يشهد القطاع المصرفي ثورة رقمية غير مسبوقة تعيد تشكيل طبيعة الخدمات المالية، وتطرح تساؤلات جوهرية حول دور الفروع البنكية التقليدية في المستقبل، هل سيستم الاستغناء عنها في ظل التحول إلى الرقمنة، ام أنها ستستطيع أن تكيف أوضاعها مع التطور التكنولوجي الهائل؟.
في هذا التقرير من بانكير، نستعرض تحليلا شاملا لمستقبل الفروع البنكية في ظل هذا التحول الرقمي الضخم، مع التركيز على الاتجاهات العالمية والإقليمية نحو هذا التحول وتأثيره على المؤسسات المالية.
الاتجاهات العالمية نحو النحو الرقمي

تتجه البنوك نحو الرقمنة بوتيرة متسارعة، حيث تتوقع الدراسات أن تقدم 85% من البنوك خدمات رقمية متكاملة بحلول نهاية 2025، مقارنة بـ60% في عام 2018.
وبلغ حجم سوق البنوك الرقمية 12 مليار دولار في 2023، مع توقعات بوصوله إلى 30 مليار دولار بحلول 2026، كما يفضل 76% من العملاء إجراء معاملاتهم عبر الهواتف الذكية، مما قلل الاعتماد على الفروع التقليدية.
وتضاعف عدد البنوك الرقمية ليصل إلى أكثر من 300 بنك في 2025، معتمدة على نماذج تشغيلية مبتكرة خالية من الفروع المادية، مما يعزز الكفاءة ويخفض التكاليف.
الوضع في الشرق الأوسط
تشهد دول المنطقة في الشرق الأوسط تحولات كبيرة نحو الرقمنة المصرفية، مع تبني تقنيات متقدمة وتغير واضح في سلوك العملاء.
ففي مصر، قفزت قيمة المعاملات الرقمية إلى 7.5 تريليون جنيه في 2023، مع تسجيل 50 مليون محفظة هاتف محمول بحلول 2025، بنمو سنوي قدره 20%، كما أطلق البنك المركزي المصري أول بنك رقمي تحت اسم "onebank"، لدعم جهود الشمول المالي.
وفي المغرب، يعتمد 73% من أصحاب الحسابات على الخدمات الرقمية، بينما تواجه الفروع التقليدية تحديات بسبب ارتفاع تكاليف تشغيلها.
وفي الإمارات، تبرز تجارب بنوك رقمية مثل "زاند" كنماذج رائدة في تقديم خدمات مصرفية متطورة بدون الحاجة إلى فروع فعلية.
تحديات الفروع التقليدية
تواجه الفروع البنكية التقليدية ضغوطا متزايدة في ظل التحول الرقمي، ويبرز ذلك في عدة نقاط أساسية:
- تفضيل العملاء، خاصة جيل الشباب، للخدمات الرقمية على حساب الزيارة المباشرة للفروع.
- ارتفاع التكاليف التشغيلية للفروع مقارنة بالمنصات الرقمية.
- منافسة البنوك الرقمية التي تقدم خدمات بتكاليف أقل وتجربة مستخدم أكثر سلاسة.
- في السعودية، انخفض عدد الفروع بنسبة 3.4% في عام 2022، ما يعكس حجم التأثير الذي أحدثه التحول الرقمي.
مستقبل الفروع البنكية في ظل التحول الرقمي

كشفت تقارير اقتصادية متخصصة لن تختفي الفروع البنكية تماما، بل ستتطور إلى نماذج ذكية تدمج بين التكنولوجيا والخدمات التقليدية، بما يضمن استمرار دورها وإن كان في صورة مختلفة.
واكدت التقارير أنه ستظهر الأكشاك الذاتية والفروع المتخصصة في تقديم خدمات إدارة الثروات، مشيرة إلى أن الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات، سيلعبان دورا محوريا، حيث قد ساهم في تقليل زمن انتظار العملاء بنسبة 35% في بنوك مثل البنك التجاري الدولي في مصر.
كما ستسهم تقنيات البلوك تشين في تعزيز الأمان والشفافية داخل أنظمة الفروع الذكية.
ما الذي يضمن استمرار الفروع البنكية؟
لضمان الاستدامة والتكيف مع المستقبل، من المهم أن تضع البنوك استراتيجيات واضحة تشمل:
- الاستثمار في الفروع الذكية وتطوير بنيتها التحتية التكنولوجية.
- تعزيز الشراكات مع شركات التكنولوجيا المالية.
- تدريب الموظفين على التقنيات الحديثة لضمان جودة الخدمة.
- تخصيص الخدمات المصرفية لتلبية احتياجات العملاء المتنوعة، مع الحفاظ على بعض الفروع لتقديم خدمات متخصصة لا يمكن رقمنتها بالكامل.
ومما لا شك فيه، ان مستقبل الفروع البنكية يتمحور حول التكامل الذكي بين النماذج الرقمية والتقليدية، كما أن البنوك التي تسارع إلى تبني التكنولوجيا وتتكيف مع توقعات العملاء ستكون الأقدر على ضمان مكانتها في سوق الخدمات المالية المتغير باستمرار.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.