكرانيا، ووصلت الدعاية (البروباغاندا) إلى مستوى غير مسبوق”.

ومن تداعيات هذه “الحرب الشاملة” على غزة، أن “ارتكبت القوات الإسرائيلية إبادة جماعية حقيقية”، و”لأول مرة منذ إنشائه، يحال الكيان الإسرائيلي على محكمة دولية”، بسبب “إبادة جماعية أقرّتها محكمة العدل الدولية، مع تدابير احترازية غير مبررة”، فـ”تضررت صورة الكيان الإسرائيلي بشكل كبير”، مع “تعبئة غير مسبوقة من شعوب الدول الغربية”، كما أن “الحرب على غزة قد كشفت كل شيء، وستؤدي إلى تشكيل جديد للشرق الأوسط والعالم”، وقادت إلى “عزلة الغرب وتأكيد صعود الجنوب العالمي”، و”نهاية الضمير الإنساني، التي تشكل كارثة يصعب التغلب عليها، ولن يتم نسيانها”.

ومن بين آثار “7 أكتوبر” أن “التاريخ سيذكر أن حركة تحرير وطنية بعتاد حربي بسيط استطاعت فرض مقاومة أسطورية على أسطول من السفن الحربية الغربية، بدعم متعدد الأشكال للإسرائيليين”، كما أن “التاريخ سيذكر أن الكيل بمكيالين الذي أظهره العالم الغربي والعربي وبقية العالم، يشهد على اختفاء كل فضيلة أخلاقية وإنسانية في هذا العالم… وفي هذه الأوقات المظلمة؛ لأن انتصار حركة تحرير ليس مرغوبا فيها من طرف العالم الغربي، لأن مصالحه في خطر؛ ولا مرغوبا فيها من العالم العربي خوفا من انتشار تأثيرها”.

ويذكّر الكاتب في محطّة أخرى من المؤلّف بأنه “في عام 2006، فازت حماس في الانتخابات في غزة. هذا غير مقبول بالنسبة للفكر الغربي السائد! الديمقراطية بمكيالين! منذ ذلك الحين، تم فرض حصار بري وبحري وجوي لا إنساني على قطاع غزة. ونعلم ما تبع ذلك”.

وفي تفاعل مع قول السينمائي الإسرائيلي إيال سيفان إن “الغرب يدفع قادة وشعب إسرائيل إلى الانتحار”، كتب الأكاديمي المغربي: “تخلّص الغرب من يهودهم من خلال دفعهم إلى زرع هذا الكيان في منطقة عربية ومسلمة بعد الحرب العالمية الثانية، والآن يسعى للتخلص منهم من خلال تشجيعهم، بدعم كامل وأعمى، نحو التطرف…”.

ويقول اطريدانو: “اللغة يتيمة من الكلمات: مجزرة، اغتيال، مذبحة، إبادة جماعية، هولوكوست، تدمير، إبادة، جريمة ضد الإنسانية. عمل وحشي… تجريد من الإنسانية… في هذه المقالة 32، اضطررت لاستخدام نفس الكلمات، الألفاظ، الأسماء والصفات… واللغة تستنفد ذاتها مع كثرة الطلب عليها واستخدامها… لقد استخدمتُ كل ما لدي… لأن الكلمات فقدت معناها في حالة غزة… نحن تقريبا عاجزون بشكل دراماتيكي عن تقديم كلمات جديدة”.

ويردّ الأكاديمي المغربي على من “يطالب بالفعل بـ(تحرير الفلسطينيين من حماس)”، عبر نقل تصريح لخالد مشعل، حين كان رئيسا للمكتب السياسي للحركة: “عرضت حماس والقوى الفلسطينية فرصة ذهبية لتقديم حل معقول للصراع الإسرائيلي -العربي. لسوء الحظ، لم يستغل أحد هذه الفرصة، لا الإدارة الأمريكية، ولا أوروبا، ولا اللجنة الدولية الرباعية.

إرادتنا المتكررة اصطدمت بالرفض الإسرائيلي الذي استحال تجاوزه. في وثيقة الوفاق الوطني لعام 2006 الموقعة مع جميع القوى الفلسطينية (باستثناء الجهاد الإسلامي)، نؤكد قبولنا لدولة فلسطينية في حدود 4 يونيو 1967، مع القدس عاصمة لها، بدون مستوطنات ومع حق العودة. هذا هو البرنامج المشترك للقوى الفلسطينية. بعضهم يريد أكثر، والبعض الآخر يريد أقل. هذا البرنامج موجود منذ ثلاث سنوات. العرب يريدون شيئا مشابها. المشكلة موجودة في إسرائيل. الولايات المتحدة تلعب دور المتفرج في المفاوضات وتدعم التحفظات الإسرائيلية. المشكلة ليست حماس ولا الدول العربية، بل هي إسرائيل”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بث مباشر.. مشاهدة مباراة اتحاد تواركة وأولمبيك آسفي في كأس العرش المغربي
التالى بسبب الهلال وصلة "توبيخ" لـ فينيسيوس