تشهد العلاقات بين إسرائيل وإيران تصعيدًا خطيرًا ينذر بتداعيات إقليمية ودولية، حيث أفادت مجلة "تايم" أن إسرائيل تدرس خططًا لمهاجمة مواقع عسكرية إيرانية، بما في ذلك منشآت نووية محتملة، وسط توترات متزايدة بين البلدين.
وفقًا للتقرير، أجرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مناقشات مع إسرائيل حول هذه الخطط، حيث أعرب في مقابلة مع "تايم" عن تفضيله للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع إيران بدلًا من دعم هجوم عسكري.
ومع ذلك، أشار ترامب إلى أنه سيترك القرار النهائي لإسرائيل، مؤكدًا أنه "يفضل التفاوض على إلقاء القنابل"، لكنه حذر من أنه إذا فشلت المفاوضات، فقد "يقود الهجوم" ضد إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي. هذا التصريح يكشف عن التوازن الدقيق بين الدبلوماسية والخيارات العسكرية في التعامل مع البرنامج النووي الإيراني.
في سياق متصل، أوضح التقرير أن التوترات بين إسرائيل وإيران تصاعدت بعد هجمات متبادلة. فقد نفذت إسرائيل ضربات جوية على مواقع عسكرية إيرانية في أكتوبر 2024، ردًا على هجوم إيراني بأكثر من 180 صاروخًا باليستيًا على إسرائيل، والذي جاء بدوره كرد على اغتيال قادة بارزين في حماس وحزب الله. هذه الضربات أضعفت الدفاعات الجوية الإيرانية، مما جعل إيران في موقف عسكري ضعيف، وفقًا لتقارير استخباراتية أمريكية نقلتها "تايم". ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن إسرائيل تجنبت استهداف المنشآت النووية أو البنية التحتية النفطية الإيرانية، بناءً على طلب الولايات المتحدة، لتجنب تصعيد قد يؤدي إلى حرب إقليمية شاملة. هذا القرار يعكس تأثير الضغوط الدبلوماسية الأمريكية على استراتيجية إسرائيل.
على صعيد المفاوضات، أفادت "تايم" بأن الولايات المتحدة وإيران بدأتا محادثات في مسقط بعمان بين المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس أراغتشي. هذه المحادثات، التي وصفها متحدث باسم الخارجية الإيرانية بأنها "صعبة ولكن مفيدة"، تهدف إلى الحد من البرنامج النووي الإيراني. ومع ذلك، تظل الخلافات قائمة، مما يزيد من احتمالية قيام إسرائيل بضربة استباقية إذا شعرت أن المفاوضات لن تحقق أهدافها. وتشير التقارير إلى أن إسرائيل ترى في الوضع العسكري الضعيف لإيران فرصة لتوجيه ضربة قد تعطل برنامجها النووي، على الرغم من المخاطر التي قد تنجم عن ذلك، بما في ذلك رد فعل إيراني قد يشمل استهداف بنى تحتية مدنية في إسرائيل أو دول حليفة.
يضع التصعيد على حافة نزاع أوسع، خاصة في ظل الدعم الأمريكي المستمر لإسرائيل، كما أكدته تصريحات الرئيس بايدن السابقة بأن التزام الولايات المتحدة تجاه إسرائيل "ثابت كالصخر" ضد إيران. ومع ذلك، فإن التحذيرات الأمريكية من استهداف المنشآت النووية أو النفطية تظهر رغبة في احتواء الصراع. وفقًا لـ"تايم"، فإن أي هجوم إسرائيلي قد يتطلب دعمًا أمريكيًا، سواء في شكل تزويد بالوقود الجوي أو معلومات استخباراتية، مما يجعل الولايات المتحدة طرفًا أساسيًا في أي عملية عسكرية محتملة. هذا الوضع يبرز التحديات المعقدة التي تواجهها إسرائيل في اتخاذ قرار قد يغير ديناميكيات المنطقة.
علاوة على ذلك، أشار تقرير "تايم" إلى أن إسرائيل تعتمد بشكل كبير على المعلومات الاستخباراتية الأمريكية لتحديد أهدافها المحتملة في إيران، خاصة في ظل التحديات اللوجستية التي تواجهها القوات الجوية الإسرائيلية للوصول إلى مواقع نووية مدفونة بعمق. ومع ذلك، فإن التقرير يشير إلى أن إسرائيل قد طورت قدراتها العسكرية بشكل كبير، بما في ذلك طائرات مقاتلة متطورة وقدرات إعادة التزود بالوقود جوًا، مما يجعلها قادرة على تنفيذ ضربات بعيدة المدى. هذه القدرات تعزز ثقة إسرائيل في إمكانية تنفيذ هجوم، لكنها تزيد من مخاطر التصعيد إذا لم تتم إدارة الرد الإيراني بعناية.
من ناحية أخرى، يبرز التقرير الدور الحاسم للدبلوماسية الدولية في منع تصعيد كارثي. فقد أكدت مصادر دبلوماسية أن دولًا مثل عمان وقطر تسعى لتسهيل الحوار بين إيران والولايات المتحدة لتجنب الصراع العسكري. ومع ذلك، فإن استمرار الخطاب المتشدد من قبل القادة الإسرائيليين، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي وصف إيران بأنها "التهديد الأكبر" لأمن إسرائيل، يعقد جهود التهدئة. هذا الخطاب يعكس استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى تبرير أي عمل عسكري محتمل باسم الدفاع عن النفس، مما يثير مخاوف من أن أي خطأ في الحسابات قد يؤدي إلى نزاع إقليمي طويل الأمد.