الاثنين 09 يونية 2025 | 06:25 مساءً
في ظل التحديات الجيوسياسية المتصاعدة والضغوط المالية التي تواجهها المملكة المتحدة، تستعد وزيرة المالية البريطانية رايتشل ريفز للكشف عن مراجعة شاملة للإنفاق العام يوم الأربعاء، وسط ترقب سياسي وشعبي كبير لما تحمله هذه المراجعة من مفاضلات صعبة قد تعيد رسم أولويات الإنفاق في البلاد حتى عام 2030.
تأتي هذه الخطوة في أعقاب إعلان رئيس الوزراء كير ستارمر عن التزام حكومته برفع ميزانية الدفاع، بالتوازي مع خطط لتعزيز تمويل هيئة الخدمات الصحية الوطنية. ويشير ذلك إلى احتمالات تقليص الإنفاق في وزارات أخرى لضمان التوازن المالي، مما ينذر بقرارات قد تُثير جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والاجتماعية.
وصف معهد الدراسات المالية – أحد أبرز مراكز الفكر الاقتصادي في بريطانيا – التوجهات الحكومية بأنها “محفوفة بالمفاضلات القاسية”، محذراً من أن تأمين الموارد لقطاعات معينة سيكون على حساب قطاعات أخرى لا تقل أهمية، ما لم تتم مراجعة شاملة للسياسات الضريبية أو إيجاد مصادر دخل إضافية.
الحكومة تتراجع عن قرار إلغاء دعم التدفئة بعد انتقادات شعبية
وفي تحرك استباقي يسبق الإعلان المرتقب، تراجعت الحكومة البريطانية عن خطة كانت ستقضي بإلغاء دعم التدفئة الشتوية لكبار السن، بعد موجة من الانتقادات البرلمانية والشعبية. وبدلاً من ذلك، قررت رفع حدود الدخل المؤهلة للحصول على الدعم، ما سيسمح لنحو تسعة ملايين متقاعد بالاستفادة من البرنامج خلال فصل الشتاء القادم.
هذا التراجع يأتي في وقت تواجه فيه حكومة حزب العمال تحديات على صعيد إدارة المالية العامة، لا سيما بعد قرارات مثيرة للجدل بخفض إعانات العجز، وهي إجراءات تهدف إلى توفير أكثر من 5 مليارات جنيه إسترليني بحلول عام 2030. وقد أشعلت هذه الخطوة احتجاجات واسعة في العاصمة لندن، تحت شعارات مثل: “افرضوا الضرائب على الأغنياء” و”أوقفوا التخفيضات”.
أولويات جديدة: الدفاع والتكنولوجيا مقابل المساعدات الخارجية
في محاولة لتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز مكانة بريطانيا على الساحة الدولية، أعلنت الحكومة عن خطة استثمارية ضخمة بقيمة 86 مليار جنيه إسترليني تُوجَّه إلى قطاعات التكنولوجيا المتقدمة والعلوم والدفاع، على أن تُنفذ حتى عام 2030. كما يُتوقع أن تعلن رايتشل ريفز عن تخصيص ما يصل إلى 30 مليار جنيه إضافية لهيئة الخدمات الصحية، استجابة للضغوط المتزايدة من الشارع البريطاني لتحسين خدمات الرعاية الصحية.
لكن هذه الاستثمارات الطموحة تأتي على حساب تقليص الإنفاق في مجالات أخرى. وتشير تقارير بريطانية إلى أن ميزانية المساعدات الخارجية ستكون من أبرز ضحايا هذه التحولات، وذلك في ظل توجه الحكومة لرفع الإنفاق الدفاعي إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، ثم إلى 3% بحلول عام 2034، استجابة لتزايد التهديدات من روسيا.
معادلة صعبة.. وتوقعات برفع الضرائب في ميزانية الخريف
وفي محاولة لخلق مساحة مالية كافية للمناورة، قامت وزيرة المالية بتعديل القواعد المالية التي تنظم الإنفاق العام، مما أتاح للحكومة نحو 113 مليار جنيه من الفوائض الاستثمارية. ومع ذلك، فإن خبراء اقتصاديين يحذرون من أن هذا التعديل لن يكون كافياً إذا لم يقترن بإدارة رشيدة وموجهة نحو تحقيق نتائج طويلة الأمد، لا سيما في قطاعي الإسكان والطاقة.
وتتصاعد التحديات مع ارتفاع تكاليف الاقتراض، وضغوط تمويل الدفاع والرعاية الاجتماعية، وهو ما قد يدفع الحكومة إلى التوجه نحو رفع الضرائب في ميزانية الخريف المقبلة. تحذيرات عدة صدرت عن مؤسسات مالية ومراكز بحثية من أن الأسواق العالمية والشارع البريطاني على حد سواء لن يتسامحا مع أية إشارات لعدم الاستقرار المالي أو العجز عن تنفيذ التزامات الحكومة الجديدة.
وفي هذا السياق، تبدو الحكومة البريطانية أمام معادلة شديدة التعقيد: المحافظة على التوازن بين متطلبات الأمن القومي، والعدالة الاجتماعية، وتحفيز الاقتصاد، وكل ذلك في ظل موارد مالية محدودة وضغوط سياسية متزايدة.
اقرأ ايضا
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.