البابا تواضروس , في 18 نوفمبر من عام 2012، تم تنصيب قداسته ليكون بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، خلفًا للبابا شنودة الثالث الذي انتقل إلى جوار ربه في مارس من العام نفسه. ومنذ توليه هذا المنصب، حمل قداسته على عاتقه مسؤولية روحية وإدارية كبيرة، متابعًا رسالة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بحكمة وهدوء، ومواصلًا طريق التعليم والتأليف الذي بدأه في سنوات خدمته الأولى.

مسيرة كنسية لـ البابا تواضروس تتسم بالتعليم والتأليف
قبل تنصيبه خدم قداسته كأسقف عام في إيبارشية البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، حيث تميز بنشاطه في مجال التعليم الكنسي. وقد ألّف خلال هذه المرحلة العديد من الكتب التي تجمع بين العمق اللاهوتي والرؤية الروحية العملية. لم يكن عمله محصورًا في الجوانب الرعوية فقط، بل اتجه إلى صياغة مفاهيم الإيمان بلغة مبسطة وقريبة من القارئ، مما جعله مرجعًا للكثير من الراغبين في التعمق بالإيمان القبطي الأرثوذكسي.
من أبرز مؤلفاته في هذه المرحلة كتاب “الكتاب المقدس أعظم وثيقة جمالية” الذي صدر عام 1998، وهو عمل فريد من نوعه يستعرض الجوانب الجمالية والفنية والتشريعية في الكتاب المقدس، ويُعد من الأعمال المرجعية التي تم استخدامها في تأسيس “معهد الكتاب المقدس” التابع للإيبارشية.

أعمال فكرية وروحية خالدة لـ البابا تواضروس
بعد تجليسه على الكرسي البابوي، استمر قداسته في الكتابة والتأمل. أحد أبرز كتبه بعد التتويج البابوي هو “المنجلية القبطية الأرثوذكسية”، الذي صدر في الذكرى الأولى لتوليه المنصب، ويتضمن هذا العمل الكبير عظاته السابقة التي ألقاها أثناء خدمته كأسقف، وقد جُمعت بشكل منسق في مجلد ضخم يشمل نصوصًا كتابية وتأملات روحية وأقوال آبائية، مما جعله يُشبه في بنائه بكتاب “القطمارس القبطي”.
أما كتاب “منهج الحب في الحياة الروحية”، فهو يعكس الجانب العملي من فكره ، حيث يضم ثماني محاضرات ألقيت خلال اجتماعات الأربعاء الأسبوعية في عام 2013. يتناول الكتاب مفهوم الحب كعنصر أساسي في الحياة الروحية، ويُقدم رؤى تساعد المؤمنين على السير في طريق القداسة.
الجذور الأولى: من الهندسة إلى الخدمة الروحية
وُلد باسم وجيه صبحي باقي سليمان، في مدينة المنصورة، لأسرة مصرية بسيطة مكونة من ثلاثة أبناء، وكان والده يعمل مهندس مساحة. عاشت العائلة بين عدة مدن منها سوهاج ودمنهور، مما أتاح له التعرف على تنوع الحياة الاجتماعية في مصر. وفي 4 نوفمبر 2012، تم اختياره بابا عن طريق “القرعة الهيكلية”، ليصبح البابا رقم 118 في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
مسيرته تمثل نموذجًا للقيادة الروحية المتزنة، التي تجمع بين الحكمة والتعليم، وبين الفكر والانفتاح، مما جعله شخصية مؤثرة في الكنيسة والمجتمع.