وسط التصعيد المتواصل بين إسرائيل وإيران، يتجدد الجدل حول البرنامج النووي الإسرائيلي، الذي لطالما أحاطته تل أبيب بسياسة الغموض رغم المؤشرات الواضحة على امتلاكها سلاحاً نووياً.
ترسانة نووية خارج الاعتراف
بعد الضربات المكثفة التي وجهتها إسرائيل إلى منشآت نووية إيرانية، بررت بها ضرورة منع طهران من امتلاك القنبلة النووية، عاد السؤال للظهور مجدداً: ماذا عن الأسلحة النووية الإسرائيلية نفسها؟
رغم أن إسرائيل لم تعترف رسمياً بامتلاكها أسلحة نووية، إلا أنها لا تنفي ذلك أيضاً.
وهذا ما وصفه خبير الشؤون النووية في معهد ميدلبوري، جيفري لويس لقناة NBC بأنه الإنكار غير القابل للتصديق، بدلاً من مصطلح الغموض النووي الذي استخدمته إسرائيل لعقود.
تقديرات: 90 رأساً نووياً
تشير تقديرات من اتحاد العلماء الأميركيين ومعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) إلى أن إسرائيل تمتلك حوالي 90 رأساً نووياً، ولديها القدرة على إيصالها باستخدام صواريخ باليستية، طائرات مقاتلة، وربما غواصات.
ويُعتقد أن مركز البرنامج النووي الإسرائيلي هو مفاعل ديمونة الواقع في صحراء النقب، والذي أُقيم سراً بمساعدة فرنسية في خمسينيات القرن الماضي.
الردع بالغموض: استراتيجية محسوبة
تعتمد إسرائيل على سياسة الغموض النووي، أو ما يُعرف بـ"الردع بالغموض"، بهدف خلق توازن ردعي إقليمي دون إشعال سباق تسلح مباشر أو الخضوع لضغوط دولية بشأن نزع السلاح.
هذا الموقف الغامض يمنح إسرائيل أداة ردع قوية ضد خصومها، دون أن تتحمل التزامات أو تبعات قانونية أو سياسية بموجب الاتفاقيات الدولية.
إسرائيل خارج معاهدة عدم الانتشار
ورغم عضويتها في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلا أن إسرائيل لم توقّع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، على عكس إيران.
فالمعاهدة، التي دخلت حيز التنفيذ في عام 1970، تعترف فقط بخمس دول نووية شرعية، وهي الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، وفرنسا.
الانضمام للمعاهدة يلزم أي دولة بالتخلي عن ترسانتها النووية، ولهذا تبقى إسرائيل إلى جانب الهند، باكستان، وكوريا الشمالية خارج هذا الإطار القانوني الدولي، رغم امتلاكها الفعلي للأسلحة النووية.
ازدواجية المعايير الدولية مع ترسانة إسرائيل النووية
وبينما تشن إسرائيل حرباً مفتوحة على البرنامج النووي الإيراني تتصاعد التساؤلات حول ازدواجية المعايير الدولية في التعامل مع ترسانة إسرائيل النووية السرية.
في الوقت الذي تُفرض فيه رقابة صارمة على برامج دول أخرى، تبقى القدرات النووية الإسرائيلية خارج أي رقابة دولية حقيقية.
هذا التباين لا يثير فقط جدلاً قانونياً وسياسياً، بل يُغذي أيضاً مخاوف من سباق تسلح نووي إقليمي قد يمتد إلى ما بعد إيران، ويعيد رسم معادلات الردع في الشرق الأوسط بالكامل.