في سياق تصاعد التوجه العالمي نحو استدماج حلول ذكاء الآلة لصد تداعيات التغيرات المناخية ومكافحتها، تمكّن عدد من طلبة ماستر “علوم البيانات والبيانات الضخمة”، بكلية العلوم بنمسيك- جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، من تطوير “نظام تنبؤي بالحرائق” يستند إلى الذكاء الاصطناعي، ويمكّن من “توقع بؤر اشتعال الحرائق بشكل مسبق”، إلى جانب إطلاق تحذيرات مبكّرة للجهات المعنية قبل وقوع هذه الحوادث.
ويحاول هذا الابتكار الطلابي، الذي كُشف الستار عنه كمشروع تعلم آلي ضمن فعاليات يوم “الذكاء الاصطناعي للجميع ESSOR”، الذي نظمته الكلية سالفة الذكر، مؤخرا، الإجابة عن “تحد عملي يتمثل في الوقاية من الحرائق الزراعية”، وفق المعطيات المتوفرة من الطلاب المبتكرين.
ويعتمد هذا “الحل التقني”، الذي أنجزه الطلبة: سلمى سلامة، وصلاح الدين خلدوني، وحجاوي نهيلة، على “تحليل البيانات المناخية التاريخية (درجات الحرارة، الرطوبة، سرعة الرياح وكميات الأمطار)”، ثم “ربط هذه البيانات مع معلومات الأقمار الاصطناعية لكشف الحرائق (من نظام NASA FIRMS – MODIS & VIIRS)، إلى جانب “تطبيق خوارزميات تصنيفية متقدمة مثل الانحدار اللوجستي”.
وأبرز المصدر نفسه أن الاشتغال على هذا المشروع مكّن من “الحصول على نظام تنبئِيّ عملي وسهل التطبيق يمكن استخدامه مباشرة في الميدان”، مشيرا إلى أن الغايات الأساسية منه تتمثل في “توقع بؤر اشتعال الحرائق مسبقا”، و”إصدار تحذيرات مبكرة”، وكذلك “تقليل الخسائر الزراعية والبيئية”.
وأضاف أن المشروع المحلي، الذي أشرف عليه الأساتذة: الحبيب بن لحمـر، أسامة كايش، والفقير زكرياء، “يعتمد على بيانات حقيقية، ويقدم حلولاً عملية”.
ووفق معلومات أولية توفرت لهسبريس، فإن المشروع تم تطبيقه من طرف الطلبة المذكورين على آلة ” machine learning”، إذ تم تجريب الرموز التي تمكّن من التنبؤ بالحرائق، مع البناء على بيانات جاهزة، على أنه “في الواقع يتم استعمال اللواقط في مجال إنترنت الأشياء iot، فهي التي تمكن من جمع البيانات”.
وحسب ورقة تقنية تم تقديمها في هذا الصدد، فإن مشروع استخدام الذكاء الاصطناعي في الميدان الفلاحي بصفة عامة يركّز على حل عدة إشكاليات رئيسية، ضمنها “الحرائق الزراعية” بسبب عدم وجود أنظمة كافية للكشف المبكر في المناطق الريفية، إلى جانب “اختيار المحاصيل الأمثل، (إذ) ثمة صعوبة في تحديد المحصول المناسب حسب نوع التربة والمناخ أو ظروف السوق”.
كما تهم هذه الإشكاليات “الإدارة غير الفعالة للأعلاف، وتأثيرها السلبي على الثروة الحيوانية وتكاليف الإنتاج”، فضلا عن “التنبؤ غير الدقيق بالمحاصيل: صعوبة توقع إنتاجية محاصيل مثل الطماطم والبرتقال”.
ولأجل التغلب على هذه التحديات، أفاد الطلبة بأنهم يقدمون في هذا الصدد “حلولاً مبتكرة تعتمد على دمج الذكاء الاصطناعي (AI) في إدارة العمليات الزراعية”، وضمنها “الوقاية من الحرائق الزراعية”، هذا “التحدي المهم خلال الفترات الحارة”.
وتابع المصدر ذاته قائلا: “نستغل البيانات الجوية التاريخية مع بيانات الحرائق الملتقطة بالأقمار الصناعية، ونستخدم خوارزميات التصنيف مثل الانحدار اللوجستي لتحديد الظروف المناخية المثيرة للحرائق”، مضيفا أن ذلك “يتيح إنشاء نظام تنبئي بسيط يُحذر من الأيام عالية الخطورة، مما يقلل الأضرار البيئية والزراعية”.
أما الحل الآخر، وفق الطلبة، “فيتمثل في التنبؤ بالمحصول الزراعي الأمثل لكل قطعة أرض، باستخدام خوارزميات التعلم الآلي مثل الغابات العشوائية”، مردفين “نقوم بتحليل بيانات مثل الظروف المناخية المحلية ودرجات الحرارة والسجلات التاريخية للإنتاج”. وأكدوا أن “الهدف هو تقديم توصيات للمزارعين حول المحاصيل الأكثر ملاءمة لأراضيهم، مما يُحسن الإنتاجية ويوفر موارد ثمينة مثل المياه والأسمدة”.
كما قدّم الطلبة أنفسهم حلا ثالثا “يهدف إلى تحسين إدارة أنواع الأعلاف لتغذية الحيوانات”، مضيفين “من خلال نظام تصنيف يعتمد على البيانات الزراعية، قمنا ببناء مجموعة بيانات تشمل خصائص النباتات العلفية المحلية مصنفة حسب نوع العلف المناسب باستخدام خوارزميات التعلم الآلي”، مشيرين إلى أن هذا النظام “يساعد المزارعين في اختيار أفضل الأعلاف لمواشيهم بناءً على الظروف البيئية المحلية”.
أما الحل الرابع “فيركز على التنبؤ بمحاصيل زراعية استراتيجية مثل الطماطم والبرتقال”، إذ “باستخدام نماذج الانحدار والشبكات العصبية المتكررة من نوع LSTM، نحلل البيانات الجوية والممارسات الزراعية السابقة لتقدير المحاصيل المستقبلية بدقة”، يوضح الطلبة.