أخبار عاجلة
عمر لطفي يصور فيلم "صياد النعام" -

غياب الذبح في عيد الأضحى يبقي المخاوف الصحية من العادات الغذائية

غياب الذبح في عيد الأضحى يبقي المخاوف الصحية من العادات الغذائية
غياب الذبح في عيد الأضحى يبقي المخاوف الصحية من العادات الغذائية

رغم أن شعيرة الذبح تم تعليقها رسميًا في المغرب خلال عيد الأضحى لهذه السنة، استجابة لقرار ملكي يراعي الأوضاع الاقتصادية والبيئية، إلا أن الموائد المغربية لم تخلُ من أطباق اللحوم، سواء من خلال اقتنائها جاهزة أو تخزينها مسبقًا. وفي ظل هذه الخصوصية، عادت التساؤلات الطبية لتُطرح من جديد حول سلامة التغذية خلال العيد، وسبل الاستهلاك الصحي والمتوازن، خصوصًا في ظل الإقبال الكبير والمبالغة التي تميز هذه المناسبة من حيث الطهي والكميات.

وتطرح هذه العادات الغذائية الموسمية تحديات صحية تتطلب كثيرًا من الحذر والوعي، خاصة لدى المصابين بأمراض مزمنة كارتفاع الضغط، الكوليسترول، السكري ومشاكل الهضم، ممن قد لا يدركون خطورة هذه المبالغات على وضعهم الصحي. فمع تسجيل حالات كثيرة من الاضطرابات الصحية في أيام العيد، يتجدد النقاش حول أهمية الاعتدال، وسلامة طرق الطهي، والتوازن الغذائي.

التغذية بغياب الذبح

شدد الطيب حمضي، طبيب باحث في السياسات والنظم الصحية، على أن اللحوم بمختلف أنواعها تتمتع بقيمة غذائية عالية؛ إذ تُعد مصدرًا غنيًا بالبروتينات، الحديد، الزنك، السلينيوم، فيتامين ب12، الكالسيوم، وأحماض الأوميغا 3، وكلها عناصر تساهم في تقوية العضلات، وتحسين وظائف الجهاز العصبي، وتعزيز المناعة، والوقاية من فقر الدم.

لكن في المقابل، حذر حمضي من الإفراط في استهلاك اللحوم، خصوصًا خلال فترة العيد، معتبراً أن طرق الطهي غير الصحية – كالشواء المباشر على الفحم أو الطهي المفرط – تُحوّل هذه الأطعمة من مصدر فائدة إلى عامل مضر بالصحة، لما قد يسببه ذلك من ارتفاع في الكوليسترول، أمراض القلب والشرايين، مشاكل الهضم، داء النقرس، والزيادة في الوزن، فضلاً عن تعرض بعض الأشخاص لمركبات مسرطنة ناتجة عن احتراق البروتينات.

ولتفادي هذه الأخطار، دعا حمضي إلى اعتماد نمط غذائي متوازن، يبدأ بتناول فطور متكامل، للحد من الشهية المفرطة خلال الغذاء، وتناول وجبة تقديمية خفيفة قبل الوجبات الرئيسية. كما شدد على أهمية الأكل ببطء، لإعطاء الجسم الوقت الكافي لإرسال إشارات الشبع إلى الدماغ. واعتبر أن التوازن ضروري خاصة مع استهلاك لحم الخروف الغني بالدهون المشبعة، الذي لا يناسب المصابين بأمراض القلب أو الكوليسترول.

ونصح الطبيب بجعل الخضروات عنصرًا رئيسيًا في المائدة، نظرًا لغناها بالألياف وقلة سعراتها، ما يساعد على الهضم ويمنح شعورًا بالشبع. كما دعا إلى استبدال الحلويات والمشروبات الغازية بالفواكه والعصائر الطبيعية، والاقتصاد في استعمال الملح وتعويضه بالتوابل. ومن السِّلك المفيدة أيضًا، عدم الجلوس طويلاً على مائدة الطعام وتنظيفها مباشرة بعد الوجبة للحد من العودة للأكل من دون حاجة.

أما على مستوى التحضير، فقد أوصى حمضي باختيار طرق الطهي الصحية مثل السلق، الطهي بالبخار، أو الفرن، وتفادي القلي أو الشواء في درجات حرارة مرتفعة. كما دعا إلى تقطيع اللحم إلى قطع صغيرة لتسريع نضجه، وإبعاده عن اللهب المباشر لتفادي احتراق البروتينات، واستعمال أدوات مناسبة لتفادي الحروق. وختم تصريحه بالتأكيد على أن العيد مناسبة للفرح والتقاسم، لكنها أيضًا فرصة للحفاظ على الصحة من خلال الاعتدال والوعي.

مخاطر خفية

أسماء زريول، أخصائية التغذية أستاذة التعليم العالي، حرصت على التنبيه إلى مخاطر أخرى تتعلق بسلوك مرتبط بالتخزين والاستهلاك غير الآمن، خاصة ما يتعلق بالأحشاء، المعروفة بـ”الدوارة”.

وأوضحت زريول أن بعض الأسر تلجأ إلى شراء “الدوارة” قبل أيام من العيد وتقوم بتجميدها أو تخزينها في ظروف غير ملائمة، معتبرة أن هذا السلوك يُعرّض المستهلك إلى خطر التسمم الغذائي، خاصة الفئات الهشة مثل الأطفال، كبار السن والمصابين بالسكري.

وأضافت أن “الدوارة معروفة بسرعة تلفها، وكانت العادة في الثقافة المغربية أن تُستهلك يوم العيد، لأنها أول ما يفسد من أعضاء الذبيحة. أما إعادة استعمالها لاحقًا دون مراعاة شروط السلامة، فهو تصرف غير آمن صحيًا”.

من جهة أخرى، حذرت زريول من الإفراط في استهلاك اللحوم، خاصة من قبل أشخاص لا يعلمون بإصابتهم بأمراض كارتفاع حمض اليوريك، حيث يكون العيد هو اللحظة التي تظهر فيها الأعراض بشكل حاد، مثل آلام المفاصل. كما أشارت إلى التأثيرات السلبية للطبخ الغني بالدهون، الذي يتسبب في عسر الهضم، ارتجاع المريء والقولون العصبي.

وختمت زريول حديثها بالتأكيد أن الغاية من العيد ليست في الإفراط في اللحوم أو المظاهر الاستهلاكية، بل في استحضار قيم التضامن، صلة الرحم وصلاة العيد، داعية إلى احترام التوجيهات الرسمية وإظهار وعي جماعي مسؤول، لأن “التضامن لا يكون فقط بالمادة، بل أيضًا بالسلوك الغذائي الواعي الذي يحترم الصحة العامة ويقي من الأزمات”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق تامر نبيل من أمام رئيس الوزراء: "جريان" أول مدينة متكاملة على ضفاف النيل وتُجسد شراكة الدولة والقطاع الخاص لجذب استثمارات دولارية
التالى اتحاد الكرة يعلن موعد فتح باب القيد للموسم الجديد 2025-2026