أكد صندوق النقد الدولي أن سوريا بحاجة ماسة إلى دعم مالي دولي بشروط ميسرة جداً، إلى جانب مساعدة كبيرة في بناء القدرات المؤسسية، وذلك في أعقاب أول زيارة رسمية لبعثة فنية من الصندوق إلى دمشق منذ نحو 18 عاماً.
وأوضح الصندوق في بيان أصدره اليوم أن البعثة بحثت مع المسؤولين السوريين أولويات السياسة الاقتصادية على المدى القريب، إلى جانب مناقشة اعتماد موازنة لما تبقى من العام الجاري، وضمان توجيه الموارد المتاحة لتغطية الإنفاق ذي الأولوية.
وتأتي هذه الزيارة في ظل تحركات دولية متزايدة لدعم جهود إعادة تأهيل الاقتصاد السوري، خاصة بعد التخفيف الجزئي للعقوبات الغربية المفروضة على البلاد.ويُقدّر إجمالي الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها سوريا خلال سنوات الحرب بنحو 800 مليار دولار، وفق بيانات الأمم المتحدة.
وقالت كريستالينا غورغييفا، المديرة التنفيذية لصندوق النقد، في تصريحات سابقة لـ"الشرق" إن الصندوق "جاهز لدعم سوريا"، مشيرة إلى أن التواصل بدأ بالفعل بين موظفي الصندوق والمسؤولين السوريين، لا سيما في المؤسسات الاقتصادية الرئيسية مثل مصرف سورية المركزي.
استعادة الثقة في الليرة وتعزيز قدرات البنك المركزي
وشملت محادثات البعثة قضايا حيوية أبرزها إصلاح نظام الضرائب والجمارك، وتمكين البنك المركزي من تطبيق سياسة نقدية تهدف إلى استقرار الأسعار واستعادة الثقة في الليرة السورية. كما تم التطرق إلى إعادة تأهيل أنظمة الدفع والخدمات المصرفية، إلى جانب تعزيز قدرات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وترأس البعثة رون فان رودن، نائب مدير دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وضم الوفد ثمانية خبراء من إدارات متعددة داخل الصندوق، بينها المالية العامة، الشؤون النقدية، الإحصاء، والشؤون القانونية.
وذكر الصندوق أن السلطات السورية أبدت حرصاً على استعادة النمو الاقتصادي، وأنها تخطط لاعتماد سياسات مالية ونقدية "سليمة"، مؤكداً وجود رغبة واضحة في إعادة بناء الثقة بالقطاع المصرفي وربطه مجدداً بالنظام المالي العالمي.
عودة وشيكة إلى نظام "سويفت"
في السياق ذاته، تستعد سوريا للعودة الكاملة إلى نظام التحويلات المالية الدولية "سويفت" خلال الأسابيع المقبلة، بحسب ما نقلته صحيفة "فايننشال تايمز" عن محافظ مصرف سورية المركزي عبد القادر الحصرية. وتُعد هذه الخطوة جزءاً من خطة أوسع لإعادة دمج الاقتصاد السوري في الأسواق العالمية.
خارطة طريق للإصلاح
وأشار بيان الصندوق إلى أن خبراءه يعملون حالياً على إعداد خارطة طريق تفصيلية تتضمن أولويات الإصلاح وبناء القدرات، مع التركيز على مؤسسات رئيسية مثل وزارة المالية والبنك المركزي، مضيفاً أن تحقيق هذه الأهداف "يتطلب تنسيقاً وثيقاً مع شركاء التنمية الدوليين لضمان الدعم الفعّال".
واختتمت بعثة الصندوق زيارتها إلى دمشق بلقاءات موسعة شملت وزير المالية ومحافظ مصرف سورية المركزي، بالإضافة إلى ممثلين عن القطاع الخاص والبنوك الحكومية.
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك
