أثار حكم محكمة استئناف الإسماعيلية في دعوى بشأن قطع الأراضي المتنازع عليها بمحافظة جنوب سيناء، والتي قضت بأحقية تابعي دير سانت كاترين في الانتفاع بالدير والمواقع الدينية الأثرية بمنطقة سانت كاترين، مع ملكية الدولة لهذه المواقع بوصفها من الأملاك العامة، حالة جدل واسعة على المستوى الدولي والمحلي.
وقد تضمن حكم المحكمة الصادر يوم الأربعاء الماضي، وجوب احترام العقود المحررة بين الوحدة المحلية لمدينة سانت كاترين والدير بشأن بعض قطع الأراضي المستغلة بمعرفة تابعي الدير، ما ينفي وقوع تعدٍّ على هذه الأراضي.
كما أكدت المحكمة في حكمها أن باقي قطع الأراضي المتنازع عليها محميات طبيعية، وجميعها من أملاك الدولة العامة، ولا يجوز التصرف فيها أو تملكها بالتقادم، ولم تصدر بشأنها أي عقود من جانب جهة الولاية (تقصد السلطات المصرية).
وعقب الحكم، تم تداول منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بأن السلطات المصرية ستخلي الدير وتنتزع الأراضي التابعة له بدعوى إقامة مشروعات تطوير به أو بيعها لمستثمرين، فضلا عن إثارته لخلاف كنسي وما يتبعه من إشكاليات سياسية حول واحد من أقدم الأديرة المأهولة في العالم.
من جانبها، حسمت رئاسة الجمهورية، الجدل حول الحكم الصادر بشأن دير سانت كاترين، مؤكدة التزام مصر الكامل بالحفاظ على المكانة الدينية الفريدة والمقدسة لدير سانت كاترين، وعدم المساس بهذه المكانة".
وأكدت الرئاسة في بيانها الصادر، الخميس الماضي، أن الحكم القضائى الصادر مؤخرا يرسخ هذه المكانة. كما يتسق الحكم القضائى مع ما أكده رئيس الجمهورية خلال زيارته لأثينا مؤخرًا يوم ٧ مايو.
وشددت على أهمية الحفاظ على العلاقات الوثيقة والأخوية التي تربط بين البلدين والشعبين الشقيقين وعدم المساس بها.

الرئيس السيسي يؤكد التزام مصر الكامل بالحفاظ على المكانة الدينية الفريدة والمقدسة لدير سانت كاترين
كما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، لرئيس وزراء اليونان، كيرياكوس ميتسوتاكيس- خلال اتصال هاتفي- التزام مصر الكامل بالحفاظ على المكانة الدينية الفريدة والمقدسة لدير سانت كاترين، وعدم المساس بهذه المكانة، وهو ما يرسخه الحكم القضائي الصادر مؤخرا في هذا الصدد، والذي جاء ليتسق مع حرص مصر على قدسية الأماكن الدينية والكنسية، وتأكيد القيمة التراثية والروحية والمكانة الدينية الفريدة لدير سانت كاترين.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير محمد الشناوي بأن الجانبين أكدا حرصهما على الزخم الكبير الذي تشهده العلاقات بين البلدين الصديقين، والتزامهما بالاستمرار في دفع العلاقات الاستراتيجية بين البلدين إلى آفاق أرحب في مختلف المجالات بما يتفق مع طابعها التاريخي ويحقق مصالح الشعبين الصديقين.

إيهاب رمزي: الحكم القضائي أقر بأحقية الدير في الانتفاع بالأرض التي يشغلها منذ مئات السنين
وفي السياق، قال النائب إيهاب رمزي عضو مجلس النواب وأحد محامي دير سانت كاترين، إن الحكم القضائي الصادر بشأن النزاع بين الدير ومحافظة جنوب سيناء أنهى النزاع القائم بين الدير والمحافظة منذ سنوات، وأقر بأحقية الدير في الانتفاع بالأرض التي يشغلها منذ مئات السنين.
وقال رمزي، في تصريحات صحفية، إن المحكمة أكدت أن أراضي الدير أثرية ومسجلة ضمن قائمة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو، وبالتالي لا يجوز تملكها ولكن يجوز الانتفاع بها، وهو ما يتسق مع صحيح القانون المصري والدولي، مضيفًا أن الحكم رسخ المكانة القانونية والدينية للدير، وأغلق باب النزاع بشكل نهائي، وفق “شبكة سي إن إن”.
وأشار رمزي، إلى أن دير سانت كاترين تعرض خلال السنوات الماضية لعدد كبير من محاضر التعدي وقرارات الإزالة، خاصة خلال فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية للبلاد، والتي شهدت إصدار أكثر من 70 محضر تعدٍ وقرار إزالة.
وذكر أن دير سانت كاترين يتمتع بمكانة دينية وروحية فريدة، حيث يعد مزارًا مقدسًا لأتباع الديانات السماوية الثلاث، ويجمع بين الكنيسة الأثرية ومسجد قديم شيده الرهبان منذ قرون لاستضافة الحجاج المسلمين أثناء مرورهم بالمنطقة، ما يجعل منه مجمعًا فريدًا للأديان، ومصدرًا للسياحة الروحية، مضيفًا أن الحفاظ على هذا الدير واجب وطني ودولي، مشددًا على ضرورة أن تبقى مؤسسات الدولة حريصة على حماية هذا التراث الفريد، الذي يعد جزءًا من الثقافة المصرية والإنسانية.
كل ما تريد معرفته عن دير سانت كاترين
ويعد دير سانت كاترين، أحد أقدم الأديرة في العالم، ويعرف باسم دير القديسة كاترين، تم بناؤه بأمر من الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول لإيواء الرهبان الذين كانوا يعيشون في شبه جزيرة سيناء منذ القرن الرابع الميلادي، وينتمي الدير للكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، ولذا يحظى بزيارات من أفواج الحج للمسيحيين اليونانيين.
ويشتمل الدير على هياكل متعددة أهمها كنيسة التجلي، والتي تضم 9 كنائس صغيرة، بالإضافة إلى اشتماله على 10 كنائس أخرى، وأماكن لإقامة الرهبان، وقاعة طعام، ومعصرة زيتون، وصناديق عظام الموتى، ومسجد فاطمي يرجع إلى القرن الثاني عشر الميلادي، ومكتبة تضم كتبًا نادرة وأكثر من 6000 مخطوطة، وقد تم تسجيل دير سانت كاترين على قائمة التراث العالمي عام 2002، وفق موقع وزارة السياحة والآثار المصرية.