بات الغاز المسال الأسترالي سلعة مربحة لليابان خلال السنوات الأخيرة، في وقت تواجه فيه كانبرا تحديات كبيرة لتأمين إمدادات الغاز لمواطنيها.
وأظهر تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، أن أستراليا تمثّل أكبر مصدر للغاز المسال الذي تشتريه اليابان لتعيد بيعه، حيث شكلت 41% من الشحنات التي أعادت طوكيو بيعها خلال العام الماضي، متقدمة على الولايات المتحدة، في حين غابت قطر -تقريبًا- عن هذه التجارة بسبب قيود الوجهة الصارمة بعقود التصدير.
وتشير التقديرات إلى أن الشركات اليابانية تحقق أرباحًا من إعادة بيع الغاز المسال الأسترالي، مستفيدة من فروق الأسعار في أسواق آسيا، مثل كوريا الجنوبية وتايوان.
وكل هذه المعطيات تفتح باب التساؤلات حول دوافع اليابان من هذه التجارة وكيف تؤثّر بسياسات الطاقة في أستراليا، خاصة مع انخفاض الاستهلاك المحلي في طوكيو.
إعادة بيع الغاز المسال الأسترالي
تكشف الأرقام أن اليابان لا تكتفي باستيراد الغاز المسال الأسترالي، بل حوّلته إلى مصدر ربح من خلال إعادة بيعه.
ففي عام 2024 وحده، أعادت الشركات اليابانية تصدير ما بين 11.3 و14.7 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال الأسترالي، وهو ما يفوق استهلاك شرق أستراليا السنوي للغاز، بحسب التقرير الصادر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.
وتأتي أكبر كميات الغاز المسال المعاد بيعها من غرب أستراليا، يليها الإقليم الشمالي وكوينزلاند، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويقدّر التقرير القيمة الإجمالية لعمليات إعادة البيع ما بين 11 و14 مليار دولار أسترالي (7-9 مليارات دولار)، مع أرباح قد تتجاوز مليار دولار أسترالي (641 مليون دولار) سنويًا، وقد يكون هذا الدافع الرئيس لاهتمام اليابان بالسوق الأسترالية.
(الدولار الأسترالي=0.64 دولارًا أميركيًا)
قلق داخل سوق الغاز المسال الأسترالية
أشار التقرير إلى أن اليابان لم تتجاوز العقود المُبرمة مع أستراليا، بل استلمت ما يعادل الكمية المتفق عليها تقريبًا (26.4 من أصل 26.6 مليون طن)، ما يعني أن عمليات إعادة البيع ليست نتيجة فوائض ناتجة عن العقود.
وتكمن المفارقة في أن أكثر من ثلثي الغاز المسال المعاد بيعه ينتهي به المطاف في تايوان وكوريا الجنوبية، وهما من أعلى الأسواق قيمة بالنسبة للمصدّرين الأستراليين.
ووفقًا لتقديرات الحكومة الأسترالية لعام 2023، يصل متوسط سعر الطن المبيع إلى كوريا الجنوبية إلى 1086 دولارًا أستراليًا، وإلى تايوان 979 دولارًا، مقارنة بمتوسط سعر التصدير للأسواق كافة، البالغ 921 دولارًا أستراليًا للطن.
وهذا الواقع يثير القلق لدى المنتجين الأستراليين، وتزداد المطالب بإعادة النظر في شروط التصدير، إلى جانب إجراء تدقيق أعمق في دوافع محاولات اليابان للتأثير بسياسات الطاقة الأسترالية.
وبحسب بيانات تقرير "مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في الربع الأول من 2025"، الذي تُصدره دوريًا وحدة أبحاث الطاقة، تعدّ أستراليا ثالث أكبر مصدري الغاز المسال في العالم خلال الربع الأول من العام الجاري، وسجلت 19.43 مليون طن، كما يوضح الرسم التالي:
وكانت أستراليا ثاني أكبر مصدّري الغاز المسال في العالم خلال 2024، بنحو 81.38 مليون طن.
أهمية الغاز المسال الأسترالي لأمن الطاقة في اليابان
على مدى سنوات، أكدت اليابان أهمية الغاز المسال الأسترالي لضمان تعزيز أمن الطاقة، وسعت لتوجيه سياسات الغاز في أستراليا بما يخدم هذا الهدف.
ومع ذلك، يشكك تقرير معهد اقتصادات الطاقة في صحة ذلك، فبالإضافة إلى أن 32% من صادرات الوقود الأسترالي تذهب إلى اليابان، من المرجّح أن الشركات اليابانية تشتري ما بين 14% إلى 18% إضافية لإعادة بيعه.
ولطالما كانت اليابان أكبر مشترٍ للغاز المسال، لكن مع تراجع الطلب المحلي، تتجه الشركات اليابانية نحو إعادة البيع إلى الأسواق الأخرى.
ووفق أحدث بيانات تقرير "مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في الربع الأول من 2025"، الذي تُصدره دوريًا وحدة أبحاث الطاقة، جاءت اليابان في صدارة قائمة أكبر الدول المستوردة للغاز المسال عالميًا.
فقد بلغت واردات اليابان من الغاز المسال خلال الربع الأول من العام الجاري نحو 18.37 مليون طن، كما يوضح الرسم التالي:
وخلال عام 2024، احتلّت اليابان المركز الثاني في قائمة أكبر الدول المستوردة للغاز المسال، بواردات بلغت 67.44 مليون طن، مقابل 67.07 مليون طن خلال عام 2023.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..
- مكاسب اليابان من إعادة بيع الغاز المسال الأسترالي من معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي
- بيانات صادرات أستراليا وواردات اليابان من وحدة أبحاث الطاقة