أثار إعلان وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، إطلاق مسار مراجعة “عميقة” لإعادة النظر في منظومة تسعير الأدوية، وفي مدونة الدواء والصيدلة، استغراب كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، التي نفت التشاور معها في هذه الخطوات، معبّرة عن “الرفض المطلق” لأي قرارات “تتخذ بشكل أحادي وتمس المنظومة”.
وقالت الكونفدالية، في بلاغ توصلت به هسبريس، إنها تابعت “باستغراب وقلق بالغين” تصريحات الوزير خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، أمس الاثنين، “التي أشار فيها إلى إطلاق مسار مراجعة عميقة لإعادة النظر في منظومة تسعير الأدوية الذي سيعرض قريبا على مسطرة المصادقة”.
وأضاف المصدر نفسه أن الوزير أدلى، من جهة ثانية، بـ”توجهات وزارته لإعادة النظر في مراجعة مدونة الدواء والصيدلة، مبرزا أن ذلك يجري بشراكة مع القطاعات الحكومية والهيئات المهنية المعنية”.
وفي هذا الصدد، سجّلت الكونفدرالية، “باندهاش شديد، هذا التناقض بين مضمون التصريح والواقع العملي”، مؤكدة “عدم” استدعائها من طرف الوزير، “باعتبارنا طرفا مهنيا مباشرا ومعنيا لبلورة المشاريع المتحدث عنها؛ وهذا ما يستدل عنه برفضه استقبال كل التمثيليات المهنية للصيادلة منذ توليه مسؤولية وزارة الصحة”.
وقال التنظيم المهني نفسه إن “الحديث عن مراجعة تسعير الأدوية تحت ذريعة الحفاظ على التوازن المالي لصناديق التأمين ينم عن سياسة محاسباتية ضيقة، تغفل البعد الاستراتيجي لقطاع الصيدليات في المنظومة الصحية المهدد ثلث صيدلياته بالإفلاس على الصعيد الوطني”.
لذلك، طالبت الكونفدرالية بـ”توضيح رسمي من وزارة الصحة حول مضامين التصريحات الأخيرة”، داعية إلى “وقف أي إجراءات أحادية الجانب فيما يخص مراجعة المرسوم رقم 2.13.852 والقانون 17.04 المتعلق بمدونة الأدوية والصيدلة، إلى حين فتح حوار حقيقي مع كافة المتدخلين”.
ونادى التنظيم المهني عينه بـ”ضمان احترام المقاربة التشاركية التي نص عليها الدستور في كل ما يتعلق بإصلاح المنظومة الصحية عموما، والمنظومة الدوائية بشكل خاص”.
محمد لحبابي، رئيس كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، نفى أن يكون وزير الصحة والحماية الاجتماعية قد استدعى النقابات للتشاور بشأن إعادة تسعير الدواء أو مراجعة القانون رقم 17.04 المتعلق بمدونة الأدوية والصيدلة، مؤكدا “الرفض المطلب للمقاربة الأحادية التي يشتغل بها الوزير في هذا الجانب”.
وقال لحبابي، ضمن تصريح لهسبريس، إن “الكونفدرالية تؤيد إصلاح المنظومة وضمان توزان صناديق التأمين الاجتماعي، لكن مع مراعاة التوازن الاقتصادي للصيدليات كذلك”، مفيدا بأن “الانفراد بمراجعة المنظومة وقوانينها من قبل الوزارة، سيؤدي إلى اختلال أحد هذين التوازنين”.
وشددّ على أن “الصيادلة لا يملكون، إلى حد الآن، أدنى معلومة عمّا يتضمنه مشروع المرسوم المتعلّق بتحديد سعر بيع الأدوية، في صيغته التي تعدها الوزارة”، مبرزا أنه “يتعيّن إشراك المهنيين الملمين بخبايا القطاع بشكل بناء في التسعير”.
ولدى لفت انتباهه إلى أن على رأس الأهداف المعلنة لمسار المراجعة، ضمان التوزان مع القدرة الشرائية للمواطنين، قال لحبابي إن “الصيادلة في نهاية المطاف لا يعارضون تخفيض أسعار الأدوية، غير أنه في هذا المسار ثمّة مسائل تقنية قد يتناساها الوزير؛ فيمر مرسوم يضر بالتوازن الاقتصادي للصيدليات”.
من جانبه، سجّل أمين بوزوبع، الكاتب العام لكونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، أن “الوزير التهراوي لم يستقبل منذ تعيينه مركزيات نقابات المهنيين، رغم الطلبات الكثيرة التي وجهتها إليه”، نافيا بدوره أن “يكون قد عمل على التشاور مع هذه المركزيات بشأن مسار مراجعة تسعير الأدوية”.
وقال بوزوبع في تصريح لهسبريس: “طالما دعونا أساسا إلى مراجعة أسعار الأدوية، خصوصا تلك التي تطرح إشكالا كبيرا، وتثقل كاهل المواطنين والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”، مفيدا بأن “هذه الأدوية أساسا تنتمي إلى الشريحة الثالثة والرابعة، وهي تهم في الغالب تلك الموجهة للسرطان والالتهابات الكبدية وغيرها”.
ولفت الصيدلاني عينه إلى أن”الكونفدرالية قدّمت للوزارة في عهد الوزير السابق، خالد آيت الطالب، مقترحات عملية من أجل تخفيض أسعار هذه الأدوية، وكذلك فعلت مع كل من المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مؤخرا، ومسؤولي مجلس المنافسة”.
وشددّ المصرح ذاته على أن “الصيادلة لا يمانعون مراجعة أثمنة الأدوية والمدونة، غير أنهم يؤكدون ضرورة أن يتم ذلك بطريقة تشاركية تضمن معالجة مشاكل القطاع بطريقة شمولية”.