الرسل , تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يوم، 9 يونيو ، ببداية الصوم ، أحد أهم وأقدم الأصوام في التقاليد المسيحية، والذي يستمر هذا العام حتى 12 يوليو، حيث يُختتم بعيد الرسولين بطرس وبولس. ويُعد هذا الصيام منصيامات الدرجة الثانية في الكنيسة، ما يعني أنه يُسمح خلاله بتناول السمك، باستثناء يومي الأربعاء والجمعة ، اللذين يُخصصان للصيام الكامل من دون أسماك.

هذا الصيام لا يملك موعدًا ثابتًا كل عام، إذ يتحدد بناءً على تاريخ عيد القيامة، ويبدأ في يوم الإثنين الذي يلي أحد جميع القديسين، الذي يأتي بعد ثمانية أسابيع من عيد الفصح. ومن هنا، قد تتفاوت مدة صوم الرسل بين عام وآخر، وقد تصل إلى 42 يومًا.

البابا شنودة الثالث يشرح رمزية صوم الرسل وأهميته الروحية
في كتابه “كلمة منفعة”، دافع البابا الراحل شنودة الثالث عن قانونية وشرعية هذا الصيام ، مؤكدًا أنه لا ينبغي الاستهانة به، واصفًا إياه بأنه “أقدم صيام عرفته الكنيسة المسيحية”. وأوضح أن هذا الصوم يرتبط مباشرة ببداية خدمة الرسل، اقتداءً بالسيد المسيح الذي بدأ خدمته بصوم أربعين يومًا على الجبل.
وأشار البابا شنودة إلى أنه لم يكن مجرد امتناع عن الطعام، بل كان يحمل في طياته روح الخدمة، والإعداد للتبشير والعمل الكنسي. واستشهد بما جاء في الكتاب المقدس عن بطرس الرسول، الذي صام إلى أن “جاع كثيرًا واشتهى أن يأكل”، وفي تلك اللحظة رأى رؤيا سماوية كشفت له عن قبول الأمم في الإيمان، وهو حدث مفصلي في تاريخ المسيحية.

صوم الرسل مرتبط بالخدمة والتوجيه الإلهي في حياة الكنيسة الأولى
يتميّز بأنه ليس فقط تقليدًا دينيًا، بل يحمل بُعدًا روحيًا عميقًا، إذ ارتبط منذ بدايته بظهور الرؤى والتوجيهات الإلهية. فقد ذكر الكتاب المقدس أن الر سل، أثناء صومهم وخدمتهم للرب، تلقوا أمرًا من الروح القدس: “أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتها إليه”، فصاموا من جديد، وصلّوا، ووضعوا الأيادي عليهما وأطلقوهما. ويُفهم من هذا أن الصوم في الكنيسة الأولى كان وسيلة للتقرب من الله وطلب إرشاده في المهام الرسولية.
اليوم، لا يزال يُعتبر رمزًا للخدمة والتكريس، واستعدادًا روحانيًا للكنيسة، خصوصًا بعد فترة الخماسين المقدسة التي تعقب عيد القيامة، حيث تبدأ الكنيسة هذا الصوم وكأنها تعود إلى جذورها الأولى، لتتذكر تضحيات الرسل وتعزّز في نفوس المؤمنين روح البذل والعطاء.