يستمر ائتلاف “سومار” اليساري الإسباني في تحرشاته السياسية التي تستهدف مصالح المملكة المغربية والعلاقات المتميزة بين الرباط ومدريد، من خلال محاولة استغلال القضية الفلسطينية والتعاطف العالمي مع الشعب الفلسطيني كدرع لتمرير أجنداته السياسية الخاصة، والتشويش على الموقف الإسباني الداعم لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
وقام هذا التنظيم السياسي، المعروف بدعمه الطرح الانفصالي في الصحراء، بتقديم مقترح قانون إلى البرلمان الإسباني، يهدف إلى منع جميع أنواع التعاون والشراكة التي تجمع مدريد بإسرائيل والمملكة المغربية، بسبب الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وما وصفه بـ”احتلال المغرب للأراضي الصحراوية”. ويتضمن هذا المقترح “منع كل الكيانات والمؤسسات الإسبانية من الانخراط في أي نوع من الاتفاقيات مع هذين البلدين”.
وتفاعلاً مع الموضوع قال صبري عبد النبي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن “سومار معروف بمعاداته للمغرب، إذ كانت مواقفه دائماً لا تشرّف حزباً سياسياً في دولة بحجم إسبانيا”، معتبراً أن “مقترحه يثير الكثير من الاشمئزاز، إذ لا وجه للمقارنة بين الاحتلال الإسرائيلي الغاشم لفلسطين وبين الوضع في الصحراء التابعة تاريخياً للمغرب”.
وسجل الأستاذ الجامعي ذاته أن “هذا الحزب تجاهل أن الضوابط التي تؤطر سيادة الدول تفيد بأن السيادة واحدة، ولا تتجزأ ولا تتقادم”، مشيراً إلى أن “حزب سومار حشر نفسه في زاوية ضيقة جداً، إذ ربط بين الوضع في فلسطين والصحراء، وهو ما سبق أن رفضته منظمة التحرير الفلسطينية، التي عبّرت عن رفضها أي ربط بين الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وبين واقع السيادة المغربية التاريخية على الصحراء”.
وذكر المتحدث لهسبريس أن “هذا الحزب يكرر أسطوانة الجزائر المشروخة، ولا يملك ذرة حياء سياسي، إذ يتعامل مع القضايا بازدواجية مفضوحة، وكان عليه أن يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وكذا الاحتلال الإسباني لمدينتي سبتة ومليلية، إذا كان فعلاً مناهضاً للاستعمار، لا أن يركب على قضية عادلة بحجم القضية الفلسطينية ويخلط الأوراق من أجل استرضاء داعميه من أصحاب الطرح الانفصالي في الصحراء المغربية”.
من جهته أوضح البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، أن “الهدف الأساسي من هذه الخطوة الغريبة هو دق إسفين في العلاقات المغربية الإسبانية، والتأثير على الموقف الإسباني التاريخي بخصوص الحياد الإيجابي في قضية الصحراء، ثم نسف أسس الموقف الأخير المتقدم جداً لمدريد، المعترف بسيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية، والمرتكز على الشرعية الدولية”.
وتابع البراق شادي بأنه “من خلال مراقبة السلوك السياسي لتَسْلِيم سِيدي، النائبة عن ‘سومار’ في مجلس النواب الإسباني، التي قدمت مقترح القانون، والمنحدرة من مخيمات تندوف، يمكن أن نقول بكل وضوح إنها تخدم مصالح المخابرات الجزائرية بشكل مباشر، للإضرار بالعلاقات المغربية الإسبانية، مع تسترها وصمتها عن المآسي الإنسانية التي تعرفها مخيمات تندوف نتيجة الحكم الستاليني لميليشيا البوليساريو، والحصار الجزائري لساكنة المخيمات، حيث يتم انتهاك كل المواثيق الدولية لحقوق الإنسان”.
وأكد المتحدث ذاته أن “سومار ائتلاف مكوّن من 20 حزباً مجهرياً في إسبانيا، فاقدة للهوية السياسية، وتعيش في ظل صراعات إيديولوجية وفكرية وسياسية مستمرة بين مكوناتها، تفسر العديد من الهفوات السياسية التي تُرتكب في عهد يولاندا دياز، رئيسة الحزب الحالية، التي تتعارض مع التوجهات العامة للحكومة الإسبانية تحت قيادة بيدرو سانشيز”، مبرزاً أن “الموقف الأخير المعبر عنه من خلال مشروع القانون يكشف حالة الارتباك السياسي التي يعيشها الحزب، وازدواجية واضحة للمعايير، من خلال صمته عن الاحتلال الإسباني لسبتة ومليلية والجزر الجعفرية أثناء محاولته ربط المغرب بإسرائيل”.
وخلص الخبير ذاته إلى أن “هناك اتجاهين في الخطاب السياسي الإسباني في ما يخص ملف تدبير العلاقات مع المغرب؛ الأول يؤمن بحتمية الشراكة الإستراتيجية المغربية الإسبانية، على ضوء التطورات الكبرى التي تعرفها العلاقات الثنائية، والثاني مازال يؤمن بإستراتيجية ‘الفزاعة المغربية’ كمطية لخدمة أجندات انتخابية وسياسية ضيقة، تستخدم تناقضات الحياة السياسية الإسبانية لتحقيق انتصارات سياسية لحظية، باستغلال التقدم المتميز في العلاقات الثنائية مع المغرب، ومحاولة الإضرار بها من خلال قوانين وقرارات تخدم مصالح جهات إقليمية، كالجزائر، في ما يخص ملف الصحراء المغربية”.