بحضور خبراء مغاربة ودوليين تناقش أكاديمية المملكة المغربية، بشراكة مع الأكاديمية الدولية للفرانكفونية العلمية، اضطرابات التعلم في ضوء أحدث المستجدات البحثية، في علم الأعصاب، والفهم الطبي العصبي والنفسي لكيف يتم الإدراك وما يمكن أن يعيقه لدى التلاميذ خاصة.
ناجية حجاج حسوني، عضو أكاديمية المملكة المغربية، عميدة كلية الطب في الجامعة الدولية بالرباط، والعضو الشريك في الأكاديمية الوطنية الفرنسية للطب، قالت لهسبريس إن هذه الندوة الدولية المنظمة بمقر الأكاديمية بالرباط، اليوم الأربعاء وغدا الخميس، “تتحدث عن اضطراب التعلم، الذي يؤثر على 6 في المائة إلى 8 في المائة من الأطفال في سن الدراسة، ويشمل أنواعا من الصعوبات في مهارات أساسية مثل القراءة والكتابة والحساب والتنسيق الحركي”، وزادت: “المهم أن نعرف أنه ليست هناك علاقة بين هذه الاضطرابات والنقص في الذكاء، بل إن الأمر يعود إلى طريقة خاصة في عمل الدماغ في مستوى النمو العصبي”.
وأضافت حسوني: “المهم أيضا هو التشخيص المبكر لهذه الاضطرابات لتفادي الفشل الدراسي، وتعزيز ثقة الأطفال المعنيّين في أنفسهم. ومن المهم توعية الأسر والمهنيين المعنيين بالتعليم والصحة كذلك؛ لأن هذا رهان مهم لضمان الاندماج وتكافؤ الفرص”.
عبد الجليل لحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، قال في افتتاح الندوة الدولية إن هذه الشراكة بين أكاديمية المملكة والأكاديمية الدولية للفرانكفونية العلمية “غنية وذات ثمار، وتوفر فضاء للتفكير، من أجل التجويد العاجل للأنظمة التعليمية، عبر فهم مشاكل التعلم في ضوء العلم المهتم بالإدراك والتعلّم، الذي هو علم شاب”.
ويقدّر لحجمري أن هناك “إصلاحا ضروريا في كل مجتمع ينبغي أن يتم في ضوء الاكتشافات العلمية المتعلقة بعمل العقل الإنساني وعلم النفس الإدراكي، سواء في ما يتعلق بالتعليم أو السياسة الضرورية المتعلقة بالصحة النفسية”، مردفا: “هذه الثورة الهادئة والعاقلة تتطلب التوعية، والإصلاح التعليمي، من أجل الاستفادة من مستجدات العلم في بيداغوجيا تستوعب تعدد الذكاءات وقدرات التعلم”.
سليم خلبوس، عميد الوكالة الجامعية للفرانكوفونية، شكر من جهته الخبراء المستجيبين للندوة الدولية التي تنظمها الأكاديمية والوكالة للنقاش في موضوع مهم يروم فهم كيف يتعلم الدماغ، وشكر أكاديمية المملكة التي اقترحت الموضوع، مردفا بأن “مدرسة أكثر إدماجا وتنويرا تتطلب تطبيق مستجدات العلوم الإدراكية، ووضع سياسات تتناسب معها”، مع تسجيله أن هذا التطبيق “مسؤولية جماعية”.
سيبيل غونزاليس مونغ وميشيل حبيب تناولا من جهتهما في محاضرتهما الافتتاحية تطوّرات تسميات وفهم عسر القراءة، وتطورات فهم الدماغ الإنساني الذي ليست له مناطق معزولة عن بعضها مكلفة بأمر وحيد، بل له مناطق متباعدة ومتصلة، لكن لها أدوارا خاصة مثل اللغة والإدراك المكاني والحساب والقراءة والانتباه والكتابة والتذكّر.
ووضّحت المحاضرة الافتتاحية أن حلّ عسر التعلم، باختلاف أوجهه، يبدأ من المدرسة، والعمل المشترك بين المتخصّص القائم على معالجة العسر طبيا وبين المدرّس؛ “لأن التشخيص لا يعني علاج الموضوع”، فبعد التشخيص يبدأ التفكير في الأثر على الحياة المدرسية والاجتماعية، حتى لا يستمر واقع تأثر تقدير ذات الطفل المتعلم بالعسر الإدراكي الذي يواجهه ويدفعه إلى مقارنة نفسه بأقرانه الذين لا يواجهونه فيعتقد أنه “غبي”، ما يزيد بدوره حدة المشاكل التي يعاني منها.
ودافعت المحاضرة عن أن المستجدات العلمية في فهم اضطرابات التعلّم عابرة للتخصّصات والمهن، وينبغي معها أن “يعي جميع المتدخلين حقيقة الإشكال، وإلا ستزيد حدّته”.
" frameborder="0">