شعيرة الجمرات في الحج.. شروط رمي الجمرات بـ”منى” وسبب التسمية

يبدأ الحجاج أيام التشريق، والتي توافق هذا العام السبت، بأداء شعيرة رمي الجمرات الثلاث في مشعر "منى"، بدءًا من الجمرة الصغرى، ثم الوسطى، وختامًا بالعقبة الكبرى، حيث يرمى كل منها بسبع حصيات، مرددين مع كل حصاة: "بسم الله، الله أكبر"، ويُسنّ الدعاء بعد الانتهاء من رمي كل جمرة باستثناء جمرة العقبة.

ما هي الجمرات الثلاث؟

الجمرات الثلاث تقع جميعها في مشعر منى، وهي مواضع مخصصة لرمي الحصى خلال مناسك الحج، وتتمثل في: الصغرى، الوسطى، والعقبة الكبرى. كل منها يُرمى بسبع حصيات، بحجم أكبر قليلًا من حبة الحمص وأصغر من البندق. في بداية الإسلام، لم تكن هناك علامات واضحة لهذه المواضع، إلى أن تم تحديدها بشواخص (أعمدة حجرية) وأحواض محيطة بها لتيسير عملية الرمي.

ومع تطور تنظيم الحج في العهد السعودي، تم استبدال الأعمدة بجدران وتوسيع الأحواض، إضافة إلى بناء عدة طوابق فوق الجمرات لتسهيل أداء الشعيرة على ملايين الحجاج. ويُعتبر رمي الحصى في الحوض كافيًا، سواء أصاب الجدار أم لا.

لماذا سُمِّيت "الجمرات" بهذا الاسم؟

الاسم مشتق من كلمة "الجمار"، وهي الحصى الصغيرة. وقيل إن "جمرة" منى سُميت كذلك لأنها موضع تتجمع فيه الحصى، أو نسبة إلى فعل "أَجمر" بمعنى أسرع، كما ورد في بعض الروايات القديمة حول رمي آدم وإبراهيم عليهما السلام للشيطان عند هذه المواضع. ففي الأثر، رُوي أن الشيطان اعترض إبراهيم عليه السلام عند كل موضع من مواضع الجمرات الثلاث، فرماه بسبع حصيات حتى اختفى في الأرض. لذلك يرمى المسلمون الجمرات تأسّيًا بنبي الله إبراهيم، واتباعًا لهدي النبي محمد ﷺ الذي قال: "خذوا عني مناسككم".

الحكمة من الرمي

بحسب ما ذكره الشيخ عبد العزيز بن باز، فإن رمي الجمار يحمل دلالة رمزية في إذلال الشيطان وإظهار العداوة له. ورغم ذلك، يبقى الإيمان بأن جميع تشريعات الله قائمة على حكمة بالغة، سواء ظهرت للمؤمن أم لم تظهر. فالله سبحانه وتعالى لا يشرّع شيئًا عبثًا، وكل أمر له غاية عظيمة، وإن خفيت على العقول.

لماذا سميت "جمرة العقبة" بهذا الاسم؟

"العقبة" في اللغة تعني الطريق الوعر في الجبل. وكان موضع هذه الجمرة عند أسفل جبل، وكان الحجاج قديمًا يصعدون الجبل ليرموا الحصى من أعلاه. ومع مرور الوقت، أُزيل الجبل المجاور لها بسبب التوسعات، وبقي الاسم دالًا على موقعها الأصلي.

شروط الرمي

1. نوع الحصى: يجب أن يكون الحصى المستخدم في الرمي من النوع الطبيعي الصغير، لا كبيرًا ولا ناعمًا جدًا.
2. العدد: تُرمى كل جمرة بسبع حصيات متفرقة، أي واحدة تلو الأخرى، ولا يُجزئ رمي السبع دفعة واحدة بكف واحد، وإلا حُسبت رمية واحدة فقط.
3. الترتيب: يجب رمي الجمرات وفق الترتيب: الصغرى، الوسطى، ثم العقبة، ولا يجوز تقديم واحدة على الأخرى.

الفرق بين رمي يوم العيد وأيام التشريق

• في يوم العيد (العاشر من ذي الحجة): يُرمى فقط جمرة العقبة، وتُرمى من منتصف الليل للمبيت في مزدلفة وحتى فجر اليوم التالي. ويُسمح للمرضى والضعفاء بالانصراف من مزدلفة بعد مغيب القمر ليرموا مبكرًا.

• في أيام التشريق (11 و12 و13 من ذي الحجة): تُرمى الجمرات الثلاث كاملة، بداية من الزوال (وقت أذان الظهر) وحتى فجر اليوم التالي، لكن يُفضل الرمي قبل الغروب اقتداءً بالنبي ﷺ. ويجوز الرمي ليلًا لمن لديه عذر.

خلاصة

شعيرة رمي الجمرات ليست مجرد طقس جسدي، بل هي تجسيد للطاعة وتجديد لنية البراءة من الشيطان ووساوسه. ورغم ما تحمله من رمزية، فإنها قائمة على سنة نبوية وهدي إلهي عظيم، يُؤديها الحاج بكل يقين أن ما شرعه الله هو لحكمة، وإن لم تُدرَك تمامًا.