أخبار عاجلة

المهندس ياسر عبدالله يكتب: لماذا يتوسّع المطوّرون العقاريون خارج مصر؟

المهندس ياسر عبدالله يكتب: لماذا يتوسّع المطوّرون العقاريون خارج مصر؟
المهندس ياسر عبدالله يكتب: لماذا يتوسّع المطوّرون العقاريون خارج مصر؟

التوسّع الخارجي لشركات التطوير العقاري المصرية ليس ظاهرة جديدة، بل بدأ منذ أوائل الألفية الجديدة، حين كانت شركة أوراسكوم للتنمية من أوائل الشركات التي اتجهت للأسواق الخارجية بإطلاق مشاريع في المغرب والجبل الأسود (مشروع Chbika). ثم تبعتها شركة إعمار مصر، التابعة لإعمار العقارية، التي تأسست عام 2005 وبدأت بمشاريع كبرى داخل مصر، ثم توسّعت في أسواق مثل الهند، باكستان، وعدد من الدول العربية والأفريقية.

لاحقًا، دخلت شركات أخرى مثل قطر ديار وكابيتال جروب بروبرتيز على الخط، في خطوة تعكس الإدراك المبكر بأهمية تنويع الأسواق ومصادر الدخل.

ومؤخرًا، شهدنا موجة جديدة من التوسع لشركات مصرية كبرى، شملت:

• طلعت مصطفى القابضة: مشروع “بنان” في الرياض، بالشراكة مع الشركة الوطنية للإسكان، على مساحة 10 مليون م² وتكلفة 40 مليار ريال.
• أورا ديفيلوبمنت (نجيب ساويرس): مشروع “مدينة علي الوردي” في العراق.
• بالم هيلز: شراكة مع مجموعة “دله” لتطوير مدارس ومجمعات سكنية في السعودية.
• مدينة مصر للإسكان والتعمير: تأسيس شركة Doors كبوابة للتوسع في السعودية.
• ماونتن فيو: شراكات استراتيجية مع “عمر قاسم العيسائي” و”سيسبان القابضة” لتنفيذ مشاريع كبرى في المملكة.
• كونكريت بلس: تحالف مع “زهران القابضة” لتطوير مشروع متعدد الاستخدامات في الرياض.
• تطوير مصر: شراكات مع “النايف الراجحي” في السعودية، ودراسة فرص في سلطنة عُمان.
• العتال القابضة: تدرس فرصًا استثمارية في الرياض وجدة.
• الأهلي صبور: بدأت في تنفيذ مشاريع داخل عُمان.
• سوديك: تدرس التوسع بمشاريع سكنية وتجارية في السعودية.

هذا التوجّه لا يأتي من فراغ، بل يقف خلفه مجموعة من العوامل الاستراتيجية والاقتصادية التي تجعل هذه الأسواق جذابة للغاية في الوقت الحالي.

أولًا: العوامل الجاذبة في الأسواق الخارجية
1. السعودية: بيئة محفزة للتطوير العقاري
تسير المملكة بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤية 2030، والتي تشمل إنشاء 1.5 مليون وحدة سكنية، وزيادة نسبة تملك المواطنين للمنازل إلى 70%. الحكومة السعودية توفر بيئة استثمارية مشجعة جدًا، تتضمن:
• تسهيل تأسيس الشركات وتراخيص البناء
• استقرار أسعار مواد البناء
• دعم حكومي مباشر لبعض المشاريع
• أنظمة تمويل عقاري متقدمة (تشمل التمويل قبل الإنشاء)
وهذه البيئة لا تتوفر بعد بنفس الكفاءة في السوق المصري.
2. العراق: سوق واعد بفرص غير مستغلة
العراق يعاني من نقص شديد في البنية التحتية، سواء على مستوى الطرق، الكهرباء، الفنادق، أو السكن. هذا النقص يفتح الباب أمام المطورين المصريين – مثل شركة أورا – للدخول بمشروعات ضخمة تملأ هذه الفجوات.
3. سلطنة عُمان: استقرار ونمو متصاعد
السلطنة تُعد سوقًا واعدة بفضل:
• استقرار سياسي واقتصادي
• تسهيلات حكومية للمستثمرين
• طلب متزايد على العقارات السكنية والتجارية
4. نقل الخبرات المصرية للأسواق الجديدة
شركات مثل طلعت مصطفى واورا وتطوير مصر تسعى لتصدير نموذج المجتمعات المتكاملة (كمثال: مدينتي والرحاب)، وهو نموذج أثبت نجاحه في مصر وقابل للتكرار في بيئات مشابهة ثقافيًا مثل السعودية والعراق.
5. القرب الثقافي واللغوي
العمل في بيئة عربية يسهّل التواصل، فهم السوق، والتكيّف مع الاحتياجات، بعكس التحديات التي قد تواجه المطورين في أسواق بعيدة جغرافيًا وثقافيًا.
6. تنويع مصادر الدخل وتقليل المخاطر
الدخول لأسواق متعددة يحمي الشركات من تقلبات السوق المحلي فقط، سواء في أسعار الصرف، التضخم، أو الإجراءات التنظيمية.
7. سد الفجوات السوقية وتحقيق عوائد مجزية
توافر فجوات حقيقية في بعض الأسواق – مثل العراق – يوفر فرصة لتحقيق عوائد مرتفعة بأقل منافسة نسبية.

