كشفت وسائل إعلام إسبانية عن فضيحة أخلاقية خطيرة بطلها ضابط في الشرطة الوطنية الإسبانية، يُشتبه في تورّطه في استغلال مهاجرين مغاربة، بينهم قاصرون، مقابل تقديم تسهيلات في مساطر طلب اللجوء.
ووُجهت للضابط الذي كان يعمل بمراكز استقبال المهاجرين، اتهامات تتعلق بالاستغلال الجنسي للقاصرين والتلاعب في ملفات الهجرة، وهو ما دفع السلطات إلى توقيفه مؤقتًا عن العمل، في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات القضائية.
وعبرت نجاة أنور، رئيسة منظمة “ما تقيش ولدي”، عن استنكارها الشديد لهذه الأفعال المشينة، معتبرة أنها “تشكل انتهاكاً صارخاً لكرامة الإنسان ولحقوق القاصرين، وتؤكد من جديد هشاشة وضعيتهم داخل مراكز الاستقبال بإسبانيا”.
ودعت أنور، ضمن تصريح لهسبريس، إلى فتح تحقيق جنائي عاجل من طرف السلطات الإسبانية، مشددة على ضرورة تجاوز الإجراءات الإدارية الشكلية، والذهاب نحو محاسبة فعلية للمتورطين. كما أعلنت دعم جمعيتها الكامل لكل ضحية ترغب في التبليغ أو سلوك المساطر القضائية، سواء على المستوى الوطني أو الدولي.
وختمت أنور تصريحها بالدعوة إلى تحرك مشترك من قبل منظمات المجتمع المدني في كل من المغرب وإسبانيا من أجل التصدي لمثل هذه الانتهاكات الجسيمة، وضمان حماية كرامة الأطفال المغاربة في مراكز الإيواء الأوروبية.
من جانبها، عبرت نجية أديب، رئيسة جمعية “ما تقيش ولادي”، عن استنكارها الشديد، مشددة على أن ما وقع “يشكل صفعة للضمير الإنساني، ويكشف مجددًا عن هشاشة الوضع الذي يعيشه الأطفال المغاربة المهاجرون، خصوصًا غير النظاميين منهم”.
وأكدت أديب، ضمن تصريح لهسبريس، أن الطفل المغربي يجب ألا يُعامل كمواطن من الدرجة الثانية، داعية إلى إنزال العقوبات الزجرية الصارمة على المعتدي الإسباني دون مجاملة أو تمييز، قائلة: “العدالة لا ينبغي أن تفرّق بين معتدٍ إسباني وضحية مغربية، بل يجب أن يُحاسب المذنب بحسب القوانين الجنائية للدولة التي ارتكب فيها الجرم بغض النظر عن جنسية الضحية”.
وفي سياق متصل، شددت الفاعلة الحقوقية ذاتها على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية التي تدفع الأطفال المغاربة إلى ركوب قوارب الهجرة، موردة أن “الطفل الذي يلجأ إلى الهجرة غير النظامية غالبًا ما يكون قد فقد الأمل في مستقبل كريم ببلده الأم”. وتساءلت: “لماذا لا نوفّر لهؤلاء الأطفال مراكز ثقافية، ودور شباب، وسينمات، ومساحات للتعبير، عوض إنفاق المليارات على مهرجانات لا تخدمهم في شيء؟”.
وانتقدت أديب واقع الهدر المدرسي في القرى والمناطق النائية حيث يضطر الأطفال لقطع كيلومترات طويلة لمتابعة دراستهم، وهو ما يعرضهم للعنف والاستغلال، قائلة: “كثير من القرى لا تتوفر إلا على مدارس ابتدائية، والإعدادية قد توجد على بُعد عشرات الكيلومترات أو أكثر. كيف نطالب أطفالًا بالاستمرار في الدراسة في مثل هذه الظروف؟”.
وختمت تصريحها بالدعوة إلى احترام الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وتفعيلها على أرض الواقع، مشددة على أن “حقوق الطفل ليست مجرد شعارات، بل هي التزام يومي يجب أن يترجم في السياسات العمومية والتعليمية والاجتماعية”.