بين رهانات السياحة والمونديال .. المغرب يخطط لصفقة طائرات ضخمة

كشفت مصادر مطلعة لوكالة بلومبيرغ الأمريكية، المتخصصة في الأنباء الاقتصادية، أن لقاء مرتقبا بين الملك محمد السادس والرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتوقع أن يعقبه توقيع عقد ضخم بين الخطوط الملكية المغربية الجوية وشركة “بوينغ”، لتوريد العشرات من طائرات الرحلات الطويلة والقصيرة إلى الناقل الجوي الرسمي المغربي، في إطار سعيه إلى توسيع الأسطول.

وذكرت الوكالة، نقلا عن مصادر عليمة، أن “لارام” تدرس “شراء حوالي 12 طائرة من طراز بوينغ ‘787 دريملاينر’ الخاصة بالرحلات الطويلة، وما يصل إلى 50 طائرة بوينغ ‘737’ الموجهة للرحلات القصيرة”، مُوازاة مع نظرها في “شراء حوالي 20 طائرة ‘إيرباص A220’ للرحلات الإقليمية”.

ولم تُفد المصادر ذاتها، التي فضّلت عدم الكشف عن هويتها، “لسرية المناقشة”، بمعطيات بخصوص حجم الصفقة وتوقيت الإعلان عنها بدقة، وفق بلومبيرغ، التي استدركت بأنه “من الممكن أن يتم الإعلان عن جزء إيرباص من الصفقة الأسبوع المقبل في معرض باريس للطيران”.

أما طلبية شركة بوينغ فقد تؤجل، تضيف المصادر ذاتها، “إلى ما بعد اجتماع بين العاهل المغربي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مرحلة لاحقة”.

وتعتبر هذه الصفقة، التي تخطط لها الخطوط الملكية المغربية، “الأكبر في تاريخها الذي يمتد لأكثر من 60 عامًا”، بحسب بلومبيرغ، مردفة بأنها “ستشكل انتصارًا جديدًا لصانع الطائرات الأمريكي (بوينغ) بعد طلبية قياسية من الخطوط الجوية القطرية في مايو”.

السياحة و”المونديال”

يرى عزيز برهمي، خبير في النقل والتدبير اللوجيستيكي وأستاذ باحث بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، أن “الخطوط الملكية المغربية من خلال اشتغالها على توسيع أسطولها تهدف إلى مضاعفة عدد الخطوط الجوية والرحلات التي تشغلها”، موضحا أن “هذا الأمر يندرج كذلك في سياق الاستعدادات الوطنية لتنظيم كأس العالم 2030”.

وأورد برهمي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “نجاح احتضان هذا الحدث العالمي يستدعي التوفر على عرض كاف للنقل الجوي؛ وهو ما تستحضره الخطوط الملكية المغربية من خلال العقد الضخم المرتقب توقيعه مع بوينغ”.

“كما أن السياحة المغربية تعرف نموا ملحوظا، وبالتالي فإنه من المهم دعم هذه التوتيرة التصاعدية لعدد السياح بالمملكة بتقوية خدمات النقل الجوي”، يتابع المتحدث ذاته، مشددا على أن “هذا تصاعد هذا العدد يرتقب أن يضاعف الطلب على الرحلات الجوية خلال استضافة المونديال”.

“رهانات أوسع”

أما سفيان بنان، الباحث في اللوجيستيات الدولية، فيعتقد أن “هذا العدد الكبير من الطائرات، موضوع الصفقة بين ‘لارام’ و’بوينغ’، ليس موجها بأكمله لتلبية الطلب المغربي أساسا المتعلّق بالسياحة واستضافة المونديال”، مُنبهّا إلى أن “جزءا منه سيوجه للنقل من إفريقيا نحو أوروبا، ومن القارة الإفريقية إلى أمريكا الشمالية”.

وشرح بنان، ضمن تصريح لهسبريس، أن “ذلك راجع إلى كون المغرب غدا نقطة وصل بين أمريكا الشمالية وآسيا وأوروبا، خصوصا أن مجموعة من الرحلات القادمة من الدول الإفرقية المتجهة إلى القارة الأمريكية الشمالية، أو إلى أوروبا، تمر عبر المغرب، إذ تفتقر هذه الدول لخطوط مباشرة مع هاته الوجهات”.

واستحضر رئيس معهد الدراسات الاجتماعية والإعلامية بالمغرب أنه “منذ اندلاع الحرب الأوكرانية انقطعت الخطوط المباشرة بين موسكو وبقية العالم، وفي مقدمته أوروبا”، موضحا أن “الرابط الآن بين روسيا ودول أسيا وأمريكا الشمالية هو المغرب؛ وبالتالي من الضروري أن يمر المتوجهون إلى روسيا عبر الخطوط الملكية المغربية، وإلا فإنهم سيضطرون إلى التنقل إلى الإمارات أو إحدى دول الخليج الأخرى”.

وشدد الباحث في اللوجيستيات الدولية على ضرورة “تقوية عرض مختلف وسائل النقل، من الطيران إلى الحافلات والسكك الحديدية؛ لأنها لا تخدم السياحة فقط، وإنما كذلك التجارة؛ بما أن المغرب سيكون نقطة الوصل البحرية لربط الدول المطلة على المحيط الأطلسي”، بتعبيره.