في سعيٍ متجدد إلى تعزيز الدبلوماسية الموازية شهدت مدينة برشلونة تنظيم ندوة أكاديمية مرموقة، خُصصت لبحث مستفيض حول المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء، بمبادرة من مجلس الشباب المغربي للدبلوماسية والعلاقات الدولية، وبتنسيق وثيق مع القنصلية العامة للمملكة المغربية في برشلونة، واحتضنتها إحدى أبرز المؤسسات الجامعية بالمدينة.
الندوة، التي عرفت حضور دبلوماسيين وبرلمانيين وأساتذة جامعيين وطلبة باحثين من جنسيات متعددة، انصبت على قراءة السياق السياسي والقانوني للمبادرة المغربية، وسُبل تفعيل المقاربة الأكاديمية في دعم القضايا الوطنية، ولاسيما في المحافل الأوروبية؛ وكانت مناسبة لتقديم مرافعة فكرية مؤسسة، تراوحت بين التحليل الأكاديمي والتأطير الدبلوماسي.
وفي مستهل اللقاء ألقى القنصل العام للمملكة المغربية ببرشلونة، شريف الشرقاوي، كلمة وازنة سلط فيها الضوء على الأهمية المحورية التي تكتسيها قضية الصحراء المغربية في هندسة السياسة الخارجية للمملكة، وأكد أن هذا النزاع المفتعل لم يعد مجرد ملف إقليمي محدود، بل أضحى معيارًا دالًا على مدى التزام الدول بمبادئ السيادة والوحدة الترابية.
وشدد الشرقاوي على أن المملكة المغربية، بقيادة الملك محمد السادس، حققت مكاسب دبلوماسية متراكمة، أرست دعائم اعتراف دولي متنامٍ بمصداقية مقترح الحكم الذاتي كحل واقعي وعملي ونهائي لهذا النزاع.
ولم يفُت القنصل العام أن ينوه بالدور النوعي الذي أضحت تضطلع به مكونات المجتمع المدني المغربي في الخارج، وخاصة الشباب، في تعزيز الإشعاع الدبلوماسي للمملكة عبر مبادرات مبتكرة تنهل من مرجعية وطنية راسخة، وتخاطب الرأي العام الأوروبي بلغة علمية رزينة، معتبراً أن هذا النوع من اللقاءات الفكرية والأكاديمية يسهم في بناء جسور تفاهم عابرة للحدود، ويجسد بجلاء نضج الجالية المغربية وانخراطها الإيجابي في الدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى.
وفي مداخلته خلال الندوة الأكاديمية التي احتضنتها جامعة برشلونة المستقلة ألقى معتز كبري، رئيس مجلس الشباب المغربي للتعاون الدبلوماسي والدولي، كلمة استعرض فيها الدور الحيوي الذي يضطلع به الشباب المغربي المقيم بالخارج في الدفاع عن القضايا الوطنية، وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية.
وأكد كبري أن المجلس يسعى إلى تمكين الشباب من أداء أدوارهم في الدفاع عن القضايا الوطنية بشكل مؤسساتي ومنظم، مشيرًا إلى أن هذا اللقاء يندرج ضمن جهود المجلس لتمكين الشباب من القيام بدور فاعل في الترافع المؤسساتي حول الصحراء المغربية، مبرزًا الدينامية التنموية الكبيرة التي تعرفها الأقاليم الجنوبية في السنوات الأخيرة، في إطار النموذج التنموي الجديد الذي يقوده الملك.
وفي كلمتها خلال الندوة الأكاديمية شددت عائشة موسى، نائبة رئيس مجلس الشباب المغربي للتعاون الدبلوماسي والدولي، على ضرورة اعتماد مقاربة علمية شاملة في تناول ملف الصحراء المغربية، تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد القانونية والسياسية والإقليمية والدولية.
وأكدت موسى أن الفضاءات الجامعية الأوروبية تشكل منصة مهمة لإيصال صوت المغرب في الأوساط الأكاديمية، داعية إلى توظيف هذه الفضاءات للترافع العلمي حول القضية.
كما دعت المتحدثة إلى ضرورة استثمار الفضاءات الجامعية الأوروبية لإيصال صوت المغرب في الساحة الأكاديمية، وتشجيع الطلبة المغاربة على الانخراط الفاعل في الدفاع عن القضايا العليا لوطنهم.
وفي مداخلته خلال الندوة ذاتها شدد أحمد بنعلا، المستشار السياسي بإقليم كاتالونيا، على أن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب تُمثّل تصورًا جديًا وموثوقًا لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، مبرزًا أنها تحظى بدعم متزايد في الأوساط الدولية، لما تنطوي عليه من واقعية سياسية واحترام للسيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة.
ولفت بنعلا إلى أن الدينامية التنموية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية، سواء على مستوى البنيات التحتية أو النهوض بالتعليم وتشجيع الاستثمار، تجسد الانخراط الصادق للدولة في تنزيل نموذج تنموي يروم الإدماج الكامل لهذه الأقاليم في المشروع الوطني.
واعتبر المتحدث أن هذا المسار التنموي المتسارع، بما يحمله من دلالات سياسية واقتصادية، يعزز مصداقية المقترح المغربي، ويبرهن على أن المملكة لا تكتفي بطرح حلول نظرية، بل تسند مبادراتها برهانات ميدانية تنعكس إيجابًا على حياة الساكنة المحلية وعلى استقرار المنطقة برمتها.
