يعدّ الذكاء الاصطناعي واحدًا من أبرز أسباب زيادة استهلاك الطاقة، وكذلك زيادة الطلب العالمي على الكهرباء، إذ إن برامجه تتطلب تدريبًا وتشغيلًا وبحثًا، وتوقعات، وكلّها أمور تستهلك الكهرباء.
ويوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أنه في عام 2020، بلغ الطلب العالمي على الكهرباء في مراكز البيانات ما بين 200 و300 تيراواط/ساعة، بما يمثّل نحو 2% من إجمالي الاستهلاك العالمي.
وبحلول عام 2030، من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى ما بين 1000 و3000 تيراواط/ساعة، مدفوعًا بالذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، إضافة إلى تقنيات الجيل الخامس (5G) التي تستهلك الكهرباء بشكل كبير.
ولفت إلى أن وكالة الطاقة الدولية تتوقع أن تسهم مراكز البيانات في زيادة الطلب العالمي على الكهرباء بنسبة من 3 إلى 8% بحلول 2030، مقارنة بنسبة تاريخية تراوحت بين 1 إلى 2%.
جاء ذلك خلال حلقة من برنامجه "أنسيات الطاقة"، قدّمها الحجي بمساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس" بعنوان: "أزمات الكهرباء وآثار أجهزة التكييف في أسواق الطاقة العالمية".
مراكز البيانات في الولايات المتحدة
قال أنس الحجي، إن مراكز البيانات في الولايات المتحدة استهلكت نحو 4% من إجمالي الكهرباء في عام 2022، ما يعادل 200 تيراواط/ساعة، وهذه النسبة يُتوقع أن تتضاعف 3 مرات بحلول عام 2030، ويُعدّ الذكاء الاصطناعي من الأسباب الرئيسة لذلك.
وأضاف: "شركات مثل أمازون وجوجل تبني مراكز بيانات ضخمة، ويحتاج أحدها إلى مفاعل نووي واحد فقط لتوفير الطاقة اللازمة له.. وفي أوروبا، يُتوقع أن يرتفع استعمال الكهرباء في مراكز البيانات بنسبة 28% سنويًا، ويتضاعف بحلول 2030".
بينما في أيرلندا، التي تُعدّ مركزًا رئيسًا للبيانات في أوروبا، تستهلك مراكز البيانات نحو 20% من إجمالي الكهرباء بالبلاد، أمّا الصين والهند فتشهدان توسعًا سريعًا، إذ يُتوقع أن تصل مراكز البيانات في الصين وحدها إلى استهلاك 300 تيراواط/ساعة بنهاية 2025.
لذلك -وفق مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة- فإنه من الواضح أن هناك طلبًا ضخمًا على الكهرباء، إذ يتوقع بنك غولدمان ساكس أن يسهم الذكاء الاصطناعي في زيادة الطلب العالمي على الطاقة في مراكز البيانات بنسبة 15% بحلول عام 2030.
أمّا وكالة الطاقة الدولية، فتتوقع أنه دون تحسين كفاءة استعمال البيانات، قد تستهلك مراكز البيانات 10% من الكهرباء العالمية بحلول عام 2035.
لذلك، فإن خلاصة الأمر أن الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات قد يُسهمان في زيادة الطلب العالمي على الكهرباء بنسبة تتراوح بين 20 إلى 50% بحلول عام 2030، حسب التوقعات والسيناريوهات، مع وجود اختلافات إقليمية كبيرة في نسب هذه الزيادات.

الطاقة النووية في السعودية والإمارات وقطر
قال أنس الحجي، إن هناك إشكالًا لوحِظَ عند زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى السعودية والإمارات وقطر، إذ إن العقود الموقّعة، يركّز جزء كبير منها على الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات.
وأضاف: "هذا يعني زيادة ضخمة باستهلاك الكهرباء في المنطقة، مما يستلزم بالضرورة أن تقوم عدّة دول عربية بالاستثمار في محطات الكهرباء النووية".

وأوضح خبير اقتصادات الطاقة أن الطاقة النووية أصبحت ضرورة، لأن توليد الكهرباء -دونها- سيستهلك النفط والغاز، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في إيرادات الحكومة، ولن يتبقى غاز كافٍ للصناعة، ومن ثم ستتراجع الصناعات.
وتابع: "في السعودية والدول الأخرى، من الضروري أن يُخصص الغاز للصناعات التي تحقق أعلى قيمة مضافة، مع تصدير النفط، سواء منتجات نفطية أو نفطًا خامًا، لذلك لا بد من التوسع في الطاقة المتجددة، ولا بد من الاستثمار في الطاقة النووية في المنطقة".
ولفت إلى أنه من ضمن المشروعات القائمة في السعودية، هناك مركز بيانات للذكاء الاصطناعي، خالٍ من الانبعاثات الكربونية، يُنفّذ في نيويورك، ويُعتقد أن حجم الاستثمار فيه يصل إلى 5 مليارات دولار، ويعتمد بالكامل على الهيدروجين الأخضر، وستنتهي مرحلته الأولى في 2028.
وأردف: "هناك شراكة في هذا المشروع بين شركة "هيومن" السعودية وشركة "إنفيديا"، بجانب شراكة مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي لبناء عدد من مراكز الذكاء الاصطناعي بطاقة 500 ميغاواط، وهذا بطبيعة الحال يتطلب استهلاكًا كبيرًا للكهرباء".

بالإضافة إلى ذلك، هناك شركات أخرى، مثل أمازون وأوراكل، وسيرفيس ناو، كلّها تركّز بشكل كبير على مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي، مما يعني مزيدًا من الطلب العالمي على الكهرباء.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..