أثار إعلان شركة "غوغل" عن إطلاق أداة الذكاء الاصطناعي الجديدة "Veo-3"، القادرة على إنتاج فيديوهات فائقة الواقعية، حالة من القلق في الأوساط التقنية المغربية، وسط تحذيرات من انعكاساتها المحتملة على الخصوصية الفردية، والحقوق الإبداعية، وحتى نزاهة الحياة السياسية.
وتُمثل "Veo-3"، التي وُصفت بأنها نقلة نوعية في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تطورًا لافتًا من حيث قدرتها على إنتاج مقاطع مرئية دقيقة انطلاقًا من أوصاف بسيطة، لدرجة يصعب معها على المستخدم العادي التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مفبرك.
وفي هذا السياق، صرح الخبير المغربي في الأمن السيبراني الطيب الهزاز أن البرنامج الجديد يفتح آفاقًا خطيرة إذا لم تُواكبه تشريعات صارمة، مشيرًا إلى أن التقنية الجديدة قادرة على إنتاج محتوى مرئي يبدو حقيقياً بالكامل، ما قد يُستخدم في الإساءة للخصوصية أو لتشويه سمعة أشخاص، بل وحتى لفبركة أحداث غير واقعية.
وأكد الهزاز أن التقنية باتت تُغني عن وجود كاتب أو مخرج أو طاقم تصوير، مما يهدد مهنًا إبداعية بأكملها، إلى جانب الأثر النفسي والاجتماعي المحتمل، قائلًا: "إذا كانت المؤثرات تخلق واقعًا زائفًا، فإن هذا النوع من الذكاء الاصطناعي يصنع واقعًا متكاملاً يصعب كشفه".
من جانبه، شدد الخبير الرقمي حسن خرجوج على أن "Veo-3" يشكل رد غوغل القوي على منافسيها في سوق الذكاء الاصطناعي، لكنه في الوقت ذاته بمثابة "إنذار مبكر" بضرورة التحرك التشريعي الفوري، خاصة أن التمييز بين الفيديوهات المفبركة والحقيقية سيصبح شبه مستحيل في الأشهر المقبلة.
وأوضح خرجوج أن التحدي لا يكمن فقط في تطوير أدوات تقنية لكشف التزييف، بل في مدى وصولها لعامة المواطنين، مشيرًا إلى ضعف الوعي الرقمي لدى شريحة واسعة من المغاربة، بما في ذلك داخل المؤسسات التشريعية نفسها، حيث يفتقر العديد من السياسيين للمعرفة التكنولوجية الكافية لمواكبة مثل هذه التحولات.
وحذر من التأثير المباشر لهذه التقنية على الانتخابات المقبلة، مع إمكانية تداول فيديوهات مزيفة تسيء إلى مرشحين سياسيين وتربك الرأي العام، داعيًا إلى سن قوانين فعالة بمشاركة الخبراء، وعدم الاكتفاء بحضورهم في الندوات دون إشراكهم في صناعة القرار.
وكشف خرجوج عن تجربة شخصية استخدم فيها "Veo-3" لإنتاج فيديو يظهره وكأنه يتحدث بصوته وصورته، انطلاقًا من صورة غير واضحة وبيانات متاحة على الإنترنت، وهو ما اعتبره دليلًا على مدى تطور هذه الأدوات، وخطورتها في حال أسيء استخدامها.
وختم الخبيران تحذيراتهما بدعوة واضحة للمغرب لتسريع وتيرة التشريعات الخاصة بالذكاء الاصطناعي، وتفعيل التوصيات التي خرجت بها المؤتمرات الوطنية، ومنها مؤتمر الذكاء الاصطناعي الأخير في مراكش، مشددَين على أن التراخي في هذا المجال قد يجعل البلاد عرضة لتقنيات تزييف خطيرة تتجاوز إمكانات التعامل التقليدي معها.
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك