تُشكّل مشروعات الربط الكهربائي الإقليمي مع سنغافورة نقطة تحول في مستقبل قطاع الطاقة، حيث تدرس البلاد تطوير شبكة من الخطوط البحرية تربط بين شبكات الكهرباء في جنوب شرق آسيا.
وتهدف هذه الخطوة إلى تسهيل تداول الكهرباء بين الدول، ويمهّد ذلك لاستثمار ضخم يتجاوز 40 مليار دولار في مشروعات الطاقة المتجددة وتخزين الكهرباء بالمنطقة، بحسب تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
ومن المتوقع أن يسهم الربط الكهربائي الإقليمي مع سنغافورة في تطوير قدرة إنتاجية تصل إلى 25 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة، تشمل الطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية والرياح البحرية.
وتعتمد سنغافورة على الغاز الطبيعي بأكثر من 90% في مزيج توليد الكهرباء، وتسعى من خلال هذه الخطوة إلى فك ارتباط أسعار الكهرباء المحلية بتقلبات سوق الغاز العالمية، إضافة إلى تعزيز أمن الطاقة من خلال تنويع مصادرها، وتسريع تنفيذ أهداف إزالة الكربون.
أبرز تطورات الربط الكهربائي الإقليمي مع سنغافورة
اتخذ الربط الكهربائي في دول الآسيان خطوات مهمة مع إعلانين بارزين في سنغافورة خلال الأيام الماضية:
- أولًا: توقيع اتفاق لإنشاء خط ربط كهربائي بحري يربط بين إندونيسيا وسنغافورة، بهدف دعم خطة الأخيرةِ استيرادَ نحو 6 غيغاواط من الكهرباء منخفضة الكربون من جيرانها بحلول 2035.
- ثانيًا: أعلنت الحكومة تولّي شركة " إس جي إي آي" الحكومية عمليات تطوير البنية التحتية العابرة للحدود، ما يسهّل تجارة الكهرباء المتجددة بين دول المنطقة.
ومن هذا المنطلق، توقّع التقرير الصادر عن شركة الأبحاث ريستاد إنرجي أن سنغافورة يمكنها الاستفادة من مكانتها لتصبح مركزًا محوريًا للربط الكهربائي الإقليمي مع دول الجوار.
كما يمكن لواردات الكهرباء أن تسهم بخفض انبعاثات الكربون في البلاد بنحو 13 مليون طن سنويًا، حال تنفيذ جميع المشروعات المرتقبة، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ومع ذلك، أكد التقرير ضرورة التعاون المتكافئ مع الدول المورّدة التي قد لا تجد فوائد مباشرة من الربط الكهربائي الإقليمي مع سنغافورة.
وأضاف أن البلاد قد تستفيد من مواردها المالية وكونها شريكًا تجاريًا موثوقًا لتوفير الاستثمارات اللازمة للبنى التحتية في دول الجوار، حيث تتوفر الأراضي رغم قلة الطلب المحلي.
ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- أن سنغافورة تحتلّ المرتبة الثامنة بقائمة أكبر 10 دول من حيث حصة الغاز في مزيج الكهرباء، خلال العام الماضي:
مرونة الشبكة أولوية
سلّط انقطاع الكهرباء الأخير في شبه الجزيرة الأيبيرية الضوء على إعطاء الأولوية لمرونة الشبكة، إلى جانب هشاشة شبكة الكهرباء بسبب عدم كفاية الربط وحلول التخزين.
وأوضح التقرير أنه يمكن لسنغافورة تفادي المشكلتين من خلال تعزيز التكامل الإقليمي، والاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة في البلدان المجاورة، وسيساعد ذلك في مرونة الشبكة إقليميًا وتعزيز أمن الطاقة.
وحاليًا، تعتمد سنغافورة على محطات توربينات الغاز ذات الدورة المركبة التي تضمن إمدادات مستقرة، بتكلفة تنافسية.
ومع ذلك، كشف التقرير أن واردات الكهرباء من خلال الربط الكهربائي مع دول الآسيان قد تقدّم بديلًا أكثر توفيرًا من بناء محطات جديدة، عند مقارنة التكلفة المستوية للكهرباء، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وفي إطار سعيها لتأمين إمدادات مستقرة من الكهرباء منخفضة الكربون عبر الاستيراد، تشترط هيئة سوق الكهرباء في سنغافورة على المشروعات تحقيق معدل أحمال سنوي لا يقلّ عن 60% خلال 5 سنوات من بدء التشغيل التجاري.
ومع أن هذا الحدّ الأدنى يضمن استقرار الإمدادات، هناك حافز اقتصادي واضح لتجاوزه، إذ إن رفع معدل الأحمال المستهدَف إلى 100% يمكن أن يخفض تكلفة الكهرباء المستوية عبر توزيع أفضل لتكاليف النقل وزيادة كفاءة الإنفاق الرأسمالي من خلال وفورات الحجم.
ويزداد هذا التأثير في دول مثل ماليزيا وكمبوديا وفيتنام، حيث تضاعف المسافات الطويلة لنقل الكهرباء أهمية خفض التكاليف، وتعدّ مشروعات الطاقة الكهرومائية الأكثر استفادة من هذه الديناميكية.
كما يمكن لأنظمة الطاقة الشمسية المدمجة مع أنظمة التخزين تحقيق معدلات أحمال تفوق 90%، سواء من الناحية التقنية أو الاقتصادية، عند تحسين نِسب تحويل التيار المستمر إلى التيار المتردد، واختيار سعة مناسبة لبطاريات التخزين.
ويُظهر أحدث تحليل للتكاليف أن هذه الأنظمة قد توفّر كلفة كهرباء مستوية أقل بكثير مما يتوقعه كثيرون في القطاع، ما يمنحها ميزة تنافسية واضحة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..
