ثمن فاعلون حقوقيون ومدنيون خطوة الشروع في رصد المخالفات في اتجاهي السير معًا بواسطة الرادارات الآلية، معتبرين أنها “تستهدف التقليل من حوادث السير وتحقيق المساواة والشفافية في مراقبة الحركة ومكافحة السرعة المفرطة”، مع تسجيل “تخوفات مشروعة” بشأن “احتمال تصوير السائق ومن يرافقه داخل السيارة”، وسط مطالب بوضع تدابير قانونية واضحة تحمي الخصوصية وتحافظ على التوازن بين السلامة والحقوق.
وأنهت الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية إلى علم مستعملي الطريق وعموم المواطنين أنه في إطار جهودها المستمرة من أجل تنزيل الإجراءات والتدابير الرامية إلى تعزيز السلامة الطرقية في بلادنا “سيتم الشروع في تفعيل نظام رصد المخالفات في اتجاهي السير معا، ذهابا وإيابا في اتجاه الرادار، بواسطة الرادارات الآلية”، مسجلة شروع الأجهزة في رصد المخالفات المرتكبة، في الوقت نفسه، بالنسبة للمركبات التي تقترب من الجهاز، إضافة إلى تلك التي تبتعد عنه، اعتباراً من تاريخ 16 يونيو 2025.
وتابعت “نارسا”: “يهدف هذا الإجراء إلى تحقيق عدالة أكبر في رصد المخالفات الطرقية وتعزيز مبدأ المساواة بين جميع مستعملي الطريق، إذ سيمكن من ضبط جميع المخالفات بغض النظر عن اتجاه حركة سير المركبات”، داعية جميع السائقين إلى “ضرورة احترام السرعة القانونية والالتزام التام بقواعد السير”.
مساواة ومخاوف
عبد الإله الخضري، رئيس المركز الوطني لحقوق الإنسان، قال إن الإجراء الجديد “يستهدف تكريس مبدأ المساواة في عمليات المراقبة بين جميع مستعملي الطريق، كما يعزز المساهمة في تحقيق السلامة الطرقية عبر مختلف جهات المملكة”، مبرزًا أن “مراقبة حركة السير في كلا الاتجاهين بشكل متوازن وشفاف تُعد مكسبًا حقيقيًا”، وزاد: “التقنية الجديدة تشتغل وفق نظام ذكي يمكنها من رصد المخالفات بغض النظر عن اتجاه حركة المركبة”.
وأوضح الخضري، ضمن تصريحه لهسبريس، أهمية الخطوة من حيث أنها “ترصد سواء كانت المركبة تقترب من الرادار أو تبتعد عنه، ما يرفع من فعالية المراقبة ويُسهم بشكل مباشر في التصدي للسرعة المفرطة التي تمثل أحد الأسباب الرئيسية لحوادث السير في المغرب”، وتابع: “هذا التطور مهم فعلاً وإيجابي، لكنه يستدعي مواكبة قانونية ملائمة، وذلك من خلال تحيين القوانين ذات الصلة لضمان انسجامها مع التطبيق الميداني”.
واعتبر الفاعل الحقوقي ذاته أن “أي تفاوت بين منطوق النص القانوني وتأويله أو تطبيقه قد يؤدي إلى ارتباك أو حتى ظلم في حق مستعملي الطريق، ما يفرض مراجعة دقيقة وشاملة للإطار التشريعي المرتبط بمراقبة السرعة”، مناديًا بمراجعة بعض الوضعيات الخاصة في شبكة الطرق، وقال: “هناك مناطق يُرغم فيها السائقون على احترام حد أدنى من السرعة رغم أن البنية التحتية أو طبيعة الطريق لا تبرر هذا التقييد”.
ودعا المتحدث ذاته في هذا السياق إلى “إعادة النظر في هذه السرعة الدنيا بما يتناسب فعليًا مع بداية نطاق الخطورة، تفاديًا للإجحاف وتفعيلاً لمبدأ السلامة لا الآلية الصرفة للتطبيق”، خاتمًا بالتنبيه إلى ما وصفها بـ”تخوفات مشروعة” من اعتماد هذه التقنية، خاصة في ما يتعلق بـ”إمكانية تصوير السائق ومن يرافقه داخل السيارة، وهو ما قد يُعد مساسًا بالحياة الخاصة”، وواصل: “يتطلب الأمر تدابير قانونية وإجرائية واضحة تحقق توازنًا دقيقًا بين حماية الخصوصية واحترام القانون وتنفيذه بفعالية”.
خطوة إيجابية
يوسف تيدريني، عضو المكتب التنفيذي للشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب، قال إن الفعاليات المدنية وضمنها الشبكة تثمن هذا القرار وتراه “صائبا”، مردفا: “أي قرار يهدف إلى الحد من المخالفات أو التقليل من الأضرار التي تقع في الطرقات، التي نُسميها ‘حرب الطرقات’، هو قرار في الاتجاه الصحيح، خاصة أن هذه الحرب تخلف آلاف الجرحى والعديد من القتلى”.
وشدد تيدريني، ضمن تصريحه لهسبريس، على دور القرار في “محاصرة التهور، وقلة الوعي بمخاطر الطريق، وخرق قوانين السير”، معتبرا أن “القرار الأخير المتعلق برصد وضبط المخالفات في الاتجاهين يمثل في حد ذاته تطورًا إيجابيًا، لأنه يُنبه مستعملي الطريق إلى أن المراقبة تشمل كلا الجانبين، ما يدفعهم إلى الانتباه أكثر أثناء السياقة”.
وأشار الفاعل المدني نفسه إلى أن “الإجراءات التي تتخذها مختلف الأجهزة المعنية، من الأمن الوطني والدرك الملكي، إلى موظفي وزارة النقل الذين يسهرون على ضبط هذه المخالفات ومعاينتها، تُعد جهودًا بالغة الأهمية في تعزيز السلامة الطرقية”، مؤكدا أنها “تدابير قد لا تقضي كليًا على الحوادث، لكنها ستُسهم لا محالة في التقليل منها”.
كما أورد المتحدث أن “الحد من حوادث السير يبقى في جوهره مسألة مرتبطة بالوعي والتربية، وهو ما يقتضي انخراط جميع المتدخلين، من المدرسة إلى الأسرة، مرورًا بالإعلام”، داعيا إلى “تكثيف التوعية، وحث المجتمع على احترام القانون، وتسليط الضوء على هذه الآفة، لما تسببه من خسائر بشرية جسيمة، سواء في الأرواح أو من خلال العاهات المستديمة التي قد تلازم المصاب طيلة حياته، إن لم تود بحياته أساسًا”.