بدأت منصة غاز بحرية عملاقة عبور مضيق البوسفور، اليوم الخميس 29 مايو/أيار 2025، في حدث وُصف بأنه نقطة تحوّل في إستراتيجية تركيا لاستخراج الطاقة من مواردها الوطنية.
ووفقًا لتقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تُمثّل هذه الخطوة إيذانًا ببدء مرحلة تشغيلية جديدة في البحر الأسود.
وانطلقت المنصة من سواحل منطقة أهيركابي في إسطنبول، وسط إجراءات متابعة دقيقة، وتستغرق رحلتها 11 ساعة، وصولًا إلى ميناء فيليوس في ولاية زونغولداك، حيث ستبدأ الاستعدادات النهائية لبدء الإنتاج الفعلي منتصف العام المقبل.
وجاء المشروع تتويجًا لسنوات من التحضير والتحديث التقني، وهو مدعوم رسميًا على أعلى مستوى، إذ حضر مراسم الإطلاق الرئيس رجب طيب أردوغان، ووزير الطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بيرقدار، من قصر دولما بهجه، الذي شهد انطلاق الرحلة البحرية.
وتعد المنصة عثمان غازي فريدة في طبيعتها؛ إذ تمثّل أول منشأة عائمة من نوعها في البلاد، وتهدف إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي في مجال الغاز الطبيعي عبر زيادة الكميات المُنتجة من حقل صقاريا البحري خلال العقدين المقبلين.
المنصة عثمان غازي
تُعدّ المنصة عثمان غازي واحدة من أبرز مشروعات البنية التحتية في مجال الطاقة البحرية التركية؛ إذ صُممت خصوصًا لتكون نواة تشغيل متكاملة في حقل صقاريا، أكبر حقل غاز مكتشف في المياه الإقليمية التركية.
وقال وزير الطاقة ألب أرسلان بيرقدار، في منشور له بمنصة "إكس": "تمرّ "عثمان غازي" الآن عبر البوسفور في أكبر عملية سحب بحرية في تاريخ الجمهورية، هذا المشهد يُظهر قدراتنا في تحويل الحلم إلى إنجاز فعليّ".
وأضاف الوزير أن المنصة تمثّل "رمزًا للعزيمة الوطنية والهندسة التركية"، موضحًا أن المشروع جزء من خطة إستراتيجية لتقليص الاعتماد على واردات الطاقة وتحقيق السيادة في الموارد الطبيعية.

ووفقًا للبيانات الرسمية، يبلغ طول المنصة عثمان غازي 298.5 مترًا، وعرضها 56 مترًا، بعمق يصل إلى 29.5 مترًا.
وتستوعب المنصة حتى 140 فردًا من الكوادر الفنية، مع قدرة معالجة يومية تصل إلى 10.5 ملايين متر مكعب من الغاز، وطاقة نقل تصل إلى 10 ملايين متر مكعب.
إنتاج حقل صقاريا للغاز
ستبدأ المنصة عثمان غازي عملياتها رسميًا في منتصف عام 2026، لتضاعف إنتاج الغاز من حقل صقاريا (Sakarya) إلى 20 مليون متر مكعب يوميًا، ارتفاعًا من 9.8 مليون متر مكعب في الوقت الراهن، في خطوة تعزز أمن الطاقة التركي، إذ ستضمن تلبية احتياجات 8 ملايين أسرة تركية من الغاز الطبيعي من الموارد المحلية.
وسيمتدّ خط أنابيب تحت البحر بطول 161 كيلومترًا، يربط المنصة بمحطة التوزيع على اليابسة، إذ سيُضَخ الغاز بعد معالجته مباشرة إلى الشبكة الوطنية؛ ما يرفع مستوى الاعتماد على الموارد الداخلية.
وخضعت المنصة لأعمال تجديد واسعة استمرت 8 أشهر في حوض بناء السفن بمنطقة تشاناك قلعة، قبل أن تُطلق رسميًا نحو موقعها الميداني على ساحل البحر الأسود، ضمن خطة متكاملة لرفع الكفاءة التشغيلية للمنشأة.
وقالت وزارة الطاقة التركية عبر منصة "إكس": "اسم العصر الجديد هو عثمان غازي، والمهمة: تحقيق تركيا المستقلة في قطاع الغاز".

ميناء فيليوس
من المقرر أن ترسو المنصة عثمان غازي في ميناء فيليوس في الأول من يونيو/حزيران المقبل، لتبدأ بعدها عمليات التثبيت والربط الفني مع شبكة النقل، إيذانًا بانطلاق مهمتها التي ستستمر 20 عامًا في عمق البحر.
ويأتي المشروع ضمن إطار أوسع لتعزيز أمن الطاقة الوطني، إذ تعتمد تركيا بشكل متزايد على تطوير مواردها من البحر الأسود، بعد عقود من الاعتماد على الغاز المستورد لتغطية الطلب الداخلي.

وتمثّل المنصة عثمان غازي بقدراتها الضخمة علامةً فارقة في مسار تحوّل تركيا إلى مركز طاقة إقليمي، وتفتح الباب أمام مشروعات مماثلة في المستقبل، مدعومة بالتقنية الوطنية والخبرة التشغيلية المكتسبة.
وترافق المنصة خلال عبورها 5 قاطرات بحرية بقيادة "نيني خاتون"، إحدى أقوى القاطرات في العالم، بقوة جَرّ تصل إلى 205 أطنان، لتأمين مسارها عبر المضيق حتى وصولها إلى نقطة الرسو.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر: