أصبحت حلول الطاقة المتجددة في تايلاند المسار الأكثر جدوى من الناحية الاقتصادية لتحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول 2050.
فقد أظهر تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، أن الاعتماد على الطاقة الشمسية والرياح يُعدُّ الخيار الأمثل لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات دون الإضرار بأمن الطاقة، إلى جانب القدرة على تحمّل تكاليفها.
ومع دمج الطاقة الشمسية مع أنظمة تخزين البطاريات، تتضاعف الجدوى الاقتصادية لتصبح بديلًا أكثر كفاءة من الاعتماد على الوقود الأحفوري التقليدي، خاصة الغاز المسال المستورد.
ويرى التقرير أن البدائل الأخرى، مثل تحديث محطات الطاقة الحرارية لمزج الهيدروجين أو الأمونيا أو تطبيق تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه، مكلفة وأقل فاعلية في خفض الانبعاثات.
حلول الطاقة المتجددة في تايلاند خيارها الأرخص
يمثّل هذا العام نقطة تحول مفصلية لمسار إزالة الكربون من قطاع الكهرباء في تايلاند، مع اقتراب الحكومة من إقرار مسودة خطة تطوير القطاع (PDP2024) وتحديث خطط إسهاماتها المحددة وطنيًا لتحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ.
وفي قلب هذه الخطة، ستستحوذ الطاقة الشمسية وحدها على نصف سعة التوليد الإضافية المخططة للمدة بين 2024 و2037، والبالغة 43 غيغاواط.
ويتوافق هذا التوجه مع التقرير الصادر عن شركة أبحاث "بلومبرغ نيو إنيرجي فاينانس"، الذي يبيّن أن الطاقة المتجددة في تايلاند، وفي مقدمتها الطاقة الشمسية، تُعدّ المسار الأكثر جدوى لتحقيق أهدافها المناخية.
وكشف التقرير عن أن التكلفة المستوية لتوليد الكهرباء من محطات الطاقة الشمسية على نطاق المرافق الجديدة أصبحت الأرخص في البلاد منذ عام 2022، إذ تتراوح -حاليًا- بين 33 و75 دولارًا/ميغاواط/ساعة، مقابل 79-86 دولارًا للغاز، و74-96 دولارًا للفحم، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
بالإضافة إلى ذلك، توقع التقرير أن تصبح مشروعات الطاقة الشمسية المزوّدة بأنظمة تخزين لمدة 4 ساعات مجدية اقتصاديًا، مقارنة بتكاليف تشغيل محطات الطاقة الحرارية القائمة في 2025.
كما ستدخل طاقة الرياح البرية بدورها المنافسة مع محطات الكهرباء بالفحم الجديدة خلال هذا العقد، رغم محدودية المساحات المناسبة؛ نظرًا إلى انخفاض سرعات الرياح في معظم أنحاء البلاد.
ووفقًا لسيناريو الحياد الكربوني لشركة أبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس المتخصصة، قد تغطي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح 60% من احتياجات الكهرباء في البلاد بحلول 2050، رغم أن إسهاماتها لم تتجاوز 5.6% خلال العام الماضي.
الطاقة المتجددة في تايلاند تحدّ واردات الغاز المسال
من جهة أخرى، أظهر التقرير أن الطاقة المتجددة في تايلاند، إلى جانب أنظمة التخزين، تمثل فرصة ذهبية لمواجهة ارتفاع الطلب على الكهرباء في السنوات المقبلة.
وسيُسهم ذلك في الحد من الاعتماد على واردات الغاز المسال المكلفة، لا سيما من مصادر بعيدة مثل ألاسكا. كما سيعزّز ذلك من قدرة البلاد على ضمان استقرار الأسعار وتعزيز أمن الطاقة.
وتُصنّف تايلاند ثالث أكبر مستهلك للكهرباء في منطقة جنوب شرقي آسيا بعد إندونيسيا وفيتنام، وتعتمد على مواردها المحلية من الغاز الطبيعي لتلبية الطلب على الكهرباء، لكن مع بداية تراجع إنتاج الغاز المحلي، باتت تايلاند تعتمد على واردات الغاز المسال بصورة أكبر.
وفي عام 2024، شكّل الغاز نحو 68% من إجمالي إنتاج الكهرباء البالغ 201 تيراواط/ساعة، يليه الفحم بنسبة 17%، في حين شكّلت واردات الغاز المسال 29% من إجمالي استهلاك الغاز في البلاد.
وتمتلك تايلاند محطتَيْن لاستيراد الغاز بقدرة إجمالية تبلغ 21.5 مليون طن سنويًا، وتخطّط لإضافة محطة ثالثة جديدة بقدرة أولية تصل إلى 5 ملايين طن سنويًا، مع إمكان تعزيز القدرات إلى 10.8 مليون طن سنويًا، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
تايلاند بين خيار الهيدروجين والطاقة المتجددة
على صعيد متصل، كشف التقرير عن أن خطط تايلاند لمزج الهيدروجين بالغاز الطبيعي -كونه وقودًا أنظف لمحطات توليد الكهرباء- ليست الأكثر جدوى اقتصاديًا لإزالة الكربون والحد من انبعاثات قطاع الكهرباء.
وتشير الأرقام إلى أن استعمال الهيدروجين في توليد الكهرباء سيظل أكثر تكلفة بـ3 أضعاف مقارنة بالطاقة الشمسية المرفقة بأنظمة تخزين البطاريات بحلول عام 2050.
وأوصى التقرير بالتركيز على تعزيز مصادر الطاقة المتجددة في تايلاند، مع ضرورة تخصيص الهيدروجين الأخضر للقطاعات التي يصعب فيها استبدال الكهرباء بالوقود الأحفوري.
وإلى جانب تسريع نشر أنظمة التخزين للتغلّب على تقلبات الطاقة المتجددة، يمكن إجراء إصلاحات في سوق الكهرباء، ما يعزّز مرونة الشبكة من جانب العرض والطلب، فضلًا عن الاستفادة من اهتمام الشركات بشراء الكهرباء النظيفة لجذب المزيد من الاستثمارات للقطاع.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
){kind=link}