بين تحديات الطاقة وتزايد الطلب في أشهر الصيف الحارة، تتحرك مصر بخطوات متسارعة خلف الكواليس لتأمين احتياجاتها من الغاز الطبيعي.
في مشهد يبدو مألوفًا لكنه أكثر حرجًا هذا العام، تعود القاهرة إلى السوق العالمية بحثًا عن حلول عاجلة لسد الفجوة المتنامية بين العرض والطلب، في وقت تشهد فيه البلاد ضغوطًا اقتصادية خانقة وانخفاضًا حادًا في إنتاجها المحلي من الغاز.
تخوض الحكومة المصرية مفاوضات مكثفة مع عدد من عمالقة الطاقة والتجارة حول العالم في محاولة لاستيراد ما يتراوح بين 40 و60 شحنة من الغاز الطبيعي المسال قبل حلول ذروة الاستهلاك الصيفي.
تراجع إنتاج الغاز محليًا وتزايد أعباء المعيشة
وتأتي هذه التحركات وسط ارتفاع أسعار الغاز عالميًا، مما قد يكلف الدولة نحو 3 مليارات دولار لتوفير هذه الكميات، في ظل أزمة اقتصادية ضاغطة، تشمل تراجع إنتاج الغاز محليًا وتزايد أعباء المعيشة، بالإضافة إلى أزمة سيولة حادة بالنقد الأجنبي.
وذكر مصدر في قطاع الطاقة أن الحكومة تدرس أيضًا إمكانية استيراد نحو مليون طن من زيت الوقود، إلا أن الغاز الطبيعي لا يزال الخيار الأقرب بسبب مرونة ترتيبات السداد مقارنة بالوقود التقليدي.
الجدير بالذكر أن مصر عانت خلال العامين الماضيين من انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي، نتيجة تراجع كميات الغاز المنتجة محليًا، حيث سجل الإنتاج في فبراير الماضي أدنى مستوى له منذ تسع سنوات.
وأشارت المصادر إلى أن القاهرة تتفاوض مع دول وشركات كبرى من بينها قطر والجزائر، بالإضافة إلى "أرامكو" السعودية، في ظل سعيها لتغطية احتياجاتها العاجلة من الوقود، بعد أن تخلت عن طموحها لتصدير الغاز إلى أوروبا بسبب تقلص الإنتاج.
كما أكد أحد المصادر التجارية أن مصر قد تحتاج لاحقًا إلى ما يصل إلى 150 شحنة غاز لتلبية احتياجاتها على المدى الطويل، إذا استمر الإنتاج في التراجع.
تدابير استباقية لضمان استمرار تدفق الكهرباء دون انقطاع
تزامنًا مع ذلك، يواجه قطاع الطاقة في مصر تحديات إضافية، أبرزها تأخر الحكومة في سداد مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في مجال التنقيب والإنتاج، ما أدى إلى تقليص الأنشطة الاستكشافية، وتباطؤ واضح في معدلات إنتاج النفط والغاز.
ومع اقتراب فصل الصيف وما يصاحبه من ذروة استهلاك كهربائي، شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي على ضرورة اتخاذ تدابير استباقية لضمان استمرار تدفق الكهرباء دون انقطاع، وفق بيان صادر عن مجلس الوزراء.