ثانيًا: العوامل الدافعة من داخل مصر
1. تذبذب سعر الصرف والتضخم
انخفاض قيمة الجنيه وارتفاع أسعار مواد البناء، معظمها مستورد، أدى إلى تقليص هوامش الأرباح ورفع الأسعار على العملاء، مما أثّر على حركة السوق داخليًا.
2. تشبع السوق العقاري الراقي في مصر
التركيز على الفئة فوق المتوسطة والراقية أدى إلى تشبّع في مناطق مثل العاصمة الإدارية، القاهرة الجديدة، والعلمين الجديدة، مما يدفع الشركات للبحث عن أسواق خارجية بنفس الفئة لكن بطلب حقيقي.
3. ضعف منظومة التمويل العقاري
التمويل العقاري في مصر لا يزال يعاني من بطء الإجراءات وقلة الحلول التمويلية قبل البناء، بعكس دول مثل السعودية.
4. الرغبة في تقليل الاعتماد على السوق المحلي
التوسع الإقليمي يمنح الشركات مرونة لمواجهة أي متغيرات داخلية مفاجئة، كقرارات التعويم أو التغييرات الضريبية.
5. السعي لعوائد أعلى وفرص نمو أسرع
أسواق مثل السعودية والعراق تقدم هامش ربح أفضل، بدعم حكومي، وتمويل مستقر، وبنية تحتية قابلة للتطوير.
6. تراجع فرص النمو في مصر بدون شراكات مع الدولة
كثير من المشاريع الكبرى الحالية في مصر مرتبطة بجهات حكومية أو تحتاج إلى شراكات استراتيجية، وهو ما يحدّ من حرية حركة بعض المطورين، ويدفعهم للبحث عن بيئة أكثر مرونة.

في المقابل: لماذا تجذب مصر مطورين أجانب؟
التوسع الخارجي للمصريين يتزامن مع دخول شركات أجنبية للسوق المصري للأسباب التالية:
• انخفاض قيمة الجنيه المصري يجعل العقارات في مصر أرخص نسبيًا للمستثمر الأجنبي.
• طلب محلي مرتفع بدعم من أكثر من 120 مليون نسمة، ونمو سكاني مستمر.
• مشروعات قومية ضخمة مثل العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة.
• حوافز حكومية وتسهيلات كالجنسية مقابل الاستثمار العقاري، وتفعيل نظام الشباك الواحد.
• موقع استراتيجي لمصر يربط بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، ويجعلها بوابة للمستثمرين الدوليين.

الخلاصة
ما نشهده اليوم هو حركة توازن استثماري ذكية: توسع مصري للخارج للاستفادة من عوائد أفضل وتقليل المخاطر، يقابلها تدفّق استثمار أجنبي إلى الداخل مدفوع بطلب محلي، ومشروعات قومية، وميزات تنافسية واضحة.
إنها معادلة تكامل وليست تنافس، تعكس نضج السوق العقاري المصري وتحوّله إلى لاعب إقليمي قوي، قادر على التصدير العقاري بنفس كفاءة الاستيراد الاستثماري.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق تشكيل المصري البورسعيدي المتوقع أمام حرس الحدود
التالى طقس أول مايو 2025.. أجواء دافئة نهارًا وبرودة ليلًا وأمطار محتملة على السواحل