يُعتبر الحج من أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، وبعد أداء مناسك الحج والعودة إلى الديار، يستحب أن يحرص الحاج على ترديد الأدعية التي وردت في السنة النبوية المطهرة، وكذلك الالتزام بآداب الرجوع، حفاظًا على الطهارة الروحية والنقاء القلبي الذي خرج به من هذه الرحلة المباركة.
وقد ورد عن النبي ﷺ عدد من الأدعية الخاصة بالرجوع من السفر، ومنها ما هو مخصص عند الرجوع من الحج، وما يتضمن الثناء على الله والشكر والدعاء بالحفظ والتوفيق.
دعاء الرجوع من الحج والسفر
من أبرز الأدعية التي يستحب أن يرددها الحاج عند عودته:
«اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ﴾»
«اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هذا البِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ العَمَلِ ما تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هذا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ في الأهْلِ»
وعند الرجوع، يُضاف إلى الدعاء:
«آيِبُونَ، تائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ»
أدعية الرجوع من الحج من السنة النبوية
ورد في صحيح مسلم عن النبي ﷺ أنه كان يقول عند الرجوع من السفر:
> «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، سَاجِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ»
كما يستحب أن يردد الحاج:
«تَوبًا تَوبًا لربنا أَوبًا لا يُغادِرُ علينا حَوبًا»
أدعية للحاج بعد العودة
من السنن المستحبة أن يُقال للحاج عند عودته:
> "تقبل الله حجك وغفر ذنبك وأعادك كما ولدتك أمك"
"اللهم تقبل منك حجك وعمرتك، وأكرمك بالقبول وأطال الله عمرك في طاعته"
"اللهم ارزقنا زيارة بيتك الحرام وقبر نبيك الكريم ﷺ"
كما يمكن ترديد الدعاء التالي للحاج:
"اللهم لكَ الحمدُ كالذي نقولُ، وخيرٌ مما نقولُ، اللهم لك صَلاتِي ونُسُكِي ومَحْيايَ ومَماتِي، وإليكَ مآبِي، لك رب تُراثِي، اللهم إني أعوذ بكَ من عذابِ القبرِ، ووسوسةِ الصدرِ، وشَتاتِ الأمْرِ، ومن شرّ ما تَجيئُ به الريحُ"
أدعية مستحبة في طريق العودة إلى الديار
يُستحب أن يدعو الحاج في طريق عودته إلى بلده:
> "اللهم اجعل لنا بها قرارًا ورزقًا حسنًا، اللهم ارزقنا جَنَاها، وأعذنا من وبالها، وحببنا إلى أهلها، وحبب صالحي أهلها إلينا"
ومن الأدعية العامة عند الرجوع من أي سفر:
"اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل"
آداب الرجوع من الحج كما أوصت دار الإفتاء
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن هناك مجموعة من الآداب التي ينبغي على الحاج أن يلتزم بها عند عودته من الحج، ومنها:
1. التعجيل بالرجوع إلى أهله: وهو من السنة النبوية، لقول رسول الله ﷺ:
"إذا قضى أحدكم حجَّه، فليعجِّل الرِّحلة إلى أهله، فإنَّه أعظم لأجره" – رواه البيهقي والحاكم.
2. الاستمرار على الطاعة والبعد عن الذنوب: من علامات قبول الحج أن يرى العبد تغيرًا في حاله إلى الأفضل بعد الحج.
3. الإكثار من الدعاء والاستغفار: فقد عاد من مكان تُغفر فيه الذنوب وتُمحى السيئات، فليداوم على الدعاء ويحرص على الأذكار.
4. إخبار الأهل بموعد الوصول وتهيئة النفس للاندماج في الحياة بعد الحج بتوازن روحي.
يقول العلماء إن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، لكن الدليل الأكبر على "برّ" الحج هو استقامة حال المسلم بعده، ودوامه على الطاعة، وتركه المعاصي. لذا، فإن دعاء الرجوع من الحج، وآداب العودة، ليست مجرد طقوس لحظية، بل هي امتداد لروح الحج التي ينبغي أن تسكن القلب واللسان والعقل ما بقي المسلم على وجه الأرض