السبت 14 يونية 2025 | 05:37 مساءً

الذكاء الاصطناعي
بينما تحتدم المنافسة العالمية في سباق الذكاء الاصطناعي، تسارع شركات التكنولوجيا الكبرى في ضخ استثمارات ضخمة في البنية التحتية الرقمية، مدفوعة بآمال مستقبلية ضخمة، لكن هذا التوسع السريع يطرح تساؤلات حادة بين المستثمرين حول مدى استدامة الأرباح وسط الارتفاع اللافت في النفقات الرأسمالية والإهلاك المحاسبي المتزايد.
وفقاً لتحليلات جمعتها وكالة "بلومبرغ"، تُخطط شركات "ألفابت"، و"أمازون"، و"ميتا بلاتفورمز"، و"مايكروسوفت" لإنفاق ما يصل إلى 311 مليار دولار على النفقات الرأسمالية خلال عام 2025، على أن ترتفع إلى 337 مليار دولار في 2026، وهو ما يمثل زيادة تتجاوز 60% مقارنةً بالعام السابق في الربع الأول فقط، بينما تراجع التدفق النقدي الحر لهذه الشركات بنسبة 23% خلال الفترة ذاتها.
موجة إهلاك تهدد العوائد
يشير عدد من مديري الاستثمار، من بينهم جيم مورو، الرئيس التنفيذي لشركة "كالودين كابيتال مانجمنت"، إلى أن هذه الشركات قد تفقد ميزتها التاريخية في جاذبية تدفقاتها النقدية. ويضيف: "الكل يراهن برأسماله على المستقبل.. ولكن من منظور التدفقات النقدية، لم تعد الأمور تسير كما في السابق".
وتُوجه معظم هذه النفقات إلى تحديث خوادم الذكاء الاصطناعي، أشباه الموصلات، والبنية التحتية السحابية. لكن التحدي يكمن في أن هذه الأصول تفقد قيمتها بسرعة، ما يزيد من عبء الإهلاك المحاسبي على الأرباح.
في الربع الأول من عام 2025، بلغت نفقات الإهلاك المجمعة لشركات "مايكروسوفت"، و"ألفابت"، و"ميتا" نحو 15.6 مليار دولار، مقارنةً بـ11.4 مليار دولار في الفترة نفسها من 2024. ومع دخول "أمازون" إلى المعادلة، يقترب هذا الرقم من الضعف.
انتعاش الأسهم رغم المخاطر
رغم هذه التحديات، لا تزال شهية المستثمرين تجاه أسهم التكنولوجيا في أوجها. منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعليق الرسوم الجمركية العالمية في أبريل الماضي، صعد مؤشر الذكاء الاصطناعي "Global X AI ETF" بنسبة 34%، وقفز سهم "إنفيديا" بنسبة 49%، فيما ارتفعت "ميتا" بنسبة 37% و"مايكروسوفت" بـ33%، متجاوزة مكاسب مؤشر "ناسداك 100".
وتعزز هذه الأرقام الثقة بأن الذكاء الاصطناعي سيظل محركًا رئيسيًا للنمو، رغم التكاليف الهائلة التي ترافقه. لكن روب ألميدا، كبير المحللين في "MFS Investment"، يرى أن وتيرة تبني الذكاء الاصطناعي لا تسير بالسرعة المتوقعة، قائلاً: "الرهان على الذكاء الاصطناعي لم يتحول بعد إلى ماكينة لصك الأموال".
محاولات لتخفيف أثر الإهلاك
تسعى الشركات للحد من آثار الإهلاك عبر إعادة هيكلة أعمار أصولها الإنتاجية. فقد أعلنت "ميتا" هذا العام عن تمديد العمر الافتراضي لخوادمها من أربع إلى خمس سنوات ونصف، وهو ما أدى إلى زيادة صافي الدخل بمقدار 695 مليون دولار في الربع الأول. وكانت "مايكروسوفت" قد اتخذت خطوة مماثلة عام 2022 بزيادة عمر خوادمها إلى ست سنوات.
من جهة أخرى، قررت "أمازون" السير عكس التيار، وقامت بتقليص العمر الإنتاجي لخوادمها إلى خمس سنوات بدلاً من ست، ما يزيد الضغط على أرباحها على المدى القصير.
وفي ظل هذه التغيرات، برزت قضايا الإهلاك كموضوع رئيسي في مؤتمرات نتائج الأعمال. المديرة المالية لشركة "ألفابت"، أنات أشكنازي، أوضحت أن الشركة تسعى لموازنة هذه التكاليف عبر تقليل نمو التعويضات، ومراجعة استراتيجيات التوسع العقاري، وزيادة استغلال البنية التحتية التقنية.
صدمة محتملة إذا لم تثمر الاستثمارات
التحدي الأبرز، بحسب جيم مورو، يكمن في احتمال فشل هذه الاستثمارات في توليد إيرادات وأرباح متوقعة. ويحذر قائلاً: "إذا لم تنجح هذه الرهانات، فسنشهد موجة هبوط حادة في الأرباح"، في إشارة إلى صدمة عام 2022 حين تراجعت أسهم التكنولوجيا بسبب تقلص الأرباح وارتفاع أسعار الفائدة.
في الوقت الراهن، توازن شركات التكنولوجيا بين الطموح في الريادة التقنية والخوف من فقدان الاستقرار المالي. ويبقى السؤال مفتوحاً: هل ستكون استثمارات الذكاء الاصطناعي قفزة نحو المستقبل، أم عبئاً يثقل كاهل الأرباح؟.
اقرأ ايضا
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.