منذ اندلاع الحرب في الثالث عشر من يونيو 2025، شهدت المنطقة تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق بين إيران وإسرائيل، تبادلت فيه الدولتان الضربات الجوية والرشقات الصاروخية دون هوادة، ما أدى إلى زعزعة الأمن الداخلي في إسرائيل وفرار الآلاف من السكان والأجانب.
هذا التقرير يُحلل أبعاد الهجرة الجماعية من إسرائيل، وتداعياتها النفسية والاجتماعية والاقتصادية، استنادًا إلى تقارير من مصادر دولية موثوقة.
انهيار الشعور بالأمان: أزمة نفسية في الداخل الإسرائيلي
مع تعرض مدن إسرائيلية رئيسية مثل تل أبيب وحيفا لهجمات صاروخية مكثفة، أفادت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" بارتفاع بنسبة 300% في حالات الهلع والقلق الحاد. وحذرت منظمة الصحة العالمية، وفقًا لـ"نيويورك تايمز"، من اضطرابات نفسية جماعية محتملة بين السكان.
خلال الأسبوع الأول من الحرب، غادر أكثر من 50،000 شخص إسرائيل، في أكبر هجرة طارئة منذ حرب لبنان الثانية.
وأشارت "إسرائيل هيوم" و"بلومبرج" إلى أن العائلات الثرية لجأت إلى اليونان وإيطاليا، فيما ازدحم ميناء هرتسليا بشبكات تهريب بحري تتقاضى آلاف الدولارات مقابل الفرد.
قبرص: وجهة رئيسية وسط مخاوف من أزمة إنسانية
سجلت السلطات القبرصية، بحسب "جيروزاليم بوست" و"ماريف"، وصول أكثر من 3،000 إسرائيلي خلال ثلاثة أيام، ما شكل ضغطًا على الموارد والخدمات العامة، وأثار قلقًا بشأن إمكانات الاستيعاب. واجه بعض الفارين احتجازًا بسبب مشاكل التأشيرات.
تعقيدات قانونية وهجرة برية
أشارت "يديعوت أحرونوت" و"لو موند" إلى صعوبة مغادرة البلاد برًا وسط توقف الرحلات الجوية، وارتفاع أسعار النقل البري بعشرة أضعاف. وذكرت "دويتشه فيله" أن دول الجوار فتحت حدودها جزئيًا لأسباب إنسانية.
إجلاء الأجانب: ارتباك وفوضى
ذكرت "دير شبيجل" و"سي إن إن" أن الولايات المتحدة ودول أوروبية نفذت عمليات إجلاء لرعاياها، لكن نقص التنسيق وتأخر الاستجابة خلق معاناة للأجانب، خاصة في الجنوب الإسرائيلي.
أزمة إنسانية وتمييز داخلي
أفادت تقارير من "تايمز أوف إسرائيل" و"الجارديان" أن هناك تمييزًا في الوصول إلى الملاجئ ضد العرب والأجانب، ما أثار انتقادات واسعة. حذرت مفوضية اللاجئين من أزمة لاجئين داخلية في حال استمرار القتال.
أزمة اقتصادية: نزيف في التكنولوجيا والعملة
أفادت "نيويورك تايمز" و"جيروزاليم بوست" بانخفاض قطاع التكنولوجيا الفائقة بنسبة 35%، وهروب استثمارات بمليارات الدولارات. وذكرت "بلومبرج" و"رويترز" أن الشيكل تراجع، والبنوك بدأت تقييد السحوبات النقدية.
فشل حكومي وتحديات لوجستية
قالت "سي إن إن" و"فرانس 24" إن فوضى في ميناء حيفا والحدود البرية أعاقت عمليات الإجلاء. واشتكى مواطنون من سوء التنسيق، وظهرت تقارير عن رشاوى لعبور الحدود.
تداعيات دولية وردود متباينة
ذكرت "واشنطن بوست" أن الولايات المتحدة دعمت إسرائيل عسكريًا، لكنها ضغطت لتفادي التصعيد. وعطّل الفيتو الأمريكي إدانة الضربات في مجلس الأمن. في المقابل، دعمت روسيا والصين إيران دبلوماسيًا، وفقًا لـ"فورين أفيرز".
انهيار الثقة بالمؤسسات والهوية الوطنية
أشارت "معاريف" و"فورين أفيرز" إلى أن الفجوة الاجتماعية بين الفارين والباقين زادت التوترات الداخلية. فيما توقع محللون تغييرات سياسية داخل إسرائيل نتيجة الأزمة.
أزمة الحدود: مجتمعات مهددة بالتفكك
في مناطق مثل سديروت وكريات شمونة، وثقت "هآرتس" و"لو موند" هجرة واسعة ودمارًا في البنية التحتية. وسادت حالة من الشعور بالعزلة والهجر، وسط مطالب بإعادة تأهيل هذه المناطق.
المجتمع المدني: مبادرات رغم العقبات
أفادت "كان نيوز" أن منظمات غير حكومية بذلت جهودًا كبيرة لتوزيع المساعدات، لكن ضعف التنسيق مع الحكومة ونقص التمويل حدّ من فعاليتها.
العلاقات الإسرائيلية-العربية
ذكرت "نيويورك تايمز" و"فرانس 24" أن الأزمة أضعفت اتفاقيات التطبيع مع دول الخليج، فيما زاد الدعم الشعبي العربي لإيران. وواجه المواطنون العرب في إسرائيل تمييزًا في الملاجئ ووسائل الإجلاء.
الموجة الحالية من الهجرة لا تعكس فقط الخوف من القصف الإيراني، بل تمثل أزمة ثقة عميقة في مؤسسات الدولة، وقلقًا وجوديًا من مستقبل إسرائيل الداخلي والإقليمي. ووفقًا لتقارير دولية مثل "دير شبيجل" و"لو موند" و"فورين أفيرز"، فإن استمرار الأزمة قد يُعيد تشكيل الخريطة السياسية والاجتماعية في المنطقة لسنوات مقبلة.