أخبار عاجلة
ريال مدريد يُخطط للتعاقد مع نجم من ليفركوزن -

من المهدي المنتظر إلى هرمجدون.. خامنئي ونتنياهو وترامب في معركة آخر الزمان

من المهدي المنتظر إلى هرمجدون.. خامنئي ونتنياهو وترامب في معركة آخر الزمان
من المهدي المنتظر إلى هرمجدون.. خامنئي ونتنياهو وترامب في معركة آخر الزمان

في ذروة التصعيد بين إيران وإسرائيل يتجاوز الصراع منطقه الجيوسياسي التقليدي ليكشف عن خلفية أعمق: مواجهة لاهوتية تحكمها نبوءات آخر الزمان، تتجسد في رؤى دينية متجذّرة لدى ثلاثة من أبرز الفاعلين في الساحة الدولية: المرشد الإيراني علي خامنئي، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ليسوا مجرد رجال سياسة، بل يرون أنفسهم وكلاء لمشيئة عليا، ومشاركين في سيناريو كوني مرسوم مسبقًا.

يرتكز النظام الإيراني على عقيدة “ولاية الفقيه”، التي تعتبر المرشد الأعلى نائبًا عن الإمام الثاني عشر، المعروف بـ”الإمام المهدي”، الذي اختفى وفق الرواية الشيعية منذ أكثر من 1200 عام؛ ويُعتقد أنه حيٌّ غائب في “الغيبة الكبرى”، وأن ظهوره سيكون نهاية للظلم في العالم. خامنئي، وفق هذه العقيدة، ليس مجرد زعيم سياسي، بل قائد في معركة دينية تمهّد لظهور الإمام الغائب، كما تردد في خطبه الرسمية، وكما ينقل بعض رجال الدين الإيرانيين عن رؤى مزعومة للقاءات مع الإمام المهدي.

هذه العقيدة تُترجم إلى إستراتيجية إقليمية شاملة: دعم الجماعات الشيعية المسلحة، مثل الحشد الشعبي، والحوثيين، وحزب الله، ونشر النفوذ العقائدي في سوريا والعراق، تحت راية “المقاومة”. العداء لإسرائيل وأمريكا ليس خيارًا جيوسياسيًا، بل التزامًا عقديًا، والمواجهة مع “قوى الاستكبار” جزء من الواجب الديني لتمهيد الطريق لعودة المهدي.

على الضفة الأخرى يعتمد نتنياهو على النص التوراتي لترسيخ رؤيته للشرق الأوسط، ويستدعي شخصيات العهد القديم مثل “هامان” لتصوير أعدائه، ويستخدم فكرة “الهيكل الثالث” لإضفاء طابع ديني على الصراع في القدس. في أكثر من مناسبة اعتبر نتنياهو نفسه حامي “إسرائيل التوراتية”، ويرى في وجوده امتدادًا لوعد الرب لشعب الله المختار، ويعتقد أن بناء الهيكل فوق أنقاض المسجد الأقصى هو بوابة الخلاص اليهودي.

أما دونالد ترامب فعبّر عن انخراطه العقائدي في نبوءة “هرمجدون” في خطاباته وتصريحاته حول “السلام بالقوة”، وتبنيه الكامل أجندة الإنجيليين الصهاينة، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وإعلانه أن “الرب أرسله لإنقاذ إسرائيل”؛ كما أن تحالفه مع تيارات الإنجيلية القدرية رسّخ خطابه “الخلاصي” الذي يرى نهاية العالم مرحلة ضرورية لعودة المسيح، ويؤمن بأن الحرب في الشرق الأوسط ضرورة نبوئية.

ما يجمع الثلاثة هو أن كلًّا منهم يرى نفسه في قلب نبوءة كبرى: خامنئي ينتظر عودة المهدي، ونتنياهو يحلم بالهيكل والمخلّص، وترامب يشعل صراعًا يُعجّل “نهاية الزمان”. هذا التشابه في الرؤى اللاهوتية يجعل من أي تصعيد سياسي شرارة محتملة لصدام عقائدي شامل.

المُقلق أن هذا “الجنون المقدس” يتقاطع جغرافيًا في قلب الشرق الأوسط: من القدس إلى طهران، ومن دمشق إلى بغداد. كل بقعة تتحول إلى نقطة ارتكاز في معركة كونية متخيلة، يجري فيها توظيف الدين في خدمة الهيمنة، ويتحوّل فيها المواطن العربي والمسلم إلى وقود في محرقة نبوءات لم يصنعها.

تقف الأمة الإسلامية اليوم محاصرة بثلاثة مشاريع “خلاص”: مشروع المهدي الغائب في طهران، مشروع الهيكل في تل أبيب، ومشروع الهرمجدون الإنجيلي في واشنطن. وهذه المشاريع، وإنْ بدت متضادة سياسيًا، فإنها تتقاطع لاهوتيًا في تجييش الشعوب، وتبرير الدم، واستدعاء الخلاص على حساب الحقيقة والعدل.

ما تحتاجه الأمة اليوم ليس فقط مواجهة جيوسياسية، بل مشروعًا حضاريًا عقلانيًا يمهد لنهضة لا تنتظر المخلّص، بل تصنع مستقبلًا بوعي إنساني مستقل عن نبوءات الخراب. لأن خامنئي ونتنياهو وترامب لا يقاتلون من أجل الأرض فقط، بل من أجل كتابة الفصل الأخير من قصة العالم.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق أمير هشام: تأكدت من عدم حصول عبد الواحد السيد على سٌلفة من الزمالك بل يداين النادي
التالى رئيس جامعة أسيوط يترأس اجتماع اللجنة التنسيقية لمتابعة مشروع مستشفى الأورام الجامعي الجديدة