شهدت العاصمة الإدارية الجديدة لقاءً موسعًا جمع بين وزارة البترول والثروة المعدنية وعدد من نواب البرلمان وممثلي القطاع الخاص في مجال التعدين، وذلك في إطار الدفع بملف تطوير هذا القطاع الاستراتيجي.
اللقاء، الذي ترأسه المهندس كريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية، أتى في وقت بالغ الأهمية، حيث تسعى الدولة إلى إعادة رسم ملامح قطاع التعدين وتوسيع مساهمته في الناتج المحلي.
تحول جذري في بنية الهيئة
في صدارة المشهد، جاء إعلان وزير البترول عن الموافقة التشريعية على تحويل "هيئة الثروة المعدنية" إلى كيان اقتصادي جديد تحت مسمى "هيئة الثروة المعدنية والصناعات التعدينية". هذا التحول، بحسب الوزير، لم يكن ليحدث لولا التنسيق الوثيق بين الحكومة ومجلسي النواب والشيوخ، في خطوة تمهد لانطلاقة قوية لجذب استثمارات محلية ودولية.
وأكد بدوي أن هذا التعديل يهدف إلى رفع مساهمة قطاع التعدين في الاقتصاد الوطني من أقل من 1% حاليًا إلى نحو 5-6% في السنوات القادمة، عبر تسهيل الإجراءات وتوفير بيئة محفزة للشراكات بين الدولة والمستثمرين.
رؤية تشريعية موحدة
من جانبه، أشار المستشار أحمد سعد الدين، وكيل أول مجلس النواب، إلى أن الدولة تتبنى نهجًا جديدًا قائمًا على التعاون الوثيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، موضحًا أن تحويل الهيئة إلى كيان اقتصادي يفتح الباب أمام شراكات أكثر مرونة تحقق المنفعة للطرفين.
وأضاف الدكتور عبد الهادي القصبي، ممثل الأغلبية البرلمانية، أن القطاع أمامه فرصة تاريخية للتحول إلى ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد المصري، مشددًا على أهمية تطوير الصناعات التحويلية لزيادة القيمة المضافة.
تحركات برلمانية داعمة
بدوره، رأى النائب مجدي سليم، رئيس لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ، أن تعديل قانون الثروة المعدنية يمثل نقلة نوعية، ويعكس إصرار الدولة على تحويل مصر إلى مركز إقليمي للتعدين. وتوافقت معه النائبة نهى زكي، التي أشادت بإطلاق منصة رقمية للاستثمار التعديني، معتبرةً إياها خطوة استراتيجية لجذب المستثمرين.
أما النائبة رشا رمضان، فقد ربطت بين الاستقرار التشريعي والتطور في بيئة الاستثمار، مؤكدة أن التعاون بين البرلمان والوزارة يرسل رسالة طمأنة للمستثمرين الراغبين في دخول السوق المصرية.
عرض تقديمي يكشف تفاصيل التطوير
في استعراض تقني، قدم الجيولوجي محمود سليمان، من هيئة الثروة المعدنية، شرحًا تفصيليًا لمحاور العمل الجديدة، والتي شملت إطلاق منصة رقمية متخصصة تحتوي على بيانات جيولوجية دقيقة، إضافة إلى مزايدات استثمارية في مجالات متعددة، أبرزها الذهب ورمال الكاولين.
وأشار إلى تطور واضح في إنتاج الذهب والخامات التعدينية، وارتفاع ملحوظ في إيرادات الهيئة خلال الفترة من يوليو 2024 إلى أبريل 2025، كما لفت إلى دخول الهيئة في شراكات صناعية لإنتاج السيليكون وتصنيع الأسمدة الفوسفاتية.
شراكات دولية وآفاق جديدة
الاجتماع لم يخلُ من الإشارات الدولية، حيث كشف الوزير بدوي عن توقيع اتفاق مع شركة "أنجلو جولد أشانتي" لاستغلال خام الذهب، في حين تم تعزيز التعاون مع شركة "باريك جولد" العالمية للتنقيب جنوب الصحراء الشرقية.
نقاش مفتوح مع المستثمرين
واختتم اللقاء بنقاش موسع أدارَه الوزير مع ممثلي الشركات الخاصة وشركاء الصناعة، حيث تم تبادل الآراء حول تحسين مناخ الاستثمار، وتعزيز الأمن والسلامة للعاملين، وتذليل العقبات أمام المستثمرين الجدد.
في مجمله، يعكس اللقاء تحولا جادًا في التعاطي مع ملف التعدين في مصر، من خلال رؤية طموحة تستند إلى إصلاحات تشريعية ومبادرات تنفيذية متسارعة، تمهد الطريق لتحويل القطاع إلى أحد محركات النمو الاقتصادي خلال السنوات المقبلة